صنفان في الحق
مجاهد الصريمي
مجاهد الصريمي
أتباع الحق في كل زمان ومكان صنفان لا ثالث لهما، صنفٌ يحمل الحق كمهمة رسالية تتصل بمعنى وجوده كإنسان، يتحرك في هذه الحياة بالحس الجمعي الذي يجعله يشعر بالآخرين، ويتبنى قضاياهم، ويحمل همومهم، ويتحرك بدافع المسؤولية تجاههم، إذ لا مكان في حساباته سوى للذات الجماعية التي حلت محل الذات الفردية، فتكونت على إثرها الدوافع التي نمت بموجبها الروحية التي لا ترى لها وجوداً إلا بالمستوى الذي يحقق للرسالة وجودها الحقيقي، فهي بالنسبة لهذا الصنف المعنى الذي يحدد ماهيتهم والمبنى الذي يشرح مهمتهم، وكلما اعترضت طريق هؤلاء العقبات وأحاطت بهم المتاعب والصعوبات، ازدادوا يقيناً بما هم عليه وازدادوا قناعةً بضرورة السير حتى تحقيق الهدف الأكبر وبلوغ الغاية الأهم والأسمى من كل الغايات، وما تلك العقبات والصعوبات إلا وسيلة لاختبار مدى إيمانهم بما يحملون، وإبراز مدى صبرهم ومستوى عزيمتهم في تحطيم كل العوائق وإزالة كل العقبات، ليصبح الدرب ممهداً أمام حركة الرسالة.
وقد يعمل الآخرون على التضييق على هذا الصنف ويسعون إلى مفاقمة معاناتهم، فيزدادون التزاماً بالنهج، وتمسكاً بالأهداف وإخلاصاً للخط، حتى وإن همشوا أو تم عزلهم عن مواقعهم التي كانوا يؤدون رسالتهم ودورهم من خلالها، لأنْ لا أحد يستطيع إفراغ تلك الذوات من رساليتها في الحياة، ولا أحد يستطيع عزلها عن القيام بواجبها العبادي ودورها الإنساني.
وصنفٌ لا علاقة لما يقوم به من أعمال بمهمةٍ رساليةٍ، لكونه صاحب مهنة لا صاحب رسالة، وهو الموظف الذي لا يرى قيمة لحياة الناس ولا لقضاياهم إلا بمقدار ما سيعود عليه بالربح المادي أو المعنوي، لأن هذا الصنف يحمل عقلية التجار، فالدين بنظر هؤلاء ليس سوى سلعة من السلع التي يتاجرون بها، والناس عندهم لا معنى لوجودهم إلا بمقدار تسخيرهم كلبنات تحت تصرف هؤلاء لبناء مجدهم الشخصي، وتلبية مطامحهم المريضة وإشباع شهواتهم الشيطانية، لذلك تراهم يبررون انحرافات المرتبطين بهم ويجاملونهم ويعملون على تقديمهم، ليس لأنهم يحبونهم، وإنما لكونهم ضمن ملكيتهم وجزءاً من أشيائهم الشخصية، وحاجاتهم التي تتطلبها الحياة، وتقتضي وجودها الحاجة الملحة، وهم المهندسون لحركة الانحراف والعاملون على تزييف الحقائق، كما لن يخلو زمنٌ منهم، ولن تسلم أي حركة رسالية من شرهم، ولنا في تاريخ صدر الإسلام خير واعظ وأصدق برهان وأوضح دليل.
* نقلا عن : لا ميديا

في السبت 08 يناير-كانون الثاني 2022 06:42:58 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=4744