قراءة في مقال «الثأر والثورة»
عفاف محمد
عفاف محمد
شدني كثيرا من بين المقالات عن ثورة 26 سبتمبر مقال للأستاذ عبدالملك العجري، عضو المكتب السياسي وفريق الحوار الوطني، بعنوان "الثأر والثورة في ثورة 26 سبتمبر".
وكان مقاله نابعاً عن وعي وعن ثقافة تاريخية واسعة، وعن استقراء منطقي لمراحل متتابعة من مراحل التغيير في اليمن.
كان هذا المقال، بمساحته وبحقائقه المعرفية وكمية الوعي وأسلوبه البليغ ورصانة الأفكار وتسلسلها وكل معطياته، قد عبر عن الواقع بعين المنطق.
الثورة إن تحولت إلى ثأر اختلف مضمونها. هذا ما أراد إيصاله الكاتب، حيث شبه الفرق بين الثأر والثورة بالفرق بين الثأر والقصاص، وكل معنى منها يحرف المسار على حسبه، وجعل الكاتب لكل حالة تبعاتها.
ومما ذكره في مقاله أن ثورة الـ26 غلب عليها خطاب الثأر بدلاً من خطاب الثورة، وتغلب الثائرون على الثوريين عقب إعلان الثورة أهدافها الـ6، حيث تحولت الثورة بعد ذلك إلى صراع مفتوح غير قابل للحسم كما عبر الكاتب في مقاله.
بالفعل تلك الثورة ركزت على خصومة الإمام، وليس على المضامين السياسية والاجتماعية. ولم يكن السبب اعتراضهم على نظام حكم الإمامة، وإنما العداء الشخصي للإمام، والعمل على تقليص سلطته ونفوذه على القبائل والنظام.
وإن كان لا يوجد دولة تخلو من الاختلال، لكن بعد ثورة 26 سبتمير كان الإعلام والمناهج الدراسية قد رسمت صورة بشعة لأيام الإمام على أنه ظالم ومستبد، وتجاهلوا العديد من منجزاته ونشاط دولته في تحسين التعليم والتجارة والصناعة والزراعة واستجلاب خبراء خارجيين لاكتساب مهاراتهم وتطبيقها في اليمن للنهضة به.
نحن كجيل لم يعش تلك الأحداث ونشأنا على تعبئة خاطئة، توهمنا أن تلك الثورة إنما قامت ضد الظلم والطاغوت، وانبهرنا بالمنجزات التي تحققت بعد الثورة، والتي كان معظمها باجتهاد من الشهيد الحمدي، والذي أيضاً جهلنا مناقبه كرئيس دولة وطُمس تاريخه تماماً.
وكما ذكر الكاتب في مقاله أن ذكرى ثورة 26 سبتمبر باتت مناسبة موسمية لشتم وسب الدولة المتوكلية وكل ما له صلة بالهاشمية وخلق عواطف مشحونة بعواطف ثأرية.
حتى أن الأديب والشاعر الكبير البردوني (رحمه الله) تعجب من تلك الأفكار التي انتشرت، وصورها لنا المغرضون على أن اليمن لم يكن فيه أي تطور ولا أي نصيب من الثقافة والعلم إلا بعد ثورة 26 سبتمبر ومن بعد أن أنقذها جمال عبدالناصر وغيره، مما كانت فيه من جهل وظلم واستعباد!!
اليوم بعد أن كُشفت لنا معظم الحقائق علي يد أنصار الله يتجلى لنا أن ثورة 26 سبتمبر لم تنجز لنا استقلالية تامة، بل إننا كنا تحت وصاية خارجية ومن تحت الطاولة، وقرارنا لم يكن البتة بأيدينا، وإنما بأياد خارجية وهي التي كانت تسيّرنا.
اليمن اليوم دولة لكل اليمنيين، دون تمييز طائفي وعصبوي. كما أننا في ظل دولة عادلة نبذت الوصاية الخارجية وحوربت بشدة لأجل مطالبتها بالاستقلالية.
ولا بد بعد معرفة الكثير من الحقائق من أن نستطيع التفريق بين الثأر والثورة والتمييز بينهما.

في الجمعة 01 أكتوبر-تشرين الأول 2021 07:26:31 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=4312