الإرهاب آفة العصر ولا بد من مواجهته
خليل المعلمي
خليل المعلمي

على المثقفين إنتاج خطاب ثقافي واع يعمِّق حب الوطن ويسعى لإشاعة التسامح والقبول بالآخر

أصبح الإرهاب غول هذا العصر يأكل الأخضر واليابس ويعود بالمجتمعات المتحضرة إلى أتون العصور السحيقة، ويكشف عن الوجه القبيح في مصادرة الأفكار والإبداع والرأي الآخر، وما يحدث من عدم الاستقرار في وطننا العربي وسوء الأحوال هو في الأصل مشكلة ثقافية تعود بجذورها إلى المفاهيم الثقافية، فعندما أهملنا الثقافة خرج إلينا العديد من الشباب المتطرفين الذين يحملون أفكاراً تنبذ المجتمع وتنبذ فكرة التعايش والسلم الاجتماعي.
لقد أصبحت هناك ضرورة لإنتاج خطاباً ثقافي واع يسعى لمواجهة وتعرية هذه الظاهرة الخطيرة وكشف منطلقاتها ومرجعياتها وأبعادها الخطيرة أمام المجتمع، فلا أحد ينكر ما للثقافة من دور في مواجهة التطرف والإرهاب من خلال التثقيف ونشر الوعي بين أوساط المجتمع وكشف حقائق ومخاطر هذا الفكر الضال.
للثقافة دور كبير ومهم في مواجهة التطرف والإرهاب، فما نجده في وطننا العربي من مشاكل في الأمن وعدم الاستقرار وسوء الأحوال هي في الأصل مشكلة ثقافية تعود بجذورها إلى المفاهيم الثقافية، فعندما أهملنا الثقافة خرج إلينا العديد من الشباب المتطرفين الذين يحملون أفكاراً تنبذ المجتمع وتنبذ فكرة التعايش والسلم الاجتماعي، ويتبنون أفكاراً تدعو إلى محاربة المجتمع والدولة، وظهرت المفاهيم التكفيرية والمفاهيم السلالية وظهرت لنا مفاهيم كثيرة تعادي القيم الإنسانية النبيلة وتعادي أفكار وأهداف الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر وتعادي الوحدة الوطنية والقيم الإنسانية.
فالتطرف ناتج عن خلل في البنية الثقافية والفكرية، ناتج عن قطعية ما بين الثقافة وهؤلاء الشباب عبر مرحلة كبيرة من الزمن، فعلى سبيل المثال وطننا العربي يعاني كثيراً من الاختلالات من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، وهذه المشكلات الفكرية والثقافية لا يتم محاربتها إلاّ بالفكر والثقافة، ويجب على الدول والمجتمعات العربية في آن واحد المشاركة في التحضير للحرب الفكرية وذلك من خلال الفنون والدراما والإعلام، وأن تتضمن المناهج الدراسية المواد التي تواجه الإرهاب.
وتشير الكثير من المطالبات إلى توحيد جهود المؤسسات الثقافية وجهود المثقفين كأفراد للعمل إنتاج خطاب ثقافي واع يسعى لمواجهة التطرف والإرهاب وتعرية هذه الظاهرة الخطيرة وكشف منطلقاتها ومرجعياتها وأبعادها الخطيرة أمام المجتمع، وبالتالي تأتي أهمية خلق وعي متكامل في كافة النواحي من كتابات للمثقفين ومن إنتاج أعمال مسرحية وسينمائية تعري الإرهاب وتبين مدى خطورته في هدم العلاقات بيننا وبين المجتمعات الأخرى، وخطورته في ترويع الآمنين ونشر الرعب بين أوساط المجتمع.
بسبب هذه الظاهرة فقد أصبح الفرد منا إذا خرج من بيته يقوم بتوديع أولاده فربما لا يعود فقد تنفجر به حافلة أو تصيبه رصاصة طائشة، وقد أصبح الوضع مخيفاً جداً، ولهذا فعلى المثقف أن يتحرك وأن يعمل شيئاً فإذا ما سكت عن كل هذا فمعنى ذلك أن البلد سيحترق وسيشتعل ويتبخر ما تبقى من أمل في نفوس المثقفين وفي نفوس الناس.
