|
أحد الأسئلة التي لا تملك السعودية الإجابة عنها ، إن كانت لا تزال تملك القدرة على الحسم العسكري في اليمن أم لا ؟ والسبب أن الاستراتيجية التي كانت مؤمنة بها خلال إعلان ” عاصفة الحزم ” لم تكن تتضمن إحتمالية أن تتأخر الحرب إلى هذا الوقت _ 8 سنوات _ وهل كانت الدول الشريكة معها ضمن التحالف ستصمد هي أيضا وتواصل الحرب كل هذه السنوات ؟
الثابت الآن أن الأطراف الدولية والإقليمية التي كانت متحمسة للحرب في الأسابيع الأولى ومن بينها مصر والمغرب والأردن وقطر والسودان وحتى الإمارات ، لم تعد كذلك الآن ، بينما أصبحت الحرب معقدة على السعودية وحدها ، هذه الأخيرة هي من تتلقى الضربات ، ان كان بالطائرات المسيرة أو بالصواريخ الباليستية أو بالتحديات المستقبلية ، فضلا عن التداعيات المالية والتكاليف الباهظة مرورا بعدم الاستقرار ووصولا إلى انعدام الخيارات ، ولا يختلف اثنان أن اليمن أصبح أكثر تعقيدا مما كان عليه عندما بدأت الحرب العدوانية عليه في مارس 2015 .
ما يعد منطقيا أن كل هذه الدول مجتمعة باستمرار وتبحث بشكل جماعي عن المخارج ، هذا لا يحدث ! فآخر اجتماع عقد لوزراء الدفاع ضمن التحالف ” العربي والإسلامي ” عقد في العام 2016، والصورة الأكثر قتامة أن الكثير من تلك الدول غادرت التحالف بصورة شبه نهائية ، من بينها باكستان ، والمغرب والأردن وقطر وتكتفي ببعض البيانات التضامنية بين فترة واخرى .
خلال السنوات الـ 8 التي مضت تغير الكثير في منطقة الشرق الأوسط ، وهو تغير مضى خلاف الاستراتيجية الامريكية والغربية وحلفائهم ” العرب ” من ضمن ذلك فشل الحرب على سوريا ، الخروج الأمريكي من أفغانستان ، الزلزال الذي أحدثه كوفيد 19 وما رافقته من أزمات مالية ، ووصلا الآن إلى شبه العزوف الأمريكي عن منطقة الشرق الأوسط والتحول نحو الإهتمام بمواجهة الصين ، ولا نغفل أبدا التطبيع الاماراتي والبحريني والمغربي وشبه الرغبة السعودية مع كيان العدو الاسرائيلي ، ومن التغيرات المهمة تعثر الاتفاق النووي الايراني مع القوى الكبرى بسبب انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ، ولا يزال هذا الملف يضع تعقيدات كبيرة أمام رؤية الشرق الأوسط بصورته النهائية على الأقل للعقد الحالي الذي نعيشه ، لكن في كل هذا أين تقف السعودية الآن ؟!
ببساطة شديدة متعثرة في حرب اليمن .
مع ذلك لا تملك السعودية أيضا الاجابة إلى أين تسير الحرب ؟
فوتت الرياض وأبوظبي فرصة كانت مهمة وسانحة لتخفيف تكاليف تداعيات الحرب على اليمن ، عندما أفشلت المفاوضات التي استمرت لنحو ثلاثة أشهر في الكويت مطلع ومنتصف 2016 ، كان بمقدور الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية التخلي عن القرار الدولي 2216 وبناء فترة انتقالية جديدة تضمن خلالها بقاء حلفائها في اليمن ضمن المشهد السياسي موجود أنصار الله الحوثيين وحلفائهم ، ولكن ليس على طريقة المبادرة الخليجية التي تجسد الوصاية السعودية على اليمن ، وهي إحدى أسباب الصدام اليمني الخليجي , ومن يعود إلى الصيغة التي طرحها الوفد الوطني المفاوض عن أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام وبعض الأحزاب السياسية سيجد أنها كانت تحفظ بقاء الأحزاب الحليفة للسعودية كشركاء في مستقبل اليمن ، لم يعد هذا موجودا الآن .
لقد بدأت السعودية تعرض وقف إطلاق النار ولا تلقى إجابة لأن السقوف اليمنية ارتفعت ، باتت الشروط رفع الحصار دون شروط وسحب القوات السعودية والاماراتية وكذلك البريطانية والامريكية ، وهذه الاخيرة موجودة في محافظتي المهرة وحضرموت جنوب اليمن ، وايضا معالجة الأضرار ، ثم مفاوضات يمنية سعودية .
ما سيحدثه حسم معركة مأرب لصالح صنعاء سيضع الحرب في مكان آخر ، والكتابة عنه تحتاج مساحة مستقلة .
ما استدعى الكتابة في هذه الزاوية هو التصعيد السعودي الامريكي الاخير ، وهو تصعيد دون أفق ودون استرايتجية ولأهداف تبدو محدودة جدا وتتعلق بدفع أنصار الله الحوثيين للتوقف عن استعادة مارب ، والاستجابة للمحاولة الأمريكية تجميد الحرب عن الخارطة الجغرافية الحالية والدخول في مفاوضات لا يمكن الجانب السعودي والأمريكي فيها أوراق ضاغطة تمكنهم من فرض شروطهم ، في المحصلة التصعيد لن يكون أكثر من توسيع دائرة الفشل وقتل مزيد من المدنيين ومضاعفة الحصار على الملايين منهم .
* نقلا عن :رأي اليوم
في الإثنين 29 نوفمبر-تشرين الثاني 2021 07:49:16 م