|
كل الدول و الشعوب والأوطان تتعرض لأزمات ولمآسٍ وحروب ، ولأسباب متعددة ، سياسية اقتصادية ، دينية …الخ ، منها من يفشل في مواجهتها، فتتغلب عليه وينهزم ، ومنها من يثبت وينجح، فيتغلب عليها وينتصر، وفي الحالتين، مع الهزيمة أو مع الانتصار، تبقى هناك عبر ودروس، تكتسبها هذه الشعوب وتستفيد منها أجيالها اللاحقة في المستقبل، طبعاً.. بنسب مختلفة، ترتبط بالأساس بقدرات وبإمكانيات تلك الشعوب، الفكرية والثقافية … الخ .
الشعب اليمني مثله مثل أغلب هذه الشعوب، تعرض خلال تاريخه، للكثير من الحروب والاعتداءات ، وأهم هذه الاعتداءات، يبقى العدوان الأخير الذي شنته قوى عربية جارة، مدعومة بقوى غربية استعمارية، تحت عنوان « تحالف «عربي»، ولأهداف علنية خادعة وكاذبة، هي في حقيقتها أطماع تاريخيةٌ باليمن وبموقعه وبثرواته .
هذه الحرب التي شُنت على اليمن، بررتها دول العدوان بأنها لإعادة الشرعية والتوازن السياسي إلى اليمن، بعد ثورة 21 سبتمبر، والتي أطاحت بزمرة سياسية كانت تحكم اليمن بذهنية الفساد واللاعدالة ، تدعمها أطراف خارجية، بعد أن ارتهنت لها وسلمتها سياسة وقرار اليمن.
من هنا انبثقت ثورة 21 سبتمبر المجيدة، التي قدمت لليمن، شعباً ودولة وجيشاً ووطناً الكثير من الإنجازات والدروس والعبر، قد لا نجد في تاريخ الشعوب والأوطان ما يماثلها.
– ثورة 21 سبتمبر أوقفت مسار الارتهان للخارج، ووضعت اليمن على سكة الدولة السيدة صاحبة القرار الحر.
– فتحت فرصة الاستفادة البديهية من ثروات البلاد الطبيعية ،بعد أن كان استخراج تلك الثروات مقيداً لمصالح دول إقليمية حدودية مع اليمن .
– خلقت الفرصة المناسبة لتطوير جيش مقاتل، يملك عقيدة عسكرية واضحة.
– انطلاقاً من ثورة 21سبتمبر، والتي جاء العدوان على اليمن بسببها ، تم اكتشاف قدرات أبناء اليمن الحقيقية، في الصمود والقدرة على الثبات والدفاع عن الأرض والحقوق
في التكتيك والمناورة والقتال والمواجهات العسكرية بمختلف أشكالها وفي الصمود الاقتصادي والاجتماعي بمواجهة حصار واسع وقاسٍ وظالم.
– الثورة خلقت الفرصة لتطوير قدرات نوعية استراتيجية، من صوا يخ باليستية وطائرات مسيرة ومنظومات دفاع جوي ، تماثل ما تملكه الدول والجيوش المتطورة من فعالية ومن مميزات ، وهذا التطوير فوق الطبيعي تحقق من خلال اتجاهين :
أولاً : الحاجة ، فبسبب ضراوة العدوان ومستوى ما يملك من قدرات عسكرية ضخمة، كانت حاجة اليمنيين لامتلاك قدرات نوعية ، تؤمن توازناً عسكرياً بالحد الأدنى ، فعملوا جاهدين بما يملكون من علم وذكاء وثقافة وتوصلوا لامتلاك تلك القدرات.
ثانياً : من خلال الحرب التي ناهزت ٦سنوات ، والتي توزعت على كامل جفرافية اليمن تقريباً، كانت المواجهات أشبه بحقل مناورات وتجارب حية ، تم فيه تجربة الأسلحة والعمل على تطويرها مباشرة في الميدان .
– أما في البعد الإستراتيجي، فكانت الثورة ( 21 سبتمبر ) نقطة انطلاق للانخراط في معركة محور المقاومة ضد العدو الاسرائيلي وضد إطماع الدول الإقليمية والغربية بثروات اليمن الطبيعية أولاً ، وبموقعه الاستراتيجي المؤثر في اغلب الملفات الحساسة إقليمياً وحتى دولياً…
ستبقى ثورة 21سبتمبر المجيدة نقطة مفصلية في تاريخ اليمن والمنطقة، وستبقى منارة لكل دول وشعوب العالم، لما قدمته من إنجازات لن تمحى من تاريخ اليمن والعالم .
*عميد متقاعد في الجيش اللبناني
في الخميس 23 سبتمبر-أيلول 2021 07:21:21 م