وعلى المثقفين الالتفات لمثل هذا الحدث وأن تتكامل جهودهم لخلق وعي لدى المجتمع بأهمية إحداث قفزة نوعية لتخطي هذا الظرف السلبي المظلم الذي نتج بسبب الإرهابيين وأفعالهم اللا إنسانية التي كل يوم تفسد ما تبقى من أواصر المحبة والألفة بين الناس.
ومن خلال الأنشطة والندوات الثقافية وتنشيط الأعمال المسرحية والإبداعية يمكن إظهار الأضرار التي تترتب على التطرف والإرهاب وكشف أفكار من يتبنى هذا الفكر الضال والأخطار المترتبة نتيجة تبني هذه الأفكار، فعندما تحدث أي أعمال إرهابية من تفجير أو تخريب، فإن المتضرر الرئيسي هم عموم المواطنين الذين يحرمون من الأمن والاستقرار ومن العيش الكريم، ويُحرمون أيضاً من الخدمات نتيجة مثل هذه الأفعال، ولهذا فلا بد للمثقف أن يعي دوره في توعية المجتمع وتنقية أفكاره من كل فكر متطرف ضال، ونشر قيم التسامح والتعايش والقبول بالآخر.
فالثقافة تستطع أن تلعب دوراً محورياً بل وأساسياً في مواجهة التطرف والإرهاب، ذلك أن الثقافة هي المحرك الأساسي لأفكار الأمم والأجيال، لكن ذلك الدور يظل مفقوداً في ظل غياب الثقافة الرسمية عن دورها الأساسي وفي ظل انشغال المثقف الحقيقي بمشاكل الحياة، وعدم تهيئة المثقفين للقيام بدورهم، ذلك أن الثقافة اهتمت بالعمل السياسي وتسييس المؤسسات الثقافية، متناسيةً دورها الأساسي في مواجهة قوى الشر والتخريب والإرهاب، لأن للكلمة دورها الأساسي والمقدس والأقوى إصابة من البارود، والأمر بين يدي وزارة الثقافة لتبني حملة واسعة النطاق في مواجهة آفتي التطرف والإرهاب وستجد كل النخب الثقافية في مقدمة الصفوف لاسيما عندما يكون الهدف هو الوطن والوطن وحده.
وتعتبر الأعمال الدرامية والمسرحية، من أنجع الوسائل لمكافحة التطرف والإرهاب، ولها دور كبير في توعية الشباب والنشء وجميع أفراد المجتمع وتعتبر من المنابر الهامة التي تقوم بإيصال الرسائل الإعلامية والتوعوية والتثقيفية وقد تكون أبلغ من منبر المسجد في الكثير من الحالات وذلك لتأثر الأفراد واقتناعهم بها وبما تقدمه من رسائل يتم طرحها بأسلوب جيد وراق ومدروس فيكون لها تأثير أبلغ لدى المتلقي.
وتعد الثقافة لدى الكثير من الدول أحد العناصر الرئيسية والوسائل الناجحة لمواجهة التطرف والغلو والإرهاب، فالمجتمع حينما تسيطر عليه ثقافة الغلو والتطرف لهو دليل على مروره بأزمة ثقافية، ولكي نسعى لانتشال المجتمع من مثل هذه الظواهر الدخيلة يجب العمل على الوعي الثقافي من خلال إشاعة ثقافة التسامح والحوار وتقبل الرأي والرأي الآخر وتفعيلها بإقامة المهرجانات الثقافية والتوعوية.
وتثبت لنا التجارب أن الثقافة طاردة للإرهاب لأنها تحمل في مضمونها فلسفة عميقة واتساع أفق ما يجعل المثقف أكثر إدراكاً بما يحمل فكر الإرهاب من سلبيات ستنعكس على بلده وعلى نفسه مستقبلاً، وأي بلد يهتم بالثقافة ستجد أنه لا يعاني بتاتاً من وجود الإرهاب، إلا في حالات نادرة يكون فيها مصدر الإرهاب خارجياً وليس من الداخل.

 

* نقلا عن :الثورة نت


في الجمعة 04 مارس - آذار 2022 08:27:40 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=5030