|
إن الاحتفالات التي تُقام في شهر ربيع احتفاءً بذكرى المولد النبوي الشريف لهي من الأمور التي تزيد المسلمين قوةً وتماسكاً وتوحداً فيما بينهم، وتمسكاً بنبيهم صلى الله عليه وآله وسلم.
فهي – أي الاحتفالات – فرصةٌ مهمةٌ لتوحيد صفوف الأمة الإسلامية ولمَّ شملها، وفرصة – أيضاً – للعودة بها إلى الإسلام الحقيقي ومنبعه الصافي الذي لطالما سعت الوهابية – أداة الصهاينة، والأمريكان – إلى تشويهه من خلال أفكارهم المتطرفة، وأعمالهم المريعة، وجرائمهم الفظيعة في حق أبناء الإسلام، وما حدث ولايزال يحدث في اليمن خير شاهد ودليلٍ على ذلك..
فمنذ سبع سنوات وآل سعود الوهابيون يرتكبون في حق الشعب اليمني أشنع المجازر التي تقشعر لها الأبدان، ويندى لها جبين الإنسانية، ناهيك عن حصارهم لهذا الشعب من أن يصل إليه الغذاء الأساسي والدواء الضروري، وكل هذا بمرأى ومسمع العالم كله الذي لم يحرك ساكناً حتى يومنا هذا..
لهذا فإن الأمة بحاجة ماسة في هذا العصر إلى أن تحتفل بمثل هذه المناسبات لا سيما وهي تعيش هذا الواقع الذي تعيشه من هَوَانٍ، وشقاء، واختلاف وفرقة، واستباحة، وإهدار للكرامة، وحالة غباء، وفقدان للحكمة.
بحاجة إلى ما يفيد تغيير واقعها السيئ المزري، وتصحيح وضعها القائم وإصلاح الخلل فيها، بحاجة إلى ما يخرجها من مأزقها وهوانها وذلها بين الأمم..
ولن يخرجها من ذلك كله إلا بالعودة الصادقة إلى الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ورسالته، وإلى أعلام الهدى من آل بيته؛ لأنه بهذا تكون الأمة قد عادت إلى ربها، وذلك من خلال العودة إلى الرسول الأعظم سيدنا محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لمعرفته من جديد، ومعرفة ماذا يعني لنا هذا الرجل العظيم، وماذا تعني لنا رسالته، والهدى الذي أتى به من عند الله، والقيم والأخلاق والمبادئ التي جاء بها، والمواقف التي دعا إليها..
فلمّا أضاعت الأمة كل ذلك، ضاعت وذلت، وهانت، واختلفت، وتفرقت، وحكمها سفهاؤها وأشرارها، وهيمن عليها أعداؤها، وتفوقت عليها الأمم الأخرى التي ليس لها نبي كهذا النبي ولا هدى كهذا الهدى!!..
نعم.. لقد نال أعداء الإسلام من أبناء هذه الأمة الذين ابتعدوا حتى عن إقامتهم للمناسبات الدينية التي تعبِّر عن هويتهم الإيمانية، والتي -أيضاْ- تذكرهم وتربطهم بنبيهم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله..
وما تجرأ أعداء الأمة على الإساءة إلى نبينا سيدنا محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – من خلال نشرهم في مجلة فرنسية لصور كاريكاتيرية مسيئة لأعظم مقدسات المسلمين وهو النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – في الأعوام السابقة، إلا بسبب تفرق هذه الأمة التي استطاع أعداؤها أن يمزقوها إلى طوائف عديدة، وفرق متناحرة، ومذاهب وأحزاب كثيرة، وأصبح المسلمون يقتل بعضهم بعضاً كما نراهم اليوم..
لذلك كانت هذه المناسبة النبوية تذكيراً لأبناء الأمة الإسلامية بنبيهم الذي حذرهم مما وقعوا فيه الآن.. حيث قال صلى الله عليه وآله وسلم :” لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ….” رواه البخاري ..
وتذكيرهم – أيضاً – بكتاب الله الذي جاء به رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- من عند الله..
فقد حذرهم الله تعالى من الاختلاف في أكثر من آية، قال تعالى *وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)[ الروم :32-31]..، وقال تعالى : (وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)[آل عمران : 105]، وقال تعالى :(وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)[ الأنفال :46]، وقال تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا)[ آل عمران :103].
ألا فلنحتفل نحن كمسلمين احتفالاً يليق بهذه المناسبة، فحب النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – والفرح به يجمعنا ويوحدنا، وبالتمسك والاقتداء به سوف ننتصر، ومحال أن نذل أو ننكسر.
في السبت 16 أكتوبر-تشرين الأول 2021 06:45:21 م