بدر محمد
“البرق اليماني.. مواقف شعرية عربية” هو مجموعة شعرية تضم مختارات شعرية لشعراء من الوطن العربي عكسوا من خلالها تضامنهم مع اليمن في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي على شعبنا، وأبرزتها مدى مواقفهم الثابتة ضد العدوان والهمجمية.
والمجموعة الصادرة مؤخرا عن الهيئة العامة للكتاب بصنعاء والتي جات في أكثر مائة صفحة من القطع الكبير هي من جمع وإعداد حسن المرتضى.
وفي مقدمته للمجموعة الشعرية يقول الأديب الشاعر عبدالرحمن مراد – رئيس الهيئة العامة للكتاب:
يرى الكثير أن الشاعر “يسعى إلى كلية تقف فرديته بكل ضيقها حائلاً دونها، إنه يسعى إلى عالم أكثر عدلاً، وأقرب إلى العقل والمنطق، وهو يثور على اضطراره إلى إفناء عمره داخل حدود حياته وحدها، داخل الحدود العابرة العارضة لشخصيته وحدها، إنه يريد أن يتحدث عن شيء أكثر من مجرد “أنا” شيء خارجي, وهو مع ذلك جوهري بالنسبة إليه، إنه يريد أن يحوي العالم المحيط به, ويجعله ملك يده وهو- عن طريق العلم والتكنولوجيا- يمد هذه “الأنا” المتطلعة المتشوقة للاحتواء, إلى أبعد مجرات السماء وإلى أعمق أسرار الذرة، كما يربط – عن طريق الفن، هذه “الأناء” الضيقة بالكيان المشترك للناس، وبذلك يجعل فرديته اجتماعية.”
فالشعر يمثِّل قدرة الإنسان المحدودة على الالتقاء بالآخرين وعلى تبادل الرأي والتجربة معهم.
وإذا كانت وظيفة الفن – والشعر أحد الفنون – الأساسية بالنسبة للطبقات التي تستهدف تغيير العالم لا يمكن أن تكون السحر، بل التنوير والحفز إلى العمل، إلا أن هناك في الفن بقية من السحر لا يمكن التخلص منها تماماً، لأن الفن بغير هذه البقية من طبيعته الأصلية لا يكون فناً على الإطلاق.
إن “الفن لازم للإنسان حتى يفهم العالم ويغيِّره، وهو لازم أيضاً بسبب هذا السحر الكامن فيه”.
ويقول: “بريخت”:
“إن النظرة الجمالية السائدة في مجتمع يحكمه صراع الطبقات تتطلب أن يكون الأثر المباشر للعمل الفني هو إخفاء الفروق الاجتماعية، بين المتفرجين، بحيث تنشأ منهم جماعة لا تنقسم إلى طبقات وإنما تكون وحدةً إنسانيةً شاملةً”.
وتأسيساً على ذلك قد تبدو حاجتنا إلى دائرة الفن – وهي إحدى دوائر تطوُّر الروح المطلق عند هيغل – أكثر إلحاحاً ولزوماً، فالصراع ترك فروقاً اجتماعية وتمايزاً طبقياً وسياسياً, ولا يمكننا أن نجتاز تلك العقبات إلا بالفن حتى نصل إلى وحدة إنسانية شاملة أو وحدة وطنية مشتركة.
أنه بعد نكسة (5حزيران) بدأت مرحلة جديدة في التفاعل مع السائد, وفي تحديد شروط التعامل مع الدين, والعلم, والكون, والحضارة, والمجتمع, والاقتصاد, والتقنيات, والفن, والسياسة, وبسبب النكسة لم تستطع الطلائع الثقافية والثورية, التي تصدرت المشهد في تلك الفترة, من فك الإشكاليات بين قضايا شائكة كانت المرحلة تضعها على طاولة النقاش والجدل الثقافي والفكري مثل: الأصالة والمعاصرة, والتراث والتاريخ, ولذلك لم تكتمل نهضتهم بفعل التأثر بالغرب, ونقل تجاربه التي لا تتناغم مع واقعهم, فالشعور بالتفوق كان غالبا, لذلك ظل الاغتراب المكاني والزماني هو ديدن المرحلة, إلى سقوط بغداد الجديد في أبريل من عام 2003م .
ويستطرد مراد في مقدمته قائلاً:
لقد شكل سقوط بغداد عام 2003م مرحلةً جديدةً, من أهم سماتها الشعور باستحالة نقل تجارب الغرب, والوعي بضرورات الإصلاح, فالإصلاح نسقٌ فكريٌ ثقافيٌ حضاريٌ تُقدم عليه الأمم لإنجازه بخطاب وتقنيات ومعطيات قادرة على التفاعل مع الواقع, لا القفز على شروطه الموضوعية, وقادرة على فرض طابعها الخاص الذي تتسم به المرحلة أو يتسم به المستوى الحضاري الحديث.
