|
إنّ كل حُرٍّ تَتوقُ نَفسُهُ إلى التحررِ من الاستبدادِ والظلمِ بشتى أنواعه، وأمنيتُهُ أن تتحررَ الشعوبُ من رِقِّ عُبودِيّةِ الاستكبار العالمي، ومن أدواتهِ وأزلامهِ وأصنامهِ الدائرةِ في فَلَكِهِ، والسائرةِ على نَهجِهِ، والمُطيعةِ لأمرِه..
وأمنيتُهُ هذه نابعةٌ من الشعورِ بالمسؤولية، فكل مسلمٍ حُرٍّ يَتَألّمُ لوضعِ الكثيرِ من الشعوبِ المقهورة، التي تعيشُ تحتَ وطأةِ الظالمينَ والمستكبرين.. هذا الشعورُ بالمسؤوليةِ، الذي ينتابُ كل مُؤمنٍ حُرٍّ، هو نتيجةُ إيمانِهِ بالله تعالى، فالمؤمنُ يتألمُ بما يحدثُ لإخوانه، حتى ولو كانوا في مَشارِقِ الأرضِ، أو في مَغارِبِها. جاء في الحديث :(مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)، رواه البخاري.
وجاء في حديث آخر: (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم)، رواه الطبراني والحاكم والبيهقي واللفظ للأول ..
فهذان الحديثان، يدلان على أن المسلم الحقيقي والمؤمن الصادق، هو الذي يهتم بأمر المسلمين، ويتألم لآلامهم، ويُؤدّي واجِبَهُ نحوهم بحسب قدرته واستطاعته..
فالمسلمُ الحُرُّ عليه أن يستخدمَ كلَ الوسائلِ المُتاحَةِ، للتحررِ من عُبوديّةِ الظالمين، وكذلك يقومُ بِنُصْرَةِ إخوانِهِ من الشعوبِ الأخرى، حسب إمكانياته المتاحة..
ولهذا كان الشعار: (الله أكبر.. الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود. النصر للإسلام).. والصرخةُ به إعلانُ موقفٍ عِدائيٍّ تجاهَ أعداءِ الله تعالى، وهو سلاحٌ قويٌ لكلِ مسلمٍ حُرٍّ، تتوقُ نفسُهُ للحريةِ، وإلى حريةِ الآخرين، يُظهر ويعلن من خلالهِ المعاداةَ لأعداءِ اللهِ ورسولِهِ وأوليائِهِ، فالموالاةُ والمعاداةُ تُعَدُّ من أُسُسِ الدينِ وفرائضِه، وعلامةٌ من علاماتِ الإيمانِ الصادقِ، التي لابُدَّ أن يَتحلى بها المؤمن. وقد تكلمنا في بحثنا الموسوم بـ»أهمية الولاية لله ورسوله والذين آمنوا»، الذي أنزلناهُ في حلقاتٍ، على وسائلِ التواصلِ الاجتماعي. تكلمنا فيه عن كل ما يَخُصُّ الموالاةِ والمعاداةِ، من حيثُ تعريفها وأهميتها، واستعرضنا فيه الآيات والأحاديث، وغيرها من الأدلة الدامغة… فعليك به، فهو في غاية النفاسة.
ولن نعيد هنا ماذكرناه هناك، وسنقتصر على ذكر آية، وهي قوله تعالى: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاءٓؤٱ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ..)[الممتحنة : 4]..
أمَرَنا الله تعالى أن نقتديَ بإبراهيم وبالذين آمنوا معه عندما أعلنوا البراءة من أعداء الله، حيث تبرأوا منهم قولاً وفعلاً _كما نصت عليه الآية_ ونحن علينا أن نقتديَ ونتبرأ من أعداء الله، وعلى رأسهم (أمريكا) الشيطان الأكبر، لأنها استعبدت الشعوب، وسلبتهم حريتهم، وجعلت أكثر الأنظمة العربية والإسلامية عبيداً لها ..
فهذا الشعارُ هو مِصْداقٌ من مَصاديقِ البراءةِ من أعداءِ اللهِ، والمعاداة لهم..
