هل يخشى السعوديون من تخلٍّ أمريكيٍّ وشيكٍ عن الرياض..!
نصر القريطي
نصر القريطي

من يعتمد على غيره في حماية نفسه فإنه لن يذوق طعم الأمان.. هكذا علّمنا التاريخ وهكذا جرت نواميس الله في هذه الأرض.

منذ زرع السعودية في أرض الحرمين على يد الاستعمار البريطاني وهذا الكيان الغاصب يعتمد على الأمريكان والغرب ليس في حماية نفسه فحسب بل في الاستقواء على جيرانه والتهام أراضيهم.

حدثان طارئان في علاقات واشنطن بحليفتها السعودية شهدهما الأسبوعين الأخيرين يمكن أن يعبرا عن طبيعة التغير في العلاقات بين الحليفين.

في هذا السياق ذكرت “وكالة اسوشيتد برس” أن واشنطن أقدمت مؤخراً على سحب بعض منظوماتها الدفاعية المتطورة من السعودية بما في ذلك بطاريات صواريخ “باتريوت” ومنظومة “ثاد” الصاروخية الحديثة.

ووفقاً للوكالة الأمريكية فإن واشنطن قامت قبل اسبوعين بإخلاء أحد القواعد العسكرية الأمريكية بالقرب من قاعدة الأمير سلطان الجوية والتي تضم 2500 جندي أمريكي.

تأتي هذه الخطوة على وقع ملحمة “الانسحاب الأمريكي المُذِل” من افغانستان والتي جعلت سمعة الأمريكان العسكرية في الحضيض وهو ما بات يوصف في الصحافة الأمريكية والغربية بـ”الهروب الكبير”.

يضع هذا التحرك العسكري الأمريكي الطارئ تجاه المملكة الكثير من علامات الاستفهام حول طبيعة العلاقات العسكرية بين واشنطن والرياض في هذه المرحلة وهل ما زال الأمريكان ملتزمون بذات القدر بالدفاع عن أمن الحليف السعودي خصوصاً وقد شهدت الفترة الأخيرة العديد من التصريحات والتلميحات الأمريكية إلى أن واشنطن ستلتفت لمصالحها في كل بقاع العالم ولن تظل الحارس الأوحد على أمن الخليج.

سعودياً يقف أمراء آل سعود على “قرن ثورٍ” كما يقال وأيديهم على قلوبهم خشية تخلي الأمريكان عنهم.

على هذا الصعيد دعا رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق “تركي الفيصل” واشنطن إلى عدم سحب منظومتها الصاروخية الدفاعية من المملكة مطالباً الولايات المتحدة بتجديد التزامها بالدفاع عن أمن الرياض كما قال.

وفي مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الإخبارية قال “الفيصل” “أظن أننا بحاجة للاطمئنان بشأن الالتزام الأمريكي في هذا الإطار”.

وأضاف أن الالتزام يتمثل “على سبيل المثال بعدم سحب صواريخ باتريوت من السعودية في الوقت الذي (تقع) فيه السعودية ضحية لهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة ليس فقط من اليمن بل من إيران أيضا على حد قوله.

مخاوف رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق ووضوحه في مطالبة واشنطن بعدم التخلي عن حليفها السعودي تؤكد أن الماء بين الحليفين قد تعكر وأن الرياض تدرك تماماً تراجع الاهتمام الأمريكي بأولوية الدفاع عن المملكة في وجه التهديدات التي جلبتها على نفسها.

“الفيصل” لم يكتف بالتلميح لعدم قدرة المملكة على التخلي عن المساعدة الدفاعية الأمريكية حيث قال في مقابلته مع الشبكة الأمريكية إن سحب صواريخ باتريوت من السعودية “ليس مؤشرا على حسن نية أمريكا المعلنة لمساعدة السعودية بالدفاع عن نفسها ضد الأعداء الخارجيين”.

وأضاف أن السعودية تفضل المساعدة الأمريكية وأنه يتعين على الولايات المتحدة النظر بجدية بشأن إظهار دعمها للشرق الأوسط في المرحلة الراهنة لا سيما في أعقاب الانسحاب الفوضوي لواشنطن من أفغانستان كما قال.

سحب منظومات الدفاع الصاروخي الأمريكي من المملكة ليس المؤشر الوحيد على تغير أولوية الدفاع عن السعودية أمريكياً فقبل أقل من أسبوع قام وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن بجولة خليجية شملت قطر والكويت والبحرين واستثنى السعودية من هذه الزيارة على الرغم من أن الرياض دائماً ما تكون على قائمة العواصم التي يحط المسئولون الأمريكان رحالهم فيها.

ونقلت وكالة “فرانس برس” عن مسئول في البنتاجون تأكيده بأن الزيارة أُرجئت إلى أجلٍ غير مسمى بسبب تعقيداتٍ تتعلق بالجدول الزمني.

هذا التجاهل الأمريكي في زيارة وزير الدفاع الأمريكي للمنطقة بالإضافة إلى سحب جزءٍ من منظومة الدفاع الصاروخي الأمريكي من المملكة يبعث رسائل هامةٍ للرياض وحلفاءها وأعداءها على السواء بأن التحالف الأمريكي السعودي قد اهتز وأن الدفاع عن المملكة لم يعد أولوية بالنسبة لواشنطن.

يقول “كريستيان أولريتشن” الزميل الباحث في معهد جيمس بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس إن: “التصور المهم هو أن المملكة السعودية ترى الآن أن ثلاثة رؤساء أمريكيين متعاقبين هم أوباما وترامب وبايدن اتخذوا ويتخذون قرارات تدل الى حدٍّ ما على تخلٍّ أمريكي عن الرياض”.

بات الالتزام الأمريكي بالدفاع عن المملكة هاجساً يؤرق أمراء آل سعود في ظل تكاثر المؤشرات على تراجع هذا الالتزام ومخاوف الرياض من أن تترك وحيدة في وجه الأعداء الذين اختلقتهم منذ تأسيسها.

 

* نقلا عن : السياسية 


في الأحد 12 سبتمبر-أيلول 2021 08:09:21 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=4221