|
يوماً بعد آخر يصبحُ من الصعب على الولايات المتحدة الأمريكية الاستمرارُ في التخفّي خلف أدواتها في العدوان على اليمن، لتظهرَ سافرةً بمسؤوليتها المباشِرةِ عن كُـلِّ ما يجري في اليمن من دماء ودمار وحصار على مدار سبع سنوات.
بدءاً من الدعم العسكري المطلق لتحالف العدوان بالأسلحة والعتاد والذخائر والتدريب والمعلومات والاستخبارات، إلى إدارة غرف عمليات العدوان براً وبحراً وجواً، والمساعدة في اختيار الأهداف، مُرورًا بالدعم السياسي واستصدار قرارات دولية لتبرير العدوان أَو فرض العقوبات الاقتصادية وغيرها على أشخاص وجهات؛ بغرض تشديد الحصار والضغط الإنساني.
الدعم الأمريكي للسعوديّة في عدوانها يرقى إلى مشاركة مباشرة في العمليات العسكرية، لا سِـيَّـما عندما يتساقط عدد من طائرات التجسس الأمريكية من مثل أم كيو9، المتقدمة في أجواء مأرب، وغيرها، بواسطة الدفاعات الجوية للجيش واللجان الشعبيّة، وهي الطائرات التي تعمل حصراً لصالح الجيش الأمريكي، وتدارُ مباشرةً من ضباط أمريكيين.
وكـدليلٍ حديثٍ على التورط الأمريكي المباشر إلى جانب تحالف العدوان، جاءت الرسالةُ التي بعثها البيتُ الأبيض مؤخّراً للكونجرس الأمريكي واعترف فيها بتواجُدِ قواتٍ أمريكية على الأرض في اليمن، وإن كان يبرَّرُ ذلك بعناوين ما يسمى مكافحة الإرهاب، وهي الرسالة التي تكشفُ زيفَ ادِّعاءات إدارة بايدن وقفَ دعمها للعمليات العسكرية السعوديّة الهجومية في اليمن.
ولا يتوقف الدعم الأمريكي هنا، بل يصل بها الحال إلى التبنّي المكشوف للمطالب والشروط السعوديّة وربط المِلفات الإنسانية لمقايضتها بالمِلفات العسكرية والسياسية ومحاولة الحصول بالسياسية على ما لم يحصلوا عليه بالحرب، وهي الجهودُ التي يديرُها المبعوثُ الأمريكي الخاص إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ، منذ تعيينه، وقد تحدث صراحةً عن تبنّي وجهة النظر السعوديّة لتعريفِ السلام ووقف إطلاق النار، بصيغة أقلُّ ما توصف به أنها صيغةٌ للاستسلام وليست للسلام.
عملياتُ تحرير مأرب المتواصلة هي التي أخرجت ما تكتَّمت عليه واشنطن طوالَ سنوات من الأهداف الخفية والأطماع الحقيقية في السيطرة على الثروة والطاقة في اليمن ومنع اليمنيين من الحصول على حقهم والاستفادة من ثرواتهم، لتبقى هذه الثرواتُ نهباً للقوى الخارجية على يد حفنة من المرتزِقة والخونة الذين يقبلون منها بالفتات.
ومن موقع المعتدي المجرم الذي لا يحق له الحديث عن السلام، تسعى واشنطن بخطى حثيثة ومراوغة لإنقاذ أدواتها ومرتزِقتها في مأرب تحت عناوين وقف إطلاق النار، واضعة شروطاً تبقي الشعب اليمني لا ينفك عن حالة الحرب العدوانية والحصار الظالم.
صحيحٌ أن الخطابَ الأمريكي والسعوديّ قد تغير، وأصبح يتحدث عن وقف إطلاق النار والسلام، وفتح المطار والميناء، بدلاً عن لغة الاجتثاث وخطابات الاقصاء، لكنها شعارات زائفة تغلف بداخلها مكراً وخبثاً، والكثير من المغالطات، ومحاولة التخفُّف من ضغط الرأي العام العالمي، من جهة، والهروب من الهزيمة بتبني مبادرات، من جهة ثانية، ظناً منهم أن مثل هذه المبادرات البائسة يمكن لها أن تحسّن صورتَهم المشوهة أَو تحفظَ ماءَ وجههم المراق، وهيبتَهم المفقودةَ تحت أقدام المجاهد اليمني الحافي.
التغيُّر الشكلي بالخطاب ما كان له أن يحصل إلَّا تحت وَقْعِ الانتصارات واستعادة الإمساك بزمام المبادرة الميدانية بيد الجيش واللجان الشعبيّة والإنجازات الميدانية المتتالية في العمليات العسكرية النوعية التي خلطت أوراقَ واشنطن وضيّقت خياراتها، ولن يقبلَ اليمنيون إلَّا عندما يتغيَّرُ الخطابُ شكلاً ومضموناً، وتكُفُّ واشنطن والرياض عن التدخُّل وفرض الإملاءات ومحاولات الهيمنة.
في الثلاثاء 22 يونيو-حزيران 2021 07:27:31 م