إلى متى نكابرُ على حساب الوطن؟
نايف القانص
نايف القانص

يجبُ علينا أن ننظر إلى قَدَرنا بقوة، لنرى مصير أجيالنا ومستقبل وطننا. .. فبرغم وحشية العدوان وجرائم الحروب وانتهازية المتسلقين والمتفعين وإفرازات الأزمة التي وَلَّدَت المليشيات المتناحرة وقوى الارتزاق ومفرزاتها الإجرامية من المآسي والقتل والدمار والأحقاد وزرع الكراهية وانقسامات مجتمعية ومذهبية وقبلية، يجب علينا أن نحاول تجاوز تلك المآسي ولملمة الجراح ونزع الكراهية والأحقاد فيما بيننا وتوحيد الكلمة والصف الوطني، لأنه إذا ظل الوضع كما هو عليه الآن فلن تستقيم اليمن وتستقر أبداً.
لا ننتظر ونأملُ من مبعوثي النفاق الخبثاء أن يأتوا لنا بالسلام والاستقرار وحل مشاكلنا، لأن دورهم الحقيقي هو إطالة أمد الصراع وتمديد بقائهم في المهمة، ليجمعوا المال والمساعدات الإنسانية باسم اليمن، ثم يتمُّ صرف تلك المساعدات في بدل السفر ورواتب موظفي الأمم المتحدة، مع العلم أن بدل المبعوث الأممي في أي مهمة يبلغ 200000 $، كما أنهم لا يملكون صلاحيات القيام بدور مستقل من أجل إحداث السلام، بل ينفذون ما يُملى عليهم من قبل المتحكمين بالقرار والداعمين الأساسيين للحرب والعدوان على اليمن.
ها هو المبعوث الأممي الرابع، فماذا قدم ثلاثة مبعوثين قبله؟
وحتى المبعوث الأممي الأول جمال بنعمر اعترف بنفسه بأنه حينما توصل مع الفرقاء السياسيين في اليمن إلى حل.. تفاجأ بشن الحرب، لأن هذا الأمر لم يكن مطلوباً منه، فمهمته ليست إيجاد حلول، ومع ذلك شُنَّ عدوانٌ على اليمن غير مبرر، وتم إعلانه من واشنطن وعلى لسان سفيرٍ عربي لدولة عربيةٍ شقيقةٍ ومجاورة لم يكن بين اليمن وبينها ما يستدعي شن العدوان وإعلان الحرب.
إننا جيل ساقه القدر إلى أن يكون في زمن سقطت فيه كلُّ القيم وأصبح العالم يعتاش على حساب دماء الشعوب الفقيرة المغلوبة على أمرها، المنهارة من الداخل قبل أن يأتي العدوان من الخارج، ذلك هو قدرنا وقدر أبنائنا من بعدنا، ولكن يبقى الحل بأيدينا لننقذ أنفسنا والأجيال من بعدنا.
علينا أن نكون جاهزين ومسلحين بقوة الإرادة وحب الوطن وتقديم التنازلات لبعضنا البعض، والترفع على الجراح، فوطَننا فيه من الخير والثروات ما يكفينا ويزيد دون الحاجة للخارج ومساعداته المشروطة على سفك دمائنا وارتهان قرارنا السيادي، بل سوف يكون لدينا فائض نستطيع من خلاله تقديم العون لكل من مد يد العون لنا دون مَنٍ أو أذى.
لا أريد أن أنظر هنا للقيم والأخلاق اليمنية الأصيلة التي تترفع على الجروح وتتنازلُ للإخاء من موقع القوي وليس من موقع الضعيف وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية والحزبية والمذهبية والقبلية.. ما أريدهُ هو التذكير بتلك القيم ودفع الخيرين والعقلاء من هذا الشعب العظيم للقيام بدورهم المعهود لقيادة المصالحة الوطنية الشاملة، وكما عهدنا اليمن سباقاً إلى توحيد الصفوف ووحدة الموقف والوصول إلى حالة وعي شعبي لتوحيد قوتهم التي لن تكون إلا بوحدتهم وتصالحهم.
لقد استطاع أعداؤنا التمكن منا عندما تفرقنا وتناحرنا واختلفنا في ما بيننا.. فهل سندرك حقيقة واحدة، وهي أننا وبأيدينا دمرنا وطننا وقضينا على جيل كامل من أبنائنا وقدمناهم قرابين حرب لم يستفد منها سوى عدونا، لو لم نختلف لما تجرأ أحد بشن عدوان علينا؟
لماذا حصل لنا كل هذا؟.. ببساطة، لأننا مضينا حسبما يريده لنا عدونا، وصدقنا واعتمدنا على الخارج ولم نكن بقدر المسؤولية الوطنية التي تحتم علينا تغليبها على حساب المصالح الأخرى ،لم نحكِّم صوت العقل والمنطق ونقدم تنازلات لبعصنا بما يجنب بلدنا الدمار لقد كنا جميعاً مخطئون وأنانيون، ولم نراع المصلحة الوطنية…
فهل آن أوان الاعتراف بالذنب والتكفير عمَّا ارتكبناه بحق الشعب والوطن.. هل آن أوان عودتنا جميعاً إلى وطننا والتصالح في ما بيننا وإعادة بناء اليمن وإعماره وحمايته من الطامعين فيه؟.


في الإثنين 13 ديسمبر-كانون الأول 2021 08:13:55 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=4615