منطق الفتوحات
عبدالمجيد التركي
عبدالمجيد التركي
اندلعت الحرب بين روسيا وأوكرانيا فانقسم اليمنيون إلى فريقين، فريق يؤيد أوكرانيا والآخر يؤيد روسيا، والأغرب أن الذين أيدوا العدوان على اليمن يرفضون تأييد روسيا على أوكرانيا. إضافة إلى أن البعض وقف مع روسيا من منطلق عضويته في الحزب الاشتراكي فقط، وأصبح يتحدث عن الرئيس الروسي بصيغة: «الرفيق بوتين».
نحن شعب عاطفي، ننشغل بمشاكل غيرنا وننسى مشاكلنا، ثم نتباكى بأن العالم لا يتضامن معنا، رغم أننا لا نتضامن مع أنفسنا. ولو أننا نتعامل مع مشاكلنا بنفس تعاملنا مع مشاكل الآخرين لاستطعنا أن نخرج من هذا النفق المظلم الذي نحن فيه.
تحولت الحرب بين روسيا وأوكرانيا، في مواقع التواصل الاجتماعي، إلى نكتة واستهزاء بدماء الأبرياء، فتشعر بالرعب لانعدام الإنسانية في هذه المنشورات، ولكمية ضغط المتابعين على أيقونة «أضحكني».. هي منشورات لا إنسانية، حتى وإن كانت من باب المزاح والدعابة.
أكثر ما يشغل بال هؤلاء هن النازحات الأوكرانيات والزواج بهن، مع أن أغلبهم بالكاد تقبَّلتهم نساؤهم، فتراهم يتخيَّلون مزاداً مفتوحاً لبيع النساء بصكوك زواج دون أي مهر سوى الفاتحة، في تجسيد بشع لكرامة الإنسان المهدورة.
لا أدري أين كانت إنسانية هؤلاء حين امتلأت صنعاء وغيرها من المحافظات بنازحات الحديدة، لم يبادر أحد لكتابة منشور إنساني أو يبادر لفتح بيته للنازحين، لأن نازحات الحديدة لسن من ذوات الشعر الأشقر واللحم الأبيض، وهذا هو منطق الفتوحات التي كانت تتوجه إلى ديار بني الأصفر وتتجنب التوقف في قارة أفريقيا.
والأنكى أن مُلَّاك البيوت استقبلوا نازحي تهامة برفع الإيجارات التي وصلت إلى مائة ألف ريال لشقة من ثلاث غرف.. أما كان التضامن مع نازحي تهامة أنفع وأجدى من الترحيب بالوهم الأوكراني الذي يسلخهم من إنسانيتهم حتى وإن كان من باب المزاح، رغم معرفتهم بأن الأوكرانيات لن يصلن إلى هنا من أجل تحقيق هذه الأوهام؟
أتذكر أثناء حرب البوسنة والهرسك أن أحد جيراني ذهب لتسجيل اسمه في كشوفات أعدَّتها جمعية الإصلاح، وبقي منتظراً لزوجته التي ستأتي من البوسنة والهرسك، وربما أنه سينتظر الآن وصول زوجته الأوكرانية. فإلى جانب تجار الحروب يقف تجار الوهم الذين يفكرون بمنطق الفتوحات، لأن الأغبياء هم البضاعة الرائجة التي يعتاش منها هؤلاء التجار.
 

* نقلا عن : لا ميديا


في الإثنين 28 فبراير-شباط 2022 08:08:33 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=5003