|
لا تزال إحاطات المبعوث الأممي إلى اليمن غروندبرغ تخضع – على ما يبدو – للصياغة والتنقيح والتعديل والإضافة لمكتب السفير السعودي محمد آل جابر، ولا ينقصها سوى تضمين غلافها شعار ( السيفين والنخلة ) بدلاً عن شعار الأمم المتحدة، ولم يقنعنا بحياديته على الإطلاق وخصوصا في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن والتي لم يقدم فيها ما يشفع له أمام الشارع اليمني، الذي كان يتطلع إلى صحوة ضمير أممية يضع من خلالها النقاط على الحروف ويسمي الأشياء بمسمياتها بشفافية ومصداقية وحيادية، كلام إنشائي تمت صياغته وحشوه بالكثير من العبارات والمصطلحات المطاطية التي لا تلامس جوهر ومضمون الهدنة الأممية الهشة التي ما يزال المواطن اليمني بعد انقضاء ما يزيد على مائة وبضعة عشر يوما من عمرها يبحث عن أثرها المفقود لديه، وهو الذي كان يمني نفسه بأن تسهم الهدنة في تحقيق انعكاساتها إيجابية يلمس أثرها على أوضاعه وظروفه المعيشية والاقتصادية .
حيث واصل المبعوث الأممي مسلسل التضليل والمرواغة في إحاطته، من خلال تجاوزه وقفزه على الواقع والمعطيات الميدانية الحقيقية الملموسة على الأرض والتي كان من المفترض أن تتضمنها إحاطته سالفة الذكر، حيث تحدث عن صمود الهدنة لأكثر من ثلاثة أشهر متجاهلا الخروقات التي تجاوز عددها حاجز العشرين ألفا، وذهب للحديث عن انخفاض كبير في أعداد الضحايا بين المدنيين تُقدر بنسبة الثلثين مقارنة بما كان عليه الحال في الأشهر الثلاثة التي سبقت بدء الهدنة، دونما إشارة للطرف الذي ما يزال يتسبب في سقوط ضحايا من المدنيين رغم أن الهدنة نصت على إيقاف كافة العمليات القتالية ، وتحدث عن انخفاض ملحوظ للأعمال القتالية ولم يشر إلى سبب عدم توقفها نهائيا، وأشار إلى أن معظم الإصابات في صفوف المدنيين في ظل الهدنة ناتجة عن الألغام الأرضية والذخائر غير المتفجرة التي ما زالت تمثل تهديداً على المدنيين، بمن فيهم الأطفال، بعد عودتهم إلى المناطق التي انخفضت فيها وتيرة الأعمال القتالية حد زعمه ، ولم يشر فيما يتعلق بضحايا الألغام إلى منع قوى العدوان والمرتزقة دخول أجهزة ومعدات نزع الألغام التابعة للبرنامج الوطني لنزع الألغام التي ما تزال محتجزة في جيبوتي رغم مخاطبته شخصيا ومطالبة الأمم المتحدة بالتدخل للإفراج عنها .
غروندبرغ وصف خروقات الهدنة بالحوادث المزعومة للحيلولة دون إدانته لخروقات قوى العدوان و المرتزقة المثبتة والموثقة بالصوت والصوت، التي عمل على مساواتها بادعاءات المرتزقة الكاذبة بشن تورط الجيش واللجان في ارتكاب خروقات، رغم أن هناك بعثة أممية في الحديدة قادرة على تحديد الطرف الذي يرتكب الخروقات أولا بأول بكل وضوح، والغريب جدا حديثه عن عقد مكتبه الاجتماع الثالث للجنة التنسيق العسكرية في العاصمة الأردنية عمان والتي قال بأنها ضمت ممثلين عن الطرفين بالإضافة إلى قيادة القوات المشتركة للتحالف، على الرغم من عدم حضور وفد المرتزقة وهو ما أدى إلى فشل المفاوضات، ما دفع بمكتبه مناقشة تشكيل غرفة التنسيق المشتركة التي سوف تكلف بمهمة خفض حدة التصعيد على المستوى العمليات مع الوفد العسكري الوطني للتغطية على فضيحة عدم حضور وفد المرتزقة .
وعلى صعيد السفن النفطية، تحدث عن حصول سبع سفن للوقود على تصاريح دخول إلى ميناء الحديدة تحمل أكثر من 200 ألف طن متري من المشتقات النفطية المختلفة خلال فترة التجديد الأولى التي مضى عليها أكثر من خمسين يوما، متجاهلا العدد المنصوص عليه في الهدنة المسموح بالدخول والذي يبلغ 8 سفن في الشهر الواحد، علاوة على تجاهل السفن التي لم تدخل لميناء الحديدة المشمولة في الهدنة في مرحلتها الأولى، وتجاوز الحديث عن استمرار احتجاز السفن والقرصنة عليها من قبل تحالف العدوان رغم حصولها على التصاريح الأممية، ليقفز للحديث عن آلية التحقق والتفتيش التابعة للأمم المتحدة في اليمن، والتي قال أنها لعبت دوراً محورياُ في تسهيل الاستيراد السلس لسفن الوقود إلى الحديدة ، رغم أنه يدرك جيدا أن المشكلة لا تكمن في آلية التفتيش الأممية، ولكنها تكمن في القرصنة البحرية السعودية على السفن المحملة بالمشتقات النفطية ومنعها من الوصول إلى ميناء الحديدة واحتجازها بهدف زيادة غرامات التأخير التي تتكبدها شركة النفط ، وكأن هذه المسألة لا تعنيه لا من قريب ولا من بعيد .
بالمختصر المفيد.. على غروندبرغ أن يكون في إحاطاته مبعوثا أمميا، لا مندوبا سعوديا، لأنه بذلك يحرق نفسه ويجلب عليه سخط اليمنيين ويفقده احترامهم له، ويجعله غير مرغوب لديهم نتيجة انحيازه الفاضح لقوى العدوان ومرتزقتهم .
قلت قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم، وعاشق النبي يصلي عليه وآله .
في الجمعة 29 يوليو-تموز 2022 07:45:49 م