التأسيس للطغيان
مجاهد الصريمي
مجاهد الصريمي
هناك الكثير من السلوكيات والممارسات المتبعة من قبل الكثيرين من أبناء المجتمع توحي بكارثة بكل المقاييس، إذا لم يتم التحذير من مثل هكذا سلوكيات وممارسات، لكونها تؤسس للطغيان. ولعل المتتبع لمعظم الناشطين في شبكات التواصل الاجتماعي، وكيفية تعاملهم مع ما يكتبه هذا المسؤول أو ذاك على حائطه الشخصي، يدرك حجم الخطورة فعلاً، إذ سيجد هناك مجاميع لا يُستهان بها، لا هم لها سوى الترويج لكل ما يقوله ذلك الشخص، ودون أدنى وعي أو معرفة، فالذي يهمهم فقط هو أن فلاناً هو الذي كتب ذلك الكلام، وما دام أنه قد صدر منه فلا حاجة للتدقيق والتمحيص، لأن مفهوم هؤلاء -الذين قد يصل عددهم إلى الآلاف المؤلفة- عن الحق مفهوم خاطئ، فهم لا يعملون على معرفة الأشخاص بناءً على معرفتهم بالحق، الذي يحدد لهم المقاييس التي يعرفون بها الصادق من الكاذب، بل يرتبطون بأشخاص ارتباطاً عاطفياً، محكوماً بالعصبية والانفعال، وعليه يصبح الحق من وجهة نظرهم هو: كل ما يقوله ويعمله أولئك الأشخاص الذين يشغلون مناصب مهمة في الدولة، أو يحتلون مراكز متقدمة هنا أو هناك... وهكذا يتدافعون لكيل الثناء والمديح لهم، وقد صدق أحد الرفاق الأعزاء إذ يقول: «لقد بُلينا اليوم بناشطين كثر يعملون على تبييض صفحات أشخاص معينين، ويبذلون كل ما بوسعهم من أجل تقديمهم للناس على أنهم هم الأتقى والأنقى، والأبر والأزكى، والأكمل والأعدل، إلى درجة أنه لو تثاءب أحد أولئك المسؤولين لضجت الدنيا بالصراخ والتصفيق من قبل أولئك القطعان البشرية».
ونحن هنا لا ندعو لعدم التعامل باحترام وتقدير بين عامة الناس وخاصتهم، وإنما ندعو إلى ترشيد العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وبين المدير والموظف، وبين كل مسؤول ومَن يقعون في نطاق مسؤوليته، بناءً على القواعد الكلية والمبادئ الإسلامية العامة، التي حددت الحدود ووضعت القيود والضوابط التي تحفظ لكل إنسان كرامته وإنسانيته، على ضوء ما قدمه الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وهو في موقع الخلافة أميراً للمؤمنين، إذ يقول: «ما لهؤلاء الرؤساء الذين يترأسون؟! فوالله ما خفقت النعال خلف الرجل إلا ضل وأضل».
فهو هنا يحذرنا من كل السلوكيات التي توحي لهذا المسؤول أو ذاك بالزهو والعظمة، لأن ذلك سيجعله ينسى دوره وينسى نفسه، ويؤدي به إلى أن يضل ويُضل أتباعه ومريديه، نتيجة الشعور الذي ينتابه جراء ما يحظى به من اهتمام، وينعم به من مدح وتكريم وتقديس وثناء، بحيث يصل إلى الحد الذي لا يرى فيه أحداً إلا نفسه، فهو فوق كل شيء وما دونه لا شيء.
 

* نقلا عن : لا ميديا


في الإثنين 28 فبراير-شباط 2022 08:23:15 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=5006