المقالح عبدالكريم.. وجع الرحيل
عبدالفتاح علي البنوس
عبدالفتاح علي البنوس

عرفته مع بداية الألفية الثالثة وبالتحديد ما بين عامي 2002و2003م والتي شهدت ميلاد منتدى جهران الثقافي والذي شكل نقطة التواصل والامتداد لمعرفتي به والتي تحولت إلى صداقة أخوية عشنا تفاصيلها الجميلة ولحظاتها الرائعة، إنه الأديب والناقد والمثقف والروائي الإنسان عبدالكريم المقالح الذي كان ينشر نتاجه وكتاباته وأعماله الأدبية مذيلة باسم المقالح عبدالكريم.
عرفته بشوش الوجه، كثير المرح، يجيد رسم الابتسامة على محيا التعساء، رغم أن وضعه كان لا يقل تعاسة عنهم ، ما جلست معه في جلسة مقيل إلا خرجت بفوائد جمة ارتشفتها من معين مخزونه الأدبي وطرحه الرصين ونقده الأدبي العميق ، وفكره النير ، كان كثير الإعجاب بالمشهد الثقافي والأدبي الذماري ، وكان يبدي عشقه للنكتة الذمارية، ويرى في ذمار عاصمة للنكتة والطرافة و مدينة للثقافة والمثقفين ومنبعا للشعر والشعراء والأدب والأدباء ، وكان يشعر بالسعادة لزيارتها بين الفينة والأخرى.
عاش بسيطا متواضعا معتزا بنفسه ومقدسا لإبداعه الأدبي والثقافي ، يضحك عبدالكريم من قلبه المثخن بالجراح دون أن يفسد ضحكته ، أو يشعرك بأنها ضحكة مصطنعة ، يعيش اللحظة بقناعة تامة دونما شكوى أو تذمر ، عمل في مجلة اليمنية التابعة لشركة الخطوط الجوية اليمنية، وشرفني بالكتابة فيها عن المآثر والمواقع السياحية والتاريخية التي يزخر بها وطننا الحبيب، وكنت ألقى منه الدعم والتشجيع والإطراء عقب كل مادة استطلاعية سياحية أرسلها له والتي لم تكن تخلو من تصويباته ولمساته الإبداعية.
قبل أربعة أسابيع من وفاته اتصل بي بعد صلاة المغرب ليطمئن على صحتي ويسأل عن الأصدقاء ، معربا عن سخطه من أجواء صنعاء ورغبته في زيارتنا لتغيير الجو لعدة أيام ، رحبت بالفكرة واتفقنا على أن ينتهز أقرب فرصة ليأتي إلينا، وأوكلت له مهمة الإتصال بي عندما يقرر موعد الزيارة للتنسيق مع الزملاء لنستعيد سجل الذكريات التي جمعتنا في ضيافة منتدى جهران الثقافي .
وفي الوقت الذي كنا ننتظر زيارته صعقت قبيل مغرب يوم الإثنين الموافق 20ديسمبر بمنشور للأخ العزيز الدكتور على حسن العيدروس على صفحته في الفيسبوك ينعي فيه القاص المبدع المقالح عبدالكريم ، لم استوعب الخبر ، فعرجت على بعض الصفحات الخاصة برفاقه وهناك كانت الفاجعة التي أكدت رحيل المقالح صاحب القلب الطيب والعقل النظيف ، لم أتمالك نفسي تواصلت بالأستاذ عبده الحودي لمعرفة أسباب الوفاة وموعد الدفن ومكان المجابرة ، وأعقبته بالتواصل مع صهره الأخ صدام العتمي الذي أكد لي وفاته في ساعة متأخرة من مساء الأحد جراء ذبحة صدرية حادة وتم دفنه ظهر الإثنين وتمت المجابرة في نفس اليوم طالبا الدعاء له وقراءة الفاتحة على روحه ، حاولت كفكفة دموعي دون فائدة ، شعرت بحزن شديد وضيق في الصدر تواصلت ببعض الزملاء لكي أخبرهم بالفاجعة وأنا في حالة من الذهول ، لم أستوعب أن صاحب “غريب في الوقت الضائع” و “حكايا صنعانية” قد غادرنا بلا رجعة، وبأن الزيارة التي وعدنا بها لم تعد واردة نهائيا.
يا الله ما أقسى القدر ، هكذا يرحل الأنقياء ، هكذا يغادر حياتنا النبلاء ، من ألفنا مجالستهم وسعدنا بمخالطتهم وشعرنا بالإرتياح بالقرب منهم ، رحل المقالح عبدالكريم بهدوء كما كان حضوره في أوساطنا ، رحل نظيف اليد من أوساخ الدنيا وملذاتها ومغرياتها ، رحل الصديق العصامي الذي عاش ومات شامخا لم ينكسر أو ينحني للعواصف التي واجهها في حياته ، رحل ملتحقا برفيقه وصديقه الدكتور أحمد صالح النهمي الذي أوجع رحيله قلوبنا جميعا، وأبكى عيون فقيدنا المقالح الذي وصف رحيله بالخسارة الكبيرة .
لروحك الطاهرة الرحمة والمغفرة أيها الفقيد الحبيب ، سنفتقدك وسنشتاق لضحكتك ووقعها الجميل على القلوب ، سنشتاق لرؤيتك كثيرا ، لن ننساك ، وستظل حاضرا في أوساطنا بذكرياتك الجميلة وإرثك الأدبي الأكثر ألقا وجمالا ، فسلام الله عليك يوم ولدت ، ويوم مت ، ويوم تبعث حيا ، إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا عبدالكريم لمحزونون ، و..إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم.. وعاشق النبي يصلي عليه وآله.


في الأربعاء 29 ديسمبر-كانون الأول 2021 07:38:54 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=4694