زمن ما بعد وعد الآخرة
مجاهد الصريمي
مجاهد الصريمي


تزامناً مع العرض العسكري المهيب لدفعة وعد الآخرة، في المنطقة العسكرية الخامسة، بدا الشعب اليمني الصامد في قمة الفرحة والسعادة والفخر والاعتزاز، وهو يتابع لحظةً بلحظة عظمةَ الإنجاز لرجال الرجال من أبطال الجيش واللجان الشعبية، الذين اجترحوا المعجزات، واجتازوا كل العقبات، وتحدوا الصعاب، وصنعوا المستحيل، ولم تقعدهم عن القيام بدورهم شحة موارد، ولا قلة الإمكانات، ولم يكترثوا بمستوى التهديدات، وكثرة ما يتربص بهم من مخاطر، إذ تحملوا المسؤولية الملقاة على عاتقهم، بنفوسٍ زادها الصبر، وماؤها الإيمان والثقة بالله، وهواؤها الذي تتنفسه هو اليقين الراسخ أن العاقبة للمتقين، وأن النصر الإلهي لا يناله إلا الربيون، المجسدون لمعتقداتهم في ميادين وساحات العمل، التي هي بالنسبة لهم: أماكنُ كدحٍ دائمٍ وسعيٍ دؤوب ومتواصل إلى ربهم، لينالوا رضاه، ويستحقوا الفوز بنعيمه ورحمته.
من هنا وجدنا الجميع ملتفاً حولهم، مباركاً خطواتهم الجبارة ومساعيهم الحميدة لإيجاد ما يمكنهم من الدفاع عن هذا الشعب، وصون مكتسباته، وحماية أراضيه من كيد الكائدين، وتربص المتربصين، ومكر المعتدين من قوى الاستكبار والصهينة وكل أدواتهم، وقبل هذا كله فإن مجاهدي الجيش واللجان الشعبية بنظر الشعب الصامد الصابر المضحي كانوا ولايزالون هم الأمناء على تجسيد الفكرة التي استقرت في قلوب كل جماهير الثورة المباركة إلى واقع عملي، فاستحقوا بذلك ثقة ومحبة واحترام وإكبار الجميع، إذ بهم يزداد الشعب ثباتاً على السير قدماً في تحقيق أهدافه وتطلعاته، ومن خلالهم يزداد الجميع تمسكاً بالثورة الحلم والأمل في الخلاص من كل ما يسعى للحط من كرامتهم، وسلب حقوقهم، واستغلال ظروفهم وحاجاتهم المعيشية وغيرها.
ولكن يا تُرى هل ستعي الحكومة هذه الدروس التي حملها هذا المشهد الذي تجلى من خلاله الشعب والجيش ككيان واحد لا سبيل لفصله عن بعضه البعض أو تجزئته؟ وهل ستستوعب أن الناس عندما ينتقدون فإنهم لا ينتقدون إلا الفشل والعجز واللامبالاة التي تعتريها من قمة الرأس إلى أخمص القدمين؟ ثم لماذا لا يجعلون من المجاهدين قدوة عملية فيتحركون بحركتهم، ويحاولون التوصل إلى المقام الذي يجعلهم يحملون مثل تلك الروحية، ويتحلون بذات الصفات والميزات والخصائص التي يمثلها رجال الرجال؟ ولعمري لن يصلوا إلى ذلك إلا حينما يكونون مستشعرين لواجبهم، ومسخرين كل ما بوسعهم للقيام به، وهذا لن يتأتى إلا متى ما تخلوا عن امتيازاتهم، وكل ما اعتقدوه حقاً لهم يبذلون في سبيل نيله كل ما بوسعهم، ويسهرون على إبقاء الشعب نائماً في ليل الجحيم الذي صنعوه له، واختصوه به، متجاهلين أن زمن ما بعد وعد الآخرة لن يكون سوى القيامة المؤذنة بزوال كل أعداء الشعب وثورته في الداخل والخارج.

* نقلا عن : لا ميديا

 
في الأحد 04 سبتمبر-أيلول 2022 07:20:03 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=5899