جروندبيرج.. هل يبدأ مهمته من الاعتراف الاخير ل”جريفيث”..!
نصر القريطي
نصر القريطي

يقولون ما لا يفعلون.. ويعدون بما لا يسيرون فيه.. ويوهمون العالم كله بأنهم مبعوثو سلامٍ فيما هم في الحقيقة أدواتٌ لإطالة أمد الحرب باعترافهم.. هؤلاء هم مبعوثو السلام الأمميين في بلادنا لا يقولون كلمة الحق إلا على وقع الرحيل لكنهم يتجاهلونها ويقفزون فوقها حينما يكونون في موقع المسئولية..

أسبوعٌ واحدٌ يفصلنا عن الموعد المفترض لتسلم المبعوث الاممي الجديد لمهامه خلفاً للبريطاني مارتن غريفيث الذي لا يزال السؤال حول سبب تغييره واستبداله بمبعوث جديد معلقاً وبلا ملامح اجابة واضحة أو مقنعة..

التفسير المنطقي الوحيد المتوفر حتى الآن لهذه الخطوة ان استبدال النسخة البريطانية من المبعوث الأممي بالنسخة السويدية – ان لم يكن اعترافاً بفشل غريفيث فانه – يعكس بجلاء الرغبة الاممية والدولية في تمديد الحرب في اليمن تحت يافطة تجديد الآمال الكاذبة للبحث عن سراب السلام..

من جمال ابن عمر إلى اسماعيل ولد الشيخ الى مارتن غريفيث لم يقم هؤلاء بأكثر من إدارة عملية الفوضى التي يدّعون أنها عملية السلام..

خارطة سلامٍ تتلوها أخرى طريقها دهاليز الأمم المتحدة وميدانها وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لكن لا أثر لها على الأرض لأنها بنودها تكتب بما يوافق هوى قوى العدوان وارادتها..

لا يتذكر مبعوثو الأمم المتحدة في بلادنا وغيرها من البلدان الساخنة المهمة الحقيقية التي عينوا من أجلها إلا ساعة الرحيل وفي الإحاطة الأخيرة لهم في مجلس الأمن..

أما خلال فترة عملهم فإن كل ما يقومون به هو نسج خيوط بيوت العنكبوت لخارطات السلام الواحدة تلو الأخرى.. وهل هناك أوهن من بيت العنكبوت..!

في احاطته الأخيرة بمجلس الأمن وكسابقيه قال البريطاني مارتن غريفيث أن “الحرب في بلادنا طالت أكثر من اللازم وأنه يجب أن تنتهي الآن..

ووفقاً لما نقلته عنه “إذاعة الأمم المتحدة” فإن وقف إطلاق النار سيسمح بعملية سياسية شاملة لأن هناك 5 ملايين شخص على بعد خطوة من المجاعة..

اليوم فقط يا مارتن غريفيث شعرت بأن الحرب طالت أكثر من اللازم.. وهل هناك مدةٌ معينة في ذهنيتك للحرب على الشعوب والأمم..

اليوم فقط تذكرت أيها المبعوث البريطاني وليس الأممي أن الحرب طالت أكثر من اللازم ولو أن الأمم المتحدة مددت مهمتك لسبع سنينٍ أخرى ما رأيت أن في هذا أي إطالةٍ لأمد هذه الحرب..

أيُّ عقليةٍ هذه التي يُرسل بها هؤلاء المبعوثون فتجعلهم حريصون على إطالة آماد الحروب بدلاً من العمل على تحجيم آثارها ولملمة أبعادها وتقليص مددها ما أمكن..!

يضيف البريطاني مارتن غريفيث في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن كمبعوث للأمين العام للأمم المتحدة إلى بلادنا أنه لا بد من فتح ميناء الحديدة ومطار صنعاء دون أي قيود أو شروط..

كلامٌ ليت أننا سمعناه في احاطاتك السابقة فعلى الرغم من تكرارك لهذه الاسطوانة إلا أنك لم تكن على الإطلاق تنسب عرقلتها لقوى العدوان التي تحاصر اليمن وموانئه ومطاراته دون أي سببٍ أو مسوغٍ فكل الرحلات وتحركات السفن وناقلات النفط قد منحت أُذوناً مسبقةً من الأمم المتحدة فلم يعد هناك مبررٌ لهذه الحرب الاقتصادية والحصار اللا انساني واللا أخلاقي على شعبٍ وأمة..

يضيف غريفيث بأن المانيا وسويسرا ستستضيفان قريباً مؤتمراً لدعم اليمن..

يقيمون المؤتمرات ويجمعون ملايين الدولارات ثم تعلن منظماتهم العاملة في بلادنا إغلاق الكثير من برامجها الانسانية بسبب نقص التمويل أو نتيجة لرفض المانحين الالتزام بتعهداتهم التي قطعوها..

كذبةٌ تتلوها أخرى ودجلٌ يتلوه دجل وكله باسم السلام والوساطات والمبعوثيات الأممية والدولية..

ضميرٌ معطّلٌ وشعورٌ بالإنسانية والرحمة معلَّقٌ حتى إشعارٍ آخر.. هؤلاء هم مبعوثو السلام في بلادنا..

ألسنتهم مع السلام في وسائل الإعلام بينما احاطاتهم في مجلس الأمن وخلف كواليس ودهاليز الأمم المتحدة تنحاز لقوى العدوان ومشاريع الأمريكان..

بل أكثر من ذلك لا يتحرك المبعوث الأممي تلو الآخر في خارطة سلامه المزعومة إلا بعد أن يمر بعواصم العدوان ليس لإتاحة الفرصة أمام محادثات السلام بل من أجل أخذ الإذن من أمراء الحرب والاستماع لإملاءتهم وعكسها في خرائط فشلهم وعجزهم تحت يافطة السلام..

لا سلام في اليمن على الصعيد الاممي والدولي إلّا بوضع اصبع الاتهام في عين عواصم الحرب وامراء العدوان تمهيداً لعملية سياسية تفاوضية تحمل ولو جزءاً معقولاً من الجدية في انهاء الحرب.. وإلّا فإن ردع هذا العدوان ونقل المعركة الى داخل العمق السعودي والإماراتي هي الكيُّ الذي لابد منه لمعالجة امراض قوى العدوان..

عندها سيضطر ابن سلمان وابن زايد وزبانيتهم الى اللجوء الى السلام اضطراراً وليس برضاهم وليس امتثالاً لسلامٍ امميٍ لم يعرف الجدية طيلة سبع سنين من الحرب الملعونة على اليمن..

سيتسلم المبعوث الاممي الجديد مهمته في بلادنا وهو حتى الآن لا يظهر في جعبته اجندة مختلفة لمسارات اسلافه ناهيك عن امتلاكه لخارطة سلامٍ جديّةٍ لم نرى لها اثراً في مهمات من سبقوه.!

 

* نقلا عن : السياسية 


في السبت 28 أغسطس-آب 2021 08:59:50 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=4166