وهذا الطابع الخاص بدأ بتشكل ويدل عليه الخطاب الشعري والثقافي, وهو ماضٍ في فرض نسقه الفكري والفني، وفي قصائد هذه المجموعة تتشكَّل البذرة الأولى في مسار النهضة العربية والإسلامية التي بدأت ملامحها تتشكل من اليمن, من خلال المشاركة الوجدانية للشعراء من مختلف البقاع العربية مع مشروع المسيرة القرآنية الذي انطلق مطلع الألفية, وهو اليوم يشق طريقه بقيم العزة والكرامة التي ينشدها الإنسان العربي المسلم بعد عوامل النكسة والانجرار وراء المستويات الحضارية القادمة من الآخر المختلف.
ففي عصر النهضة مطلع القرن التاسع عشر الميلادي كان الرسول عليه وآله الصلاة والسلام, في مخيلة الشعراء وأهل الأدب والفن هو الملهم لعوامل النهضة الثقافية والاجتماعية والسياسية. بل وكان الملهم في قضايا التحرر من الاستعمار, وأيضاً لقضايا الوحدة والحرية والمساواة, وقد نشأت حركات ثورية وثقافية في عموم الوطن العربي والإسلامي, امتدَّ بها الزمن إلى بداية عقد السبعينيات, وتجلت طموحات تلك الحركات في الحرية والعدل والوحدة, وشكَّل أحمد شوقي وغيره من الشعراء بقصائدهم النبوية تعبيراً ثورياً حقيقياً عن تلك المرحلة.
ويضيف مراد قائلاً:
ومن خلال التحليل السياقي والتقاطعي لنصوص هذه المجموعة تصدمنا حقيقةٌ واحدةٌ, وهي أن اليمن من خلال مشروعها القرآني بدأت تشكِّل معادلاً موضوعياً لفكرة النهضة وفكرة الانتصار, فقد ارتبط الفن – من حيث النشأة – بحالة الانقسامات والصراعات وحالة التيه والضياع, ولذلك يعود الفن إلى الفاعلية الثقافية والاجتماعية مع كل حالة مماثلة , وها هم الشعراء ينتصرون لكليتهم التي وقفت فرديتهم حائلاً دون بلوغها, فالشعر يمثل قدرة الإنسان المحدودة على الالتقاء بالآخرين وعلى تبادل الرأي والتجربة معهم.
ما يحدث اليوم في عموم الجغرافيا الإسلامية هو عملية ثقافية تحفيزية تهدف إلى إكساب المجتمع هويةً إيمانيةً مضافةً, وهي تعتمد اعتماداً متزايداً على مختلف الجماعات بهدف الوصول للوحدة المشتركة أو الإحساس بها في ظل ما يتعرَّض له الإسلام من هجوم ومن تشويه متعمَّد.
لقد بزغ المشروع من وسط أنين أهل اليمن, وهو قادم لا محالة حتى يعيد ترتيب الكون النفسي والثقافي, فتحيةً لكل صوت حرٍّ تجاوز فرديته ليشترك وجدانياً مع تطلعات الأمة للنهضة.
لقد اقترحنا, على جامع ومعد هذه المجموعة الشعرية الشاعر والأديب حسن المرتضى, تغيير عنوان المجموعة إلى “البرق اليماني” يقيناً منَّا بأن هذا البرق سوف يضيء مناكب الأرض في قابل الأيام, فهو ينبثق من وعد الله لعباده المؤمنين بالنصر وتحقيق مبادئ العدل والخير للبشر.
وضمت المجموعة نصوصاً شعرية لشعراء عرب منهم الشعراء:
عبدالرحمن ناجي، سوريا، السيد أحمد الماجد، الحجاز، نزيه فياض، لبنان، أحمد رفعت شداد، لبنان، القس جوزيف إيلي، سوريا، حميد حلمي زاده، العراق، أكرم العيداني، العراق، فاطمة محمود سكاف، لبنان، نادية الحقاني، لبنان، محمد جعفر شرف الدين، لبنان، أحمد حجيري، البحرين، الشيخ علي عواضة العاملي، لبنان، مرتضى التميمي، العراق، أسيل سقلاوي، لبنان، حسن سامي العبد الله، العراق، أحمد قنيدل ، مصر، سارة بشارة الزين، لبنان علي رشيد بلقاسم، الجزائر، مرتضى حيدري آل كثير إيران، وائل القويسني، مصر، حسين يحيى الحاج، لبنان، علي أنور نجم، سوريا، ريم البياتي، سوريا، وغيرهم.
* نقلا عن :الثورة نت