|
على مشارف العام الثامن من الصمود اليمني، تبدو الرياض وأبو ظبي في مأزق كبير، وتتعمق أزماتهما أكثر وأكثر بعد تصاعد عمليات القوات المسلحة اليمنية وانتصاراتها الميدانية المتوالية، لتفتح الباب أمام انخراط مباشر من قبل الولايات المتحدة في العدوان على اليمن.
لم تكن أمريكا في أي يوم من الأيام بعيدة عن العدوان المعلن من واشنطن، فهذه الحرب حربها، ولا ناقة ولا جمل لأي من الأنظمة العربية فيها، إلا بالقدر الذي يلبي الرغبات الأمريكية، ويقربها من كيان العدو الإسرائيلي، ويسمح لهم بإعلان علاقاتها معه.
الحرب العدوانية التي بدأت في عهد الرئيس الديمقراطي باراك أوباما، وأصدر أوامره عشية السادس والعشرين من مارس 2015م، بإنشاء غرفة عمليات لتقديم الدعم اللازم للرياض، تؤكد حقيقة وطبيعة هذه الحرب وأهدافها المرتبطة بالولايات المتحدة ، وصحة الرواية اليمنية منذ أول غارة وأول مجزرة وحشية.
لسنا الآن بصدد إثبات التورط الأمريكي في العدوان، لأن الواقع قد نقلنا إلى مستويات أخرى ووضعنا أمام كشف الهزيمة المدوية التي منيت بها أدوات واشنطن في هذا العدوان، بعد انقلاب معادلة الردع لصالح اليمن وقواتها المسلحة الجيش واللجان الشعبية.
إن اضطرار البنتاجون للحديث عن تصدِّيه لنسبة كبيرة من الصواريخ اليمنية ضد الأهداف السعودية والإماراتية، وكذلك تسيير دوريات جوية في سماء اليمن لمراقبة أي تحضيرات واستعدادات لإطلاق عمليات جديدة نحوها، إنما يأتي تعبيرا عن فشل الرياض وأبو ظبي في حماية نفسيهما من الضربات اليمنية الدقيقة والمنسقة والممتازة، وهذه أوصاف أطلقها الإعلام العبري بعد ضربات إعصار اليمن في العمق السعودي والإماراتي، مؤخرا.
لم تستطع الإدارة الأمريكية الحالية الاستمرار في تضليلها بخصوص رغبتها في إنهاء الحرب، حتى أعلنت مجددا انخراطها بشكل واضح وصريح في الحرب، وعلقت وكالة اسوتشييد برس الأمريكية على أنباء إطلاق الجيش الأمريكي صواريخ خلال الهجوم على الإمارات في وقت متأخر من يوم الاثنين، بأنه يمثل اعترافا من البيت الأبيض والبنتاجون وتورطا أمريكيًا متزايدًا في حرب اليمن المستمرة منذ سنوات، مذكرة بإعلان الرئيس جو بايدن قبل عام تقريبًا، أن الحرب في اليمن «يجب أن تنتهي».
في التجربة اليمنية، ومنذ العام 2004م، وحروب نظام علي عبدالله صالح الظالمة على صعدة، كلما هزم وكيل يضطر الأصيل للدخول في الحرب، حتى انهزمت كل أدوات الرياض وواشنطن وقطعت أذرعهما بثورة 21 سبتمبر 2014م، اضطرت واشنطن لتحضير أدواتها السعودية والإماراتية، وإدخالها في الحرب لتعديل موازينها وإعادة اليمن إلى تحت إبطها، هذه الحرب تكمل عامها السابع مثقلة بالهزائم والفشل.
لا يوجد أي أفق للحرب، ويجمع المراقبون والخبراء في الشأن اليمني، على أن الحسم العسكري ضرب من المستحيل، والعجز عن فرض شروط الرياض وعدم تقبلها للهزيمة، يطيل أمد الحرب والمأزق السعودي.
بعد تسارع عمليات تحرير مارب، وضعت الولايات المتحدة خطوطا حمراء أمام القوات المسلحة اليمنية، وأكد مبعوثها للسلام (الذي تحوِّل لمسعر حرب) أن بلاده لن تسمح بتغيير المعادلة في مارب، وقامت بتحريك أدوات ومرتزقة الإمارات من الساحل الغربي ونقلها إلى شبوة، مخلية ساحة مهمة كانت قد تلقت فيها خسائر كبيرة جدا لتحقيق ذلك الخرق بدعم من البارجات الأمريكية والبريطانية.
جاءت عملية الاستيلاء على سفينة الشحن العسكرية الإماراتية “روابي” قبالة ساحل الحديدة، وما تلتها من عمليات الإعصار، إلى جانب الانتصارات الميدانية، لتؤكد أن المعادلة العسكرية أصبحت ترجح جانب القوات المسلحة اليمنية، وباتت الهزيمة السعودية الإماراتية رهن الإعلان عنها فقط.
تبدو الولايات المتحدة اليوم مع الإعلان عن إرسال طائرات حديثة إلى الإمارات، وإرسال المدمرة يو إس إس كول مجددا الى المنطقة، إنها تحاول في الوقت الضائع تعديل موازين القوى، فهل تضطر للدخول المباشر والعلني، وتنخرط في العدوان على اليمن، وتنقلب على وعود بايدن قبيل انتخابات الكونجرس النصفية؟.. لننتظر الأيام القادمة.
في الخميس 03 فبراير-شباط 2022 07:20:29 م