|
لاتزال الكثير من الجوانب والمجالات المتعلقة بقضية الحياة بالنسبة لشعب الإيمان والحكمة مصدرا لمفاقمة المعاناة وتوسيع نطاقها بصورة عامة، سواءً في سياستنا أو اقتصادنا أو اجتماعنا أو في حركتنا الفكرية ونشاطنا الثقافي والفني وعملنا التوعوي والإعلامي، لسبب وحيد، هو: قيامنا في الكثير من الحالات باختيار الشخصيات غير المناسبة لتتولى إدارة الأماكن غير المناسبة لها، وهذا لا يعني أننا نشكك بالشخصيات في قناعتها وصدق توجهها الجهادي والثوري، وإنما نعني بغير المناسبة افتقار تلك الشخصيات للخبرة والقدرة التي تمكنها من تحقيق شيء في ذلك المكان الذي اختيرت له، إذ تجد نفسها في مكان لا تستطيع من خلاله القيام بأي عمل يمكنها من تحقيق إنجاز حقيقي على أرض الواقع، نتيجة تعارضه مع ما تملكه تلك الشخصيات من مواهب وقابليات ومعارف يمكن توظيفها لتحقيق النهوض لذلك الموقع، ولذلك تبقى تلك الأماكن مدرجة في سجلات الفشل المتراكم، وداخلة في خانات العجز المستدام، كلما صرفنا النظر عن هذا الجانب وحاولنا تجاهله والتغافل عنه، ولم نكلف أنفسنا شيئاً من الجهد الفكري والعملي من أجل الإصلاح لهذا الاختلال، ومعالجة كل ما نتج عنه من نتائج تدميرية، وآثار سلبية، ومخلفات وتراكمات عطلت الكثير من القطاعات والمؤسسات، وجمدت كوادرها وأماتت دورها تماماً.
لقد شهدت الكثير من المواقف وعايشت الكثير من الحالات التي يصل من خلالها فلان أو علان من المسؤولين إلى نقطة العجز عن فعل شيء، فيلجأ لمَن يخرجه مما هو فيه من ذوي الخبرات والمعارف، والقادرين على العطاء، ولكن ما إن يتجاوز ذلك المسؤول تلك الحفرة التي أوقع نفسه بداخلها حتى ينسى تلك العقليات، فتغيب عن المشهد، وتظل معزولة عن الساحة بقية حياتها، ولدي الكثير من الشواهد بهذا الخصوص، فهناك أشخاص تم على أيديهم بناء الكثير من المشاريع، وما هي إلا مرحلة حتى قامت تلك المشاريع على قدميها، وظهرت للعيان، فإذا بمن كان لهم شرف الإسهام بإخراجها إلى النور قابعون في بيوتهم، ليتولى إدارة تلك المشاريع مَن ليس أهلاً لتوليها، لعدم امتلاكه عشر ما لدى من تم عزلهم وإقصاؤهم من رؤى وأفكار.
إن قضية الاعتماد على العاجزين وتولية الفاشلين، واستبعاد القادرين وذوي الأمانة والصدق في طريقها لتصبح ظاهرةً ستفرض نفسها على الواقع كله، إذ بات المتأمل في التعيينات بجميع أنواعها يلمس من المؤشرات والأساليب ما يوحي بأننا سنصل إلى المرحلة التي سنرى فيها كل مَن لديه القدرة على العطاء، ويمتلك المعرفة، ولديه الطاقة الكافية لإيجاد تحول هنا أو هناك مجرد كمية مهملة، لا قيمة لها لكونها عبارة عن أشياء زائدة عن الحياة والحاجة، وهكذا يصبح وجودها عاملا إضافيا لتوطين العجز، والتيه في محيط الفراغ والعدمية.
* نقلا عن : لا ميديا
في الأحد 05 يونيو-حزيران 2022 06:27:21 م