|
تتلاحق أخبار ومعلومات مفاجئة عن ضربات نوعية يمنية في قلب المملكة السعودية وفي العمق تصيب مواقع حيوية وهامة استراتيجيا وهي تلحق خسائر متعاظمة اقتصاديا وماليا من شأنها مضاعفة الأثر الاستنزافي للردع الدفاعي اليمني الذي يراكم آثارا اقتصادية وميدانية متزايدة ونتائج معنوية لا يمكن إنكارها أو حجبها رغم التعتيم والضوضاء الدعائية المعاكسة.
حققت القوات المسلحة اليمنية وثبة هائلة في مستوى الضربات النوعية وطبيعة الأهداف وآخر ما حصدته في العمق السعودي كان مذهلا في حجمه وأثره الاقتصادي والمعنوي، فقد شملت العمليات الرياض وجدة والطائف وجيزان ونجران وعسير واستعملت فيها الصواريخ الباليستية إضافة إلى الطيران المسير وهما سر القوة اليمنية القاهرة التي تظهر مزيدا من الإبداع في إدارة العمليات والتمكن التقني الذي يعطي تفوقا وزخما للردع اليمني ويثير دهشة الخبراء والمتابعين لكونه حافلا بالمفاجآت.
حذرت القوات المسلحة اليمنية – في بلاغاتها – المواطنين من التجوال في المناطق المستهدفة حرصا على سلامتهم في لفتة أخوة نحو أبناء شبه الجزيرة العربية بتمييزهم عن قوات النظام السعودي وقواعدها العسكرية وتجمعاتها وهو ما تقول عبرة الحروب في العالم أنه سيتفاعل لاحقا ويتراكم أثره ويتمظهر بثمار سياسية لن تلبث في الظهور داخل شبه الجزيرة وفي هياكل النظام السعودي.
أولى نتائج وثمار التحول اليمني الثوري تسابق حكومات الخليج إلى طهران رغم ما يعنيه ذلك من إزعاج للسيد الأمريكي ولسائر أطراف منظومة هيمنته اللصوصية في المنطقة، فالاستجارة بالقوة الإيرانية باتت عند الحكومات المذعورة هي وسيلة الوقاية الاستباقية من تفاعلات وهج القوة اليمنية التي تقرع أبواب المستقبل وتهز الميدان الخليجي وتوازناته، كما تزعزع جبروت القوة السعودية العاتية في عقر دارها وهذه نقطة انطلاق التحولات والتداعيات المقبلة والصادمة في شبه الجزيرة وجوارها القريب والبعيد.
ثمة قرابة سياسية وعقائدية بين أنصار الله وحزب الله والجمهورية الإسلامية في طهران وترديد ثلاثية الزحف إلى القدس و”الموت لأمريكا ولإسرائيل” في صنعاء وأرجاء اليمن، يقض المضاجع الأمريكية الصهيونية السعودية وهو إعلان انتماء واعتناق هوية ثورية ترعب واشنطن وعملاءها .
ليست مفاتيح الموقف اليمني بيد طهران التي قدمت من علاقتها بحزب الله اللبناني نموذجا للتحالفات التحررية المبدئية المبنية على احترام الخصوصية والندية ولكن إيران لم تخف يوما حقيقة تضامنها مع نزعة التحرر وقوى المقاومة في أي بلد عربي، وهي اعتبرت حركات التحرر والتغيير التقدمية حليفا طبيعيا بغض النظر عن درجة القرب العقائدي والسياسي فكيف الحال مع قوة من ذات النسيج العقائدي وتنتمي إلى نفس الإقليم وتتمركز في نقطة حساسة للغاية.؟
القرب الجغرافي يفترض قرابة سياسية ونضالية بين اليمن وإيران التي تربطها صداقات وتحالفات مع حركات تحرر في أمريكا اللاتينية حيث شكل دعم طهران الاقتصادي والسياسي سندا وظهيرا لقوى التحرر فإيران تتخطى الحدود العقائدية والجغرافية وتمد الجسور دون تهيب أو تردد والمنطقي بناء على ما تقدم أن تحتضن وتدعم قوة تحررية صاعدة في بلد تربطها به وشائج ثقافة وقربى ويرى أحراره في الجمهورية الإسلامية وقيادتها وفي سماحة السيد حسن نصرالله مرجعية وقدوة فكرية ونضالية، والطبيعي أن يسهم السيد وحزبه المناضل في كل ما يعزز صمود الأشقاء اليمنيين ويطور قدراتهم ويوطد وشائج التضامن والاحتضان والدعم التي يقدمها لهم كل شقيق قادر على الدعم والمساعدة وخصوصا ايران اليوم وغدا حين يولد اليمن الجديد ويسهم في تغيير وجه المنطقة وإعادة بنائها اقتصاديا وحضاريا سيكون موعد قيام حلف إقليمي تحرري إيراني عربي يمتلك إمكانيات هائلة وقوة هادرة.
*كاتب ومحلل سياسي – رئيس مركز الشرق الجديد للإعلام والدراسات – عضو المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع في لبنان.
في الخميس 09 ديسمبر-كانون الأول 2021 06:12:13 م