|
تعيد المشاهد التي بثتها قناة المسيرة يوم أمس الأول للمجاهد البطل الشهيد (أبو فاضل طومر)، وهو يخترق صفوف العدو بين زخات الرصاص والقذائف ويغامر بالمدرعة الأولى ويعود سالماً برفقة المجموعة الأولى من الجرحى ثم يذهب ثانية على متن طقم آخر وبعد عودته بالدفعة من الجرحى المحاصرين ، يأخذ المدرعة الثالثة لنقل من تبقى فيسقط شهيداً مضرّجاً بدمائه ، طرح حقائق الثقة واليقين والإيمان بالله في مشهدية حربية باسلة ، لا تحسب من باب البطولات فحسب ، بل هي “معجزة” تجسّد في الواقع الإيمان بالله كيف يجعل من الإنسان في خط النار شيئاً آخر ، كيف يعيد الإيمان بالله تشكيل الإنسان وخلقه من جديد في اللحظات الحرجة التي يلزمها الموقف ، كيف يمنح الله القوة للإنسان في لحظة مصير يصير بها جبهة حصينة مدرعة ، و(أبو فاضل) كان مدرعاً بالإيمان محاطا برعاية الله تحرسه الملائكة من الرصاص..حتى أنجز مهمته وانتهى منها..وسقط مضرّجاً بدمائه شهيداً مسجلاً شيئاً معجزاً لو لم تسجله الكاميرا لما استوعبه عقل ولا صدقه بشر.
ما هي العقيدة القتالية والعسكرية التي يمكن أن تصنع مقاتلا كـ(أبو فاضل طومر) في شجاعته وبسالته ، وما هي المدارس والكليات والأكاديميات العسكرية التي يمكن أن تصنع بطلاً مقاتلاً محترفاً كهذا يخترق الرصاص ولا تخترقه يذهب ويعود مراراً والنيران مصوّبة تجاهه من كل جانب ولا تصيبه طلقة واحدة..غير هدى الله وعقيد الإيمان به ، غير مدرسة القرآن المثلى التي أخرجت للبشرية أبطالاً صاروا مضارب الأمثال في القوة والبأس وحصانة الأجسام..(علي) و(الحمزة) ومن آل البيت الكثير ومن شيعتهم الألوف كذلك.
ليست قوة مادية تلك التي تدفع هذا المقاتل الجسور ليتحرك بتلك السرعة وذلك النفاذ وسط العدو وبين النيران المكثفة غير مكترث بالنيران التي تنهال عليه من كافة الجوانب ، فيذهب ثم يعود ويذهب ثم يعود ثم يذهب ويصنع ذلك الموقف بتلك السلاسة والبساطة..بل هي قوة روحية مصدرها الله جبَّار السماوات والأرض.
وليست قوة مادية تلك التي جعلت (أبو فاضل) يتحرك وسط الرصاص والقذائف لمرات عدة ذهاباً وإياباً لا تصيبه كأنه مدرعٌ بواقٍ حديدي ضد الرصاص ، بل هي قوة إلهية من الله الغالب على أمره ، قوة لا تنضب ، ولا تُغلب ، ولا تهزم ، وقوة الله أقوى من مدافع الظالمين وصواريخهم وكل ما يمتلكون.
من دَرَّعَ وحَصَّنَ (أبو فاضل طومر) من الرصاص والقذائف ، رغم كثافتها وانهيالها عليه من كل الجوانب لم تُصِبْه بأي أذى حتى أنجز المهمة وخرج من المدرعة بعد إعطابها في مشواره الثالث..ليست قوة مادية من الحديد مثلاً، ولا هو ذكاء أو تكتيكاً عسكرياً استخدمه الشهيد العظيم في ذهابه وإيابه ، ولا هي الصدفة المحضة..بل هو الله الذي منح (أبو فاضل) قوة لا يمنحها إلا لمن يشاء من عباده المتقين المؤمنين ، وقوة الله مطلقة لا تَفِتُّ فيها قوة الحديد والنار.
