|
ظهرت في الآونة الأخير دعوات جديدة -على نهج قديم- لاحتواء الجمهورية الإسلامية الإيرانية خاصة بعد فشل مفاوضات فيينا الأخيرة، بين واشنطن وطهران، بشأن الملف النووي الإيراني.
وكان يفترض أن يتم التوصل لاتفاق بين الولايات المتحدة وإيران في المفاوضات الأخيرة بين الجانبين لولا تصلب الموقف من الجانب الأمريكي وإصراره على إدراج مؤسسات إيرانية سيادية على قائمة الإرهاب ورفضه البدء برفع العقوبات على طهران.
وتتبع الولايات المتحدة استراتيجية جديدة في المنطقة لكنها قديمة في الأصل تقوم على الاحتواء للكل، وتمثل تقريبا عكس استراتيجية الرئيس السابق دونالد ترامب.
ومفهوم "الاحتواء" يرجع إلى فترة الحرب الباردة (1947- 1991) التي دارت بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي بعد الحرب العالمية الثانية، واتخذت طابع المواجهة السياسية والأيديولوجية، وأحياناً العسكرية غير المباشرة.
وسعت الولايات المتحدة بعد الحرب العالميّة الثانية إلى مواجهة مع والاتحاد السوفياتي خصوصا لتحجيمه وإسقاطه.
واستراتيجيّة "الاحتواء"، تشكّل "القوة المضادة" الأمريكية لحظر التوسع السياسيّ وتقويض الاقتصاد ومنع "العدوان" العسكري للخصم، سواء كانت الخصومة والمنافسة أيديولوجيّة أو جيوستراتيجيّة أو في مواجهة نفوذ الدول والأحزاب على حد سواء.
وتقوم هذه السياسة الخبيثة على فك التحالفات، وتشويه العلاقات، والتخريب الأمني والاغتيالات، والمحاصرة عبر الحكومات المعارضة، واحتواء النخب، وإحداث الانشقاقات، والحصار الاقتصادي.
ويعرف الاحتواء بمفهومه البسيط على أنه اعتماد سياسة وسطيه بين السعي الدؤوب إلى إسقاط الأنظمة من جهة وتطبيع العلاقات من جهة أخرى.
وفي هذا الإطار، تسعى الإدارة الأمريكية الجديدة في الحقيقة الى احتواء الكثير من الدول داخل المنظومة العالمية، عبر سياسة الاحتواء أو سياسية "العصا والجزرة" التي تعني تغيير السلوك وفرض نمط جديد على الدول والجماعات السياسية، من خلال سياسة الترهيب والترغيب، أى أن هناك مكافأة في حال التزمت بالقواعد والشروط الدولية، وهناك عقاب فى حال مخالفتها.
وبين الفينة والأخرى تطرح الإدارات الأمريكية المتعاقبة على دول المنطقة إيران كنموذج يجب احتوائه لكن تلك الدول أيضا محل احتواء كامل للاعب الأمريكي في المنطقة حيث يسعى الى تخويفها وخاصة الدول العربية النفطية (السعودية – والأمارات وغيرها) من الجمهورية الإسلامية الإيرانية كخطر قائم على أمنها القومي.
لكن مع تطورات الأوضاع في العالم وخاصة الحرب في أوكرانيا، تسعى الإدارة الأمريكية الحالية الى اتباع سياسة تهدئة واحتواء مع إيران وتطمينية لحلفائها الذين يُمارس عليهم لعب دور الداعم في كل أزمة تفتعلها واشنطن.
وسيكون لأمريكا مدخل جديد في هذه المرحلة لابتزاز الدول العربية النفطية عبر فرض سياسة احتوائية تبقى المشكلة فى إيران ومسؤوليتها عن الوضع في المنطقة وطرح كيفية مواجهتها وتخليها عن السيطرة وزعزعة الاستقرار والنأي بالكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين عن كل مشكلة في المنطقة.
وسيتكون المصالح الأمريكية والنفط خصوصا الأولوية القصوى خلال زيارة الرئيس الأمريكي المرتقبة الى المنطقة في يوليو المقبل إذ يتوقّع -بحسب المحللين- أن يدفع بايدن خلال زيارته للسعودية باتّجاه زيادة إنتاجها النفطي في مسعى لكبح ارتفاع أسعار الوقود وتسارع التضخم في مقابل تكريس استعادة بن محمد سلمان لمكانته دوليا بعدما كان معزولا إلى حد كبير.
وستأتي زيارة بايدن للسعودية المثيرة للجدل بعد موافقتها على زيادة إنتاج النفط في وقت يسعى بايدن فيه إلى خفض أسعار المحروقات في الولايات المتحدة وعزل روسيا على الساحة الدولية، بحسب المراقبين.
ومن المقرر أن يلتقي بايدن خلال الزيارة بالإضافة إلى لقائه بن سلمان قادة دول عربية أخرى، بينها مصر والأردن والعراق والإمارات.
ونظرا لفشل الإجراءات الراديكالية المعتمدة من قبل الإدارات الأمريكية المتعاقبة التي اعتمدت سياسات الإقصاء والحصار والاحتواء ضد طهران فقد يكون الأفضل لها ولدول المنطقة إتباع نهج مختلف يبنى على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.
ومع هذا الطرح المعقول لكن يبدو أن خيارات واشنطن هي المصالح الآنية التي تتمثل في نهب ثروات المنطقة الغنية بالنفط والمعادن وابتزاز دولها خاصة السعودية والإمارات.
* نقلا عن :سبأ نت
في الإثنين 27 يونيو-حزيران 2022 10:46:24 م