|
عرفناهم في حربهم ضدنا أنهم ساقطون إلى ما دون الحضيض. تنصلوا من المبادئ والقيم والأعراف السائدة في مجتمعنا اليمني، ربما لأنهم يحتكمون لمن هرولوا نحو التطبيع ومغازلة حكام الغرب ممن لا دين ولا ذمة لهم، كالسعوديين وغيرهم من حكام وساسة الخليج ممن غلبت عليهم شهواتهم فأنستهم دينهم.
كانت معاملة الأسرى ولا تزال مقياساً للقيم والشيم المتعارف عليها في مجتمعنا اليمني بشكل خاص، وفي ديننا الإسلامي بشكل عام، إذ إن للحرب أخلاقيات معروفة، وللأسير المسلم أصولاً متعارفاً عليها في المجتمعات الإسلامية.
وفي معاملة الأسرى طوال هذه الحرب، أثبت تحالف العدوان ومن والاه ممن يعدون أنفسهم الحق ومع الحق ويعتبرون أنفسهم حماة الديار، أثبتوا أنهم ناكثو عهود ومتجاوزين للقوانين والأعراف السائدة.
لم يحسنوا قط لأسرى الجيش واللجان الشعبية، بل إنهم عكسوا صورتهم المشينة عبر تعاملهم مع الأسرى بمنتهى الجبن والسفالة.
فالواقع الذي نعيشه يعري صورهم المخزية والتي بها يتذاكون، ويستخدمون أساليب رعناء ظناً منهم أنها رجولة وبطولة. ففي ساحة النزال مُرغت أنوفهم في الوحل وانكشف ضعفهم أمام رجال الله في جبهات الكرامة.
وذلك جعلهم يبحثون عن أدنى فرصة للفوز أو لينتقموا لرجولتهم المكسورة، ولم يجدوا غير الأسرى المقيدين بالأغلال ليستقووا عليهم، لم يجدوا غير الأسود الضارية التي حاربت باستبسال حتى أصبحوا في قبضة العدو، فأخذ العدو يغطي عجزه وخسرانه بـ"العنترة" على الأشاوس.
ولكن ما هكذا هي الرجولة، وما هكذا هي القيم والأعراف المتناقلة في سائر الدول الإسلامية أو حتى منذ زمن الغابرين.
هنا تبين سقوطهم مرات ومرات في تعاملهم الجبان مع الأسرى. وما فعلهم الأخير بغريب. فهذا ديدنهم، بعد كل نكسة لهم يقومون بتصوير الأسرى وهم يقتلونهم بطرق لا أخلاقية ولا تمت بصلة للدين أو الإنسانية أو القيم القبلية والعشائرية العربية الأصيلة.
إنهم لا يمتون للإسلام بأية صلة. إنهم يذكروننا بأيام الجاهلية الأولى، ولا يتبعون وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الأسرى.
تعددت أساليب التعامل مع الأسرى من ديانة إلى أخرى، ومن مجتمع إلى آخر، وإن كان الذي يغلب على الجميع قبل الإسلام هو القسوة والبطش والظلم، كانت الحروب الجاهلية لا تعرف أيسر قواعد أخلاقيات الحرب، فجاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمبادئه، ليشرِّع للعالمين تصوراً شاملاً لحقوق الأسرى في الإسلام، قبل المنظمات بمئات السنين، وجعل لهم حقوقاً شاملة، ولم تكن المعاملة الحسنة التي أمر بها رسول الله للأسرى مجرد قوانين نظرية، بل حرص على راحة الأسير البدنية والصحية. وعظمة أخلاق رسول الله وما فعله مع أسرى بدر، المعركة الأولى مع المشركين، فقد أسر المسلمون سبعين منهم، أخذهم بالرفق واللين وقرر إعفاءهم من القتل، وقبول الفدية ممن يستطيع منهم، تفاوت مقدارها ونوعها بحسب حالة كل أسير، ومن لم يكن معه مال، كان فداؤه أن يُعلّم بعض المسلمين القراءة والكتابة.
* نقلا عن : لا ميديا
في الجمعة 19 نوفمبر-تشرين الثاني 2021 07:34:39 م