مشهد (أبو فاضل) يعيدنا لمشاهد سبقت ، لذلك المجاهد الذي حمل الجريح على كتفه وأخرجه بين زخات الرصاص ووابل القذائف ، وذلك الذي واجه بالحجارة التي قتل بها وأصاب أعداداً من المنافقين ، وغيرها من المرويات ومما لم يرو ، وكلها تجسد لنا عظمة هذه المسيرة العظيمة ، عظمة يعكسها المجاهدون في سلوكهم ،في شجاعتهم ، في إيمانهم ، في ثباتهم ، في أُخوَّتِهم ، في فدائهم لبعضهم ،في علاقاتهم مع بعضهم ، في منطقهم ، في وعيهم ، في كل حركاتهم وسكناتهم..نسأل الله التوفيق لأن نكون منهم.
هناك قوة إيمانية لا تنضب ولا تهزم لا بالرصاص ولا بغيرها ، هي من تحرك المقاتل في سبيل الله ،وهي من تجعله مدرعاً من الرصاص والصواريخ والغارات ، الله هو من يمنح هذه القوة لعباده الذين يقاتلون في سبيله ويقدمون أرواحهم ودماءهم رخيصة..والمَشَاهد المجسّدة كثيرة، شاهدنا أكثر من موقف لمجاهدين جسدوا آيات الله الكبرى وحقائق عظمة الله وقوته ، ما يحرك (أبو فاضل) وسط كثافة النيران الموجهة نحوه هو إيمانه بالله ، ما يحتمي به (أبو فاضل طرموم) من الرصاص والقذائف المنهالة عليه هو الله جلَّ وعلا وتقدَّس وتعالى سبحانه.
علينا أن نكون هذا المقاتل الشهيد العظيم ،بإيمانه ويقينه بالله بعظمته بقوته ، نحمل معناه في قلوبنا يقيناً يتجسد في تحركنا بثقة نقتحم الأخطار نداهم الموت ونخترقه ، لا الحياة بأيدينا ولا الموت بيد المعتدين ، وفي نهاية المطاف إن هو إلا نصر أو شهادة..وهل هناك مصير أعظم من أن نلقى الله شهداء في معركة يحتشد فيها الباطل من كل الأصقاع والأرجاء..والحق فيها لهو من أوضح الواضحات.
الإيمان بالله ، العمل بالتوكل عليه ، هي الحرية الكاملة والمطلقة وهي القوة وهي العظمة ، ليست الماكنة المادية من عتاد وسلاح وإمكانات مالية ولوجستية بل هي ماكنة الإيمان التي يصنعها الهدى ، تجعل الإنسان كالسهم ثابت المسار يمضي بتوازن وثبات بين الرصاص والقذائف والأخطار.
(أبو فاضل) وسائر المجاهدين الكرام في جبهات العزة والكرامة يحققون الانتصارات على قوى البغي والتحالف وهو الذي يملك عتاداً وسلاحاً وجيوشاً وإمكانات عسكرية وتكنولوجية وتجسسية وأسلحة ذكية موجَّهة وغيرها مما لا يمكن الحديث عنه في هذا المقام ، ويجسَّدون بذلك وعد الله ” وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ”
ففيما يقاتل العدو بقوة العتاد والعدة ، يقاتل المجاهدون بقوة الإيمان بالله وبه ينتصرون في مواجهة العدوان الأمريكي السعودي التحالفي الباغي على اليمن.
(أبو فاضل طومر) ذاب في الله إيماناً وحباً وعشقاً، امتلأ قلبه بحب الله ، كان الله هو الهدف والغاية والمرتجى ، هذا هو سر (أبو طومر) ، وهو ما عبَّر عنه ببطولته عن عمق علاقته بالله ، وتلك العلاقة هي سر كل التميُّز الخارق للعادة الذي رأيناه في مشهد الأمس.
في الأحد 27 يونيو-حزيران 2021 09:42:03 م