طلبة الله..!
إبراهيم الوشلي
إبراهيم الوشلي
تحول الطب عندنا من مهنة إنسانية إلى “طلبة الله” وتجارة بحتة ليس فيها ذرة من الإنسانية، لذلك أي مستثمر ناجح يريد أن يفتح مشروعاً يدر عليه الأموال؛ فأنا أنصحه ألا يفكر بمشاريع تقليدية كالمطاعم والحدائق والفنادق وغيرها، فأنجح مشروع على الإطلاق هو أن يفتح مستشفى خاصاً (ويطلب الله)، لكن بعد أن يرمي ضميره وآدميته في سلة القمامة طبعاً.
تخيلوا معي أن مواطناً بسيطاً أصيب بمرض شديد يستدعي عملية جراحية أو رقوداً في المستشفى، ولم يجد في المستشفيات الحكومية إمكانية لاستقبال حالته.
حينها سيجد المسكين نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن يتعذب حتى يموت في بيته وحيداً عاجزاً، أو أن يبيع “إحدى كليتيه” ليتمكن من دخول مستشفى خاص لا بأس به، والله أعلم إن كان ثمن الكلية سيكفي أم لا.
بالفعل أصبحت أسعار معظم المستشفيات الخاصة تجعل المرء يفكر ببيع أحد أعضائه ليتمكن من معالجة عضو آخر..!.
دعونا من الأسعار الخيالية.. الأمر الأكثر كارثية هو الإهمال الطبي والمآسي التي تحدث داخل تلك المستشفيات تحت مسمى “خطأ طبي”.
منذ طفولتي وأنا أسمع الكثير من القصص عن هذا الموضوع..
شاب أصيبت إحدى قدميه بالغرغرينا فبتروا له القدم السليمة.. ثم اعتذروا ببساطة وقاموا ببتر الأخرى..!
طفل يدخل بقدميه لاستئصال اللوزتين ويخرج جثة هامدة.. والمبرر “زيدنا البنج بدون قصد”..!
الاستهتار بأرواح الناس ليس شيئاً يمكن السكوت عليه، وأرجو أن وزارة الصحة تدرك ذلك جيداً.
قبل أسبوع وردتني مكالمة من عمي حفظه الله “المهندس محمد الوشلي”، وأخبرني أنه قرأ في الصحف أن وزارة الصحة أعلنت نتائج تقييم المستشفيات الخاصة، وأغلقت أقسام العمليات والعناية والرقود في 29 مستشفى، كما أنها أرسلت إنذاراً لـ100 مستشفى.
أشاد عمي بهذه الخطوة من قبل وزارة الصحة، لكنه استغرب أنها لم تنشر التقييم كاملاً مع أسماء المستشفيات والدرجة التي حصل عليها كل منها.
مع العلم أننا وجدنا التقييم الكامل في موقع الوزارة الإلكتروني، لكنه للأسف تقييم قديم لم يتم تحديثه منذ عام تقريباً، أي أن المعنيين في الصحة نشروا الخبر في الصحف قبل أن يحدثوا التقييم في الموقع..!
نأمل ألا ينسوا نشر التقييم الأخير.. ونأمل أن يتم إعلان أسماء المستشفيات التي تم إغلاق أقسام العمليات والعناية فيها، والتي تلقت إنذاراً أيضاً.
فمن حق المواطن أن يعلم مدى جودة هذا المستشفى أو ذاك، لكي لا ينخدع بمستشفى ليس مستأمناً على حياته.
وأخيراً وهو الأهم لا تكتفوا بالشكليات أيها المسؤولون.. وابدأوا مثلاً بضبط التسعيرات في المستشفيات الخاصة، ووضع حد للمتاجرين بمعاناة الناس.
فما الذي سأستفيده إذا عرفت أن هذا المستشفى جيد وتقييمه عالٍ، بينما لا أستطيع دخوله إلا ببيع كل ما لدي والغرق في الديون!
 

* نقلا عن : لا ميديا


في الثلاثاء 21 يونيو-حزيران 2022 12:51:55 ص

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=5511