|
التبرير والتخدير أداتان معمولٌ بهما اليوم بكثرةٍ في عالم العاجزين والفاشلين والحمقى والمغفلين، والضعفاء والاستغلاليين، والعابثين المفسدين، الذين يعملون بالظلم والعدوان، ويحكمون بالجور، ويتمادون بالطغيان، فيكفيهم كي يكونوا مقبولين لدى الناس أن يبحثوا عن أقلامٍ مأجورةٍ تنبري لتبرير كل ما يقومون به من أفعالٍ وممارسات، وألسنة رخيصةٍ تسبح بحمدهم ليلاً ونهاراً، وعقولٍ تسير في درب ابن النابغة، مهمتها فقط هي ملازمة المكر والخداع، ومزاولة العمل بالحيلة والغدر والفجور.
فكم في واقعنا من مظلمةٍ وقعت على هذا أو ذاك لا يستطيع أحدٌ إلى رفعها عن كاهله سبيلاً، لأن مرتكبها شخصٌ قد عُرِفَ بين الناس بالسبق الزمني في التحرك بصف الحق، والدفاع عنه وتحمل كل المعاناة والآلام والتعب في سبيله، وبغض النظر هل لايزال على ذلك أم لا فأبو هريرة موجودٌ وكذلك كعب الأحبار، مع زمرةٍ لا بأس بها من القصاصين والوضاعين والإخباريين، في كل زمانٍ ومكان، إلا أن زماننا قد أضاف إلى هؤلاء جماعات ومجموعات جديدة، بما يتناسب ولغة العصر الذي نعيشه، وبما ينسجم ومتطلبات الفساد والمفسدين الجدد، فحديث «ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم» لم يعد حكراً على الرواة والمتحدثين باسم الدين، بل أصبح معمولاً به لدى الكتاب والصحفيين والإعلاميين والخطباء والشعراء والناشطين، لأن شورى التجار كما يسميها مظفر النواب (رحمه الله) تحتاج إلى مثل هكذا حديث لكي تصير كل تصرفات أصحابها مطبوعة بطابع شرعي وذات صبغة دينية كي يتقبلها الناس ولا يجرؤوا على انتقاد أي منها.
إن لدى البعض اليوم هوى عجيب واندفاع قوي لكي يأخذ من الإمام علي (عليه السلام)، سيفه فقط، على أن يجعل اليد التي تمسك به والإرادة والفكر اللذين يقفان وراء حركته لمعاوية، بالإضافة إلى اتباع أساليبه في طريقة الوصول إلى الأهداف، والمجال يضيق ولا يتسع وإلا لبينا في ذلك أكثر، على أن نقارن بين شواهد من الماضي التقت مع شواهد من الحاضر، بغرض جرنا إلى الخط الأموي الطلقائي كبديل عن الخط العلوي المحمدي الإلهي المعبر عن الإسلام الأصيل والمجسد لمفاهيمه الواضحة، دونما سعيٍ لفرضه بقوة السلطة، واتباع سياسة التلقين، وإنما بقوة الحجة واعتماد سياسة الحوار التي تفتح المجال أمام العقل كي يفكر وأمام الإرادة كي تختار وعن يقين وقناعة لما يجب على الناس أن يلتزموه ويسيروا عليه.
* نقلا عن : لا ميديا
في الأربعاء 19 يناير-كانون الثاني 2022 12:30:38 ص