وصِيغتُهُ هذه: (الله أكبر.. الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود.. النصر للإسلام) والتي أطلقها الشهيد القائد السيد حسين الحوثي «رضوان الله عليه»، وجعلها شعاراً وصرخة ضد المستكبرين، تُعَدُّ غزيرةَ المَعنى، مُتَكامِلَةَ المَبنى، لأنها تزرعُ في قلوبِ الشعوبِ السّخَطَ على أعداءِ الله، وتجعلُ الأعداءَ في قلقٍ دائمٍ، وضيقٍ مُستمرٍّ، وذلك لما لنتائجِها من تأثيرٍ كبيرٍ في قلوبِ المسلمين، وتغييرٍ قويٍّ في واقِعِهم .
كذلك الشعارُ له تأثيرٌ كبيرٌ على الأعداءِ (الصهاينة والأمريكان)، حيث أنه يضربُ نفسياتِهِم، وإلاّ لماذا قلقتْ أمريكا أشدَّ القلقِ من هذا الشعار، وبإيعازٍ منها، جعلت النظامَ اليمنيَّ السابقَ يَشنُّ حُروبَهُ السِّتَّ على الشهيدِ القائدِ وعلى أتباعِهِ ومُحِبِّيهِ في (صعدة)؟ ولماذا ذهب السفيرُ الأمريكي آنذاك إلى (صعدة)، وقام بشطبِ الشعارِ من الجُدران ؟!
لماذا خوفُهم وهلعهم من هذا الشعار الذي أقَضّ مَضاجِعهَم ؟!
لأنهم يُدركونَ قُوّةَ وتأثيرَ هذا الشعار، وأنه سوف يورثُ سخطَ الشعوبِ عليهم، لاسِيّمَا إذا تم تصديرُه إليها وصرختْ به..(وفعلاً، قد وجدنا بعضَ الشعوبِ ترفعُ هذا الشعاَر وتصرخُ به).. فإذا كان هكذا خوفُهم وقلقُهم من هذا الشعارِ ومن نتائجِه، فأنعِمْ به، وليكنْ هو شعارنا، ونحقق معانيه في واقعنا، ونجعله هدفَنا في مسارِنا ..
إن كل أمرٍ نقولُه أو نفعلُه ويغتاظُ منه أعداءُ اللهِ، فعلينا أن لا نَترُكَهُ، لأن الله تعالى يكتبُ لنا به عملاً صالحاً، يقول الله تعالى: ( … وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ..)[ التوبة : 120]..
فلاحظ إذا كان المكان الذي تطأوه قدمُك وفيه إغاظةٌ لأعداءِ اللهِ، فإنّ اللهَ يكتبُ لك بذلك عملاً صالحاً، فكذلك الشعارُ، يغيظُ أعداءَ الله ..
ناهيكَ عن أنّ الشعارَ يُحقَّقُ أهدافاً كثيرةً، منها تحريرُ الشعوب، وتحصينُ الأجيالِ _الحاضِرةِ واللاحقةِ_ من أعداءِ اللهِ، الذين يَتَربَّصونَ بالمسلمين، ويَسْعَوْنَ إلى ضربِهم، عبرَ حروبهم الناعمة، متعددةِ الوسائلِ، متنوعةِ الاتجاهات..
إنّ رفعَ الشعارِ، عملاً وتطبيقاً، والصرخة به، والاستمرار في ترديده، يُعَدُّ استجابةً للتحذيرِ، الذي جاءَ في مَضمونِ قولِهِ تعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ..)[ المائدة : 82].. فاللهُ تعالى يُخبِرُنا بأنّ اليهودَ هُمْ ألَدُّ أعدائنا، وأنّ عَداوَتَهُمْ سوفَ تَستمرِّ إلى قِيامِ الساعةِ، فكلامُ اللهِ تعالى ليسَ مَوقوفاً على أولئكَ الذينَ كانوا في زمنِ النُبُوّةِ، بل كلامُهُ لكلِ العُصورِ، ولكافّةِ الأجيالِ، السابقةِ والحاضِرَةِ واللاحِقَة ..
وإذا كانت عَداوةُ اليَهودِ لنا مُستمِرّةٌ، فاستمرارُ رفعِ الشعارِ، والصرخةِ بهِ مَعناهُ أنْ لا نَغفلَ عن أعدائنا، أعداءِ كلِ شعوبِ المسلمينَ، في كِل عَصْرٍ ومَصْرٍ..
