كيد الترجمة مع الإعلام الغربي
عبدالله علي صبري
عبدالله علي صبري


تطالعنــا الكثــير مــن الصحــف والقنــوات والمواقــع الالكترونيــة بترجمــات لمقــالات وتقارير منشــورة في الصحافة الغربيــة وبالذات البريطانيــة والأمريكيــة تنــم في مجملهــا عــن معارضــة لاســتمرار الحرب في اليمن ولجرائم تحالف العدوان الســعودي الأمريكي بحق المدنيني، وبل وتذهب هذه المواد المترجمة للخوض في تفاصيل توحي بــإدراك لمغبة التورط الســعودي الأمريكي في حــرب خاسرة لا يتوفر لها فرص الحسم العسكري ، بل يتعني دعم الحل السياسي للخروج من مأزقها ! وتطرح مثل هذه الترجمات تســاؤلاً رئيساً يتعلق بواقع الصحافة الغربيــة وتأثيرها على المجتمعــات والحكومات، إضافــة إلى تأثيرات بيــوت الخــبرة ،ومراكز الدراســات على صنــع القرار في الــدول الأكرث نفوذاً بالعالم ..

حتــى الآن وعلى عكس ما هو مألوف ، تبدو العلاقة بني الصحافة والسياسة عكسية تماماً ،فكلما ازدادت نقمة الصحافة الغربية تجاه اســتمرار الحرب في اليمن، كلما شــهدنا تصعيداً عسكرياً للتحالف وتورطــاً غربيــاً يدعــم هــذه الحــرب مــن خــلال الغطاء الســياسي وصفقات الأسلحة والتخاذل تجاه الأزمة الانسانية المتفاقمة! اللافت أيضاً أن الشــارع الغربي الــذي طالما خطف الإعجاب من خــلال التحــركات والتظاهــرات الانســانية ، نجده اليــوم عازفاً عن القضايــا الســاخنة في العالــم العربي ، بعــد أن ســاءت مفاهيم من قبيل أن الشرق الأوســط هو معقل الإرهاب ( الإســلامي ) وأن الدول العربيــة تعــد الحاضن والمصــدر الرئيــس للإرهاب في العالــم ، وهذا يعنــي أن الحــروب التي تشــهدها هذه البلــدان هي نتــاج التطرف والإرهــاب والــصراع عــلى الســلطة والنفــوذ، وفي المجمل فــإن درجة التعاطف الغربي شــعبياً مع المآسي التي يعيشها العالم العربي، لم تعد تتأثر بالإعلام وتناولات الصحف.

غــير أن ثمة رأيــا آخر يتجــه إلى دحض هذه المزاعــم، فالإعلام لا يزال محور صناعة الرأي في الدول الديمقراطية بشكل عام، ولا شك أن كميــة كبيرة من تنــاولات الإعلام الغربي تصــب في خانة الكراهية للمســلمني، وهذا ما يفسر صعود اليمني المتطــرف في الغرب وتعاظم فوبيا الاســلام في عواصم هذه الدول، والنتيجة المرتبطة بهذا الرأي، أن الحرب على اليمــن تحضر في الإعلام الغربي في إطار هامشي، وأن الترجمــات التي نعتبرها إيجابيــة إلى حد ما، لا تقــاس بحجم المواد الإعلاميــة الضاجــة بلغــة الكراهيــة والســخرية من دول وشــعوب المنطقة، ومن ديانتهم وفكرهم وحروبهم !

ومــن يلحظ كمية الترجمات التي تحتفــي بها صحافتنا المحلية في الفترة الأخيرة ، ســيجد نفســه أمام علامات التعجــب آنفة الذكر، فإذا كانت الصحافة الأمريكية ضد دعم واشنطن للحرب على اليمن، فلما ذا تبدو إدارة ” ترامب ” اكرث انغماساً في هذه الحرب، وهل أصبح ” المال” هو المحدد الرئيس لمواقف واشنطن؟ مــع ذلــك يتبقى ســؤال يخامرنــي منذ أمــد طويل في مــا يتعلق بالترجمــة عن الصحافــة الغربية..

هل يعمد المترجمون إلى تســليط الضــوء على المواد التــي تدعم موقفنا وحجتنــا وقضيتنا العربية أو اليمنيه، ويهملون ما عدا ذلك؟ هذا وارد بلا شك، لكن ماذا عن الترجمات الأصلية التي لا يتدخل فيهــا الوســيط العربــي، أو اليمنــي..

هــل تتعمد كبريــات الصحف الغربية ومراكز القرار والدراســات ترجمة المواد التي تدغدغ مشاعر العــرب واليمنيني، وتغض الطرف عن المواد الأخــرى، هذا وارد أيضاً، ولعلــه يشــير إلى ازدواجيــة الخطاب ، كمــا هي ازدواجيــة الترجمة ، وبالمحصلة فإن التعامل مــع الترجمات الرائجة اليوم عن الصحافة الغربيــة قــد ينطــوي عــلى مخاطر “نفســية”، حيــث نتوهــم تغير مواقف الدول، ثم نصطدم بواقع أكرث قســوة ومــرارة .. ومن تجربتي الشخصية أقول: الحذر من هذه الترجمات حتى يثبت العكس.



في الإثنين 05 يونيو-حزيران 2017 06:28:29 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=547