|
في الثوابت الدينية الحقُّ واضحٌ والباطلُ واضحٌ، وفي الثوابت الوطنية الحلال بيِّنٌ والحرامُ بيِّنٌ، وفي الثوابت الإنسانية الصواب مكشوفٌ والخطأ مكشوف، وليس بين أيٍّ من الثوابت هذه ونقيضها أيةُ متشابهات، اللغط الذي يصنع المتشابهات في الثوابت تخلقه مصالح وأطماع الأنظمة السياسية، والسبب في تفشي اللغط وصناعة المتشابهات في الثوابت هو عدم وجود التحليل السياسي الموضوعي الواضح والبين والمكشوف عن طبيعة النظام الحاكم وانتماءاته الفكرية وتوجّـهاته السياسية، وهذا هو أحد أهم الأسباب في تشويش الهُــوِيَّة الإيمانية وَارتباك الحركة الوطنية وانعدام التفاعل الإنساني في التعامل مع النظام من البداية، وَاستمرار عدم وجود التحليل السياسي الموضوعي، أَو تجاهله، أَو تهميشه، أَو رميه في سلال الزبالة والجهالة هو النذالة، يعني الاستمرار في حفر مستنقع السلبية والتخاذل حتى يسقط الجميع في وحل سوء الرؤية..
إن التحليل السياسي الموضوعي لا تصنعه منشورات وأحاديث الغزل وَلا الشجب ولا الندب ولا الحزن ولا البكاء ولا النيات الحسنة أَو السيئة، وَالرؤية الوطنية الصحيحة لا يصنعها الانفعال ولا الافتعال ولا الاختزال ولا الهزل في موقع الجد، وَالتاريخ المشرف للإنسان لا يصنعه الصمت كمداً ولا الصراخ والعويل ولا هراء الأغاني ولا الأكاذيب ولا التعلق بالأحلام والأوهام، التحليل السياسي الموضوعي تصنعه ثوابتُ الوعي ببطولات الصبر والتحدي والتضحيات والدماء والشهداء، والرؤية الصحيحة تصنعها ثوابت القيم والأخلاق والعادات والتقاليد السامية في المجتمعات، والتاريخ يصنعه مشروع تحرّر واستقلال الشعوب وإرادتهم وأياديهم الممسكة ببنادق القتال ومناجل الزرع ومطارق المصانع..
لقد هربت أمريكا من أفغانستان وتركت خلفها عملاءها فريسة لقوات طالبان، كما فعلت من قبل في فيتنام، وكما ستفعل من بعد اليوم في اليمن، يعني أننا في نهايةِ مرحلةِ سقوط دول الاستكبار العالمي ومعها أنظمة الارتهان العربي وعلى يدنا نحن أبناءَ اليمن، سوف يسقطون بكل تبعيتهم وتآمرهم على حقوق وسيادة بلدنا وعلى الأُمَّــة العربية والإسلامية، وتحالفاتهم المخزية مع الأعداء الصهاينة ضدنا، وقهرهم وقمعهم لشعوب الأُمَّــة كلها، وبسقوطهم سيسقط معهم مجتمع تحليلاتهم الإعلامية والسياسية وَالمدنية بأحزابه ونقاباته ومنظماته وروابطه وطوائفه وتوجّـهاته الصهيونية..
نعم، نحن على أبواب مرحلة عالمية جديدة، نحن أبناء الشعب اليمني بقيادة إيمان وثبات وحكمة ورُشد رجال أنصار ربي، واليوم هناك من يغلق هذه الأبواب على أصابعنا، بينما يجب أن يكون تحليلنا السياسي موضوعياً ومقبولاً وواضحاً وبيِّناً ومكشوفاً، يجعل وعينا هو سلاحنا، وقيمنا هي رصاصنا، ومشروعنا هو الذي يحدّد لنا الهدف، نحن على أعتاب المواجهة مع نظام عالمي جديد، ويجب أن نسعى إلى التخلص من قيود التحليلات السياسية غير الموضوعية، التي فرضها على عقولنا مجتمع ومنظمات وإعلام وساسة النظام العالمي الذي يقتلنا ويحاصرنا ويحتل بلدنا ويدمّـر أمتنا.
علينا أن نستعد روحيًّا وفكريًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا حتى لا تداهمَنا الأحداث ونحن ما زلنا مشتبكين في صراعاتنا الداخلية اللئيمة والساذجة وَالمدمّـرة.
في السبت 10 يوليو-تموز 2021 07:37:16 م