والشعارُ يُعَدُّ أيضاً استجابةً لتحذيرِ اللهِ تعالى لنا، قال تعالى: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ..)[البقرة : 120].. فمهما قَدّمَتْ لهم الأنظمةُ (المُتَأسْلِمَةُ) من خِدْماتٍ كيْ يَرْضَوا عنها، فإنهمْ لنْ يَرْضَوا عنها، حتى يسلخوها _وشعوبَها التي تحكمها_ عن إسلامِهم، ويُخرجوهم عن إيمانهم. ليس هذا فحسب، بل حتى يجعلوهم يذوبون في منهجهم المنحرف، ويسيرونَ على نفس مسارهم، وأسلوبِ حياتهم، وفي كل شيءٍ، وبلا استثناءِ شيءْ …
لهذا كان الشعارُ من مَصَاديقِ هذه الآية (لتجدنَّ…)، والتي قبلها (ولن ترضى…)، من حيثُ تحذيرُ اللهِ لنا من أعدائهِ، ومن أساليبِهِمُ الخبيثةِ، التي من خلالها يَسْعَوْنَ إلى تَجريدِ المسلمينَ عن إسلامِهم، وسَلْخِهِم عن إيمانهم، وصولاً إلى مَحْقِ هُوِيّتِهِمْ، واضمحلالِهِم، وزوالِهِمْ، فلا يتبقى منهم إلاّ العبيد، الذين ارتضَوا عيشَ العبوديّةِ والقهرِ والذلِ والهوان..
ويُعدَّ الشعارُ أيضاً من مَصاديقِ الامتثالِ للنهي الإلهي، الذي جاء في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ..)[المائدة : 51].. فإذا كان الحق تعالى أمَرَنا أن لا نتخذهم أولياء، وحكمَ بأنّ من يفعلُ ذلك يصيرُ منهم، فهذا يعني _من حيث مفهوم المخالفة_ أن نتخذهم أعداءً، ويكون عداؤنا لهم قولاً وفعلاً..
كذلكَ الشعارُ يحققُ هذا الغرضَ، وهو الاستجابةُ في الامتثاُل للنهي الإلهي…،
وهكذا نفهم بقية الآيات، كقوله تعالى: (لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ..)[ المجادلة : 22]..
وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ..)[الممتحنة : 13]..
وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ..)[ النساء : 144]..
ويُعَدُّ الشعارُ _أيضاً_ من مَصاديقِ قولِهِ تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ)[ الشورى،:39]..
وهل هناك بَغْيٌ أكبرُ مما تفعلُه (أمريكا وإسرائيل) تجاه الشعوب ؟!
وإذا عَجَزَتْ الشعوبُ عن نُصْرَةِ نَفسِها فِعْلِيّاً، فعليها أن تنتصرَ لنفسِها قَوْلِيّاً، وتَصْدَعَ بالشعار، الذي سيحققُ الانتصار الفِعْلِيَّ، إذا ما اسْتَمَرّتْ على ترديدِه..
وإذا كان الله تعالى أجازَ لك أن تتكلمَ بالسُوءِ على من ظَلَمَكَ من المسلمين أو من غيرهم، بما ترفعُ به ظُلمَك (لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ ..)[النساء : 148] ، فكيف بمن استباحَ عِرْضَك، واحتلَّ أرضَك، وأكلَ ثرواتِك، وقتل مالا حصر لهم من المسلمين !! ومن من طُغاةِ العَصْرِ جَمَعَ كلَ هذه المَظالمِ ووجّهَها عليكَ؟!!.. ألا إنّهُ الاستكبار العالمي، المُتَمَثِّلُ بـ(أمريكا وأذنابها)..
ألا فرددوا الشعار، وأعلنوا صرختكم به على كل من جَار، وسوف تُحبِطُونَ مُخططاتِ الأشرار، وتحصنونَ شعوبَكُم في جميعِ الأمْصَار..
هذا، ولا يكتملُ الإيمانُ إلاّ بإظهارِ المُعاداةِ لأعداءِ المَلِك ِالجباَّر، أعداءِ رسولِهِ المُختارِ وآلِهِ الأطهار..
اللهُ أكبر
الموتُ لأمريكا
الموتُ لإسرائيل
اللعنةُ على اليهود
النصرُ للإسلام
في الأحد 05 يونيو-حزيران 2022 06:24:04 م