|
إعدادُ القوة.. مفهومٌ عميقٌ له نظرياتُه وأُطروحاتُه وفلسفاتُه، تحوّل من مفهوم إلى تطبيق؛ لأَنَّ الحاجةَ دعت إلى ذلك مدفوعةً بنوازع الإنسان الذي تحَرّكه الأهواءُ ليصلَ إلى مبتغاه، مُتبعاً سياسة الاستفراد ليعيشَ مصلحته هو وينتهج نهج الإقصاء للآخرين.
يعيشُ العالَمُ اليوم صراعاتٍ متعددة، وتوصلت العقولُ إلى وسائلِ حرب جديدة قد يتم تحييد الحديد والنار فيها، بحيث إن طرفاً إذَا أراد الانتصارُ على طرف آخر سيكونُ ذلك بأقلِّ الخسائر والتكلفة وسيحصد النتائج المرجوة التي كان من الممكن الحصول عليها من الحروب العسكرية.
ففي مرحلة إعداد القوة.. يتبادرُ إلى أذهاننا أن أبرزَ مظاهر الإعداد تلك هو إعدادُ القوة العسكرية التسليحية الصلبة من صواريخ وطائرات ومضاد دروع وقنّاصات وألغام وطوربيدات وما إلى ذلك من مختلف الأسلحة، هذا بالفعل من أبرز مظاهر الإعداد.. ولكن وسائلَ الإعداد كثيرة.. فالاهتمامُ بالزراعة إعداد للقوة وهو وسيلة من أعظم الوسائل.. والاهتمام بالصناعات مظهرٌ من مظاهر إعداد القوة.. والحفاظ على النسيج الاجتماعي من الاختراق والتفكك سعي من مساعي إعداد القوة.. وهكذا.
ولكنَّ هنالك وسيلةً عظيمةً من وسائل إعداد القوة وهي التنشئةُ الاجتماعية الصحيحة.. والاهتمامُ بالجيل القادم في تنشئته روحياً ودينياً وعلمياً وتربوياً وصحياً ونفسياً.. هذهِ وسيلة يخشاها العدوّ أيما خشية وخوف بل يصل به الأمر إلى الذعر منها.
العدوُّ لا يعيشُ حساباتِ اليوم فقط.. بل يضعُ حساباتِ المستقبل نصبَ عينيه.. ولا نستغربُ إذَا قيل لنا إن ما نعيشه اليوم قد خطط له العدوّ من قبل خمسين أَو مِئة سنة ماضية.
لذلك.. فإعدادُ الكادر البشري المؤهَّل هو أعظمُ إعداد للقوة.. وأعظمُ صور هذا النوع من الإعداد هو إعداد جيل ناشئ يحمل روح القرآن وتربية الإسلام يقتدي برسول الله -صلى الله عليه وآله- وبأهل بيته -عليهم السلام-.
إن ثقافةَ (جاهدْهم يا ولدي) ثقافةٌ طالما سعى الغربُ وأدواته العميلة إلى طمسها من خلال ممارسة الحرب الناعمة على المجتمع والأسرة والمدرسة.. وزرع اهتمامات وأولويات للمجتمعات بعيدة عن روح القرآن وهي أقرب إلى روح المادة والإخلاد إلى الدنيا.. لذلك عندما نسأل: لماذا أصبحت أُمَّـة الإسلام هكذا؟.. نجد أن أبرز الأسباب هو هذا.. وهذا ما ينعكس على الجانب التربوي للأبناء بدءاً من الأسرة النواة الأولى للتنشئة الاجتماعية مُرورًا بالمدرسة التي تم استهدافها سواءً في مناهجها وخطة تعليمها وهذا ما بات ماثل للعيان، فأصبحت قضايا الأُمَّــة أمراً بعيداً كُـلّ البعد عن دائرة اهتمامات المجتمع الإسلامي وهذا له انعكاساته على الأجيال الناشئة.
لذلك عندما يتركّز الاهتمامُ بالأجيال الناشئة وتربيتها التربية الإيمَـانية الجهادية فنحن نُعد قوة عظمى في ساحة الإسلام.. وهذا ما رأينا في ملامحِ الانزعَـاج والخوف في وجوهِ وكلمات الأعداء عندما باتوا يهاجمون المراكز الصيفية التي هي مراكز إعداد روحية تربوية أشبه عند الأعداء بمفاعل نووي لا بُـدَّ من القضاء عليه.
فلا نغفلُ عن إعدادِ هذهِ القوة.. هذهِ القوةُ التي رأينا الإمامَ زيدَ بنِ علي -عليه السلام- يخاطبُ ابنه يحيى بعد أن أصابه السهم في جبينه فقال لابنه يحيى: (جاهِدْهم يا ولدي)، وما أعظمَها من كلمة خالدة لا بُـدَّ أن تتعاظَمَ في قلوبنا كابراً عن كابر لنضمَنَ بها بقاءَ القوة ونسعى من خلالها لبناءِ أعظم القوى في حركة التربية والتزكية والقرب إلى الله تعالى.. وهو الذي شدّد عليه السيد القائد وراهن على هذهِ القوة عندما أعلنها وبفخر ذات يوم قائلاً: (الويل لكم من الجيل القادم).
* نقلا عن :موقع أنصار الله
في السبت 27 أغسطس-آب 2022 08:19:57 م