|
تافه ورخيص ذلك الشخص الذي يروج لخيار الاستسلام، بحجة الخوف من تفاقم معاناة الشعب الصامد، وحاقد ومغرض ومريض ذلك الشخص الذي يقلل من دور الجيش واللجان، ويقول لك: «ما الذي فعلته ضربات الجوصاروخية لنا سابقاً، وقد وصلت لبقيق وخريص حتى نعول عليها اليوم بفعل شيء؟!»، هكذا بكل وقاحة! وإذن ما الذي يجب فعله أيها المتحلل؟ يجيب: استسلموا أو استسلموا فقط وفقط! هكذا بكل بساطة أصبح ناسياً أن العدو السعوصهيوأمريكي، وكافة ذيوله وأدواته من دواعش الوهابية التكفيرية ومجاميع النفاق والعمالة كانوا ذات يوم على أطراف نهم، ولولا ما علم الله من صدق وإخلاص المجاهدين في توجههم للجهاد في سبيله، والدفاع عن حرم المستضعفين من عباده، والتفاني في نصرة دينه والقائم بالقسط من أوليائه لسقطت العاصمة تحت الاحتلال، ولرأينا السحل وتقطيع الأوصال، وحز الرؤوس في كل مديرية ومنطقة وشارع وحي سكني، ولوجدنا النساء تُباع في أسواق النخاسة كجوارٍ وسبايا كما شاهدنا ذلك في مناطق عربية وإسلامية سيطر عليها هؤلاء المسوخ البشرية.
لا بد أن أعترف للقارئ الكريم: أنني أمام حالة مرضية يصعُب الوصول إلى تشخيص علتها وما تعانيه إزاءها تشخيصاً دقيقاً، إذ إن ما تقدمه في خطابها يعبر عن وجود أكثر من شخصية في بنية الذات المكون لها، كونه مزيجا من النفاق والارتزاق والعمالة، يتخذ من الوطنية، والحرص على مصالح عامة الناس غلافاً لتمرير بضاعته الكاسدة والمدمرة القاتلة، إلى الحد الذي جعل هذا الشخص يصف الجيش واللجان الشعبية بأوصاف لا تليق كقوله: «إنهم مجرد شباب طائش، عاطل عن العمل، ليس لديه هم يثقل كاهله، وأسرة يرون أنفسهم معنيين بتوفير لقمة العيش لها، والاشتغال برعايتها وتربيتها!»، وكأن الجيش واللجان خُلقوا من العدم، متجاهلاً أن الكثير والكثير منهم آباء كبار، ورجال لديهم ما لدى كل فرد من المعاناة والآلام، ومن العار تصوير حملة المبادئ والقيم بـ«مدمني الحروب» كما يدعي هذا المسخ الظاهر بصورة كاتب صحفي.
وليته اكتفى بذلك، بل تراه يدعو إلى الابتعاد عن كل المظاهر التي تثير مخاوف السعودي والصهيوني ومن ورائهما الأمريكي! بمعنى: دعوكم من رفع الشعار، وكفاكم استفزازا للمخالف بإحياء كل مناسبة لها صلة بمحمد وآل محمد! فهذا يصوركم بنظر الآخرين أنكم أصحاب مشروع مغاير لما سبق من الحالات المتعارف عليها لدى العدو والصديق! خلوا حليمة على عادتها القديمة، وانسوا ثورة! وتضحيات شعب! ورحبوا بعودة زمن الوصاية والتبعية! وطبعوا مع المطبعين! المهم نحصل على كسرة خبز، وإن خسرنا الدنيا والدين! وفوق هذا يسمي كل هذا الإسهال: بالقراءة الموضوعية! فاللعنة على هكذا طرح، وعلى مثل هكذا كُتاب وإعلاميين.
ولهذا وأمثاله نقول: عندما نقوم بانتقاد فعل مشين، أو فساد فاسد، فذلك كله بهدف الحفاظ على سلامة الثورة، وطهارة المشروع، فلا يظننَّ متربصٌ هنا، ومنافق هناك، فعلنا هذا مقدمة للتنازل عن الالتزام بالمشروع، أو التخلي عن الثورة، فيندفع للخروج من جحره، لكي يبث سمومه القاتلة في كل اتجاه، لأنه سيُصفع بالأحذية، فالمسيرة منهجاً وقائداً وثورةً ديننا الذي ندين الله به، وشرفنا الذي نحميه ونحافظ عليه، وعرضنا الذي نهبُ أرواحنا دونه، على ذلك نحيا، وعليه نموت، فعودوا جحوركم، قبل أن تُفضحوا على رؤوس الأشهاد.
وختاماً، فلا فرق عندي بين المثقف أو الكاتب أو الإعلامي الذي ليس لديه ثوابت ومسلمات، يحميها ويقف عندها، وإنما همه الوحيد لقمة العيش، وبين المومس، فكلاهما مفعولٌ به، وعلامة ذلك خلوهما من النخوة والشرف، وهدرهما لكل المعاني الموحية بالكرامة الآدمية، فذاك يبيع فكره، وتلك تبيع فرجها، والفارق بين المباعين هو حرفٌ واحدٌ لا غير، وما أكثر الشواهد الدالة على تحول الفكر فرجاً، والعكس!
* نقلا عن : لا ميديا
في الأحد 11 سبتمبر-أيلول 2022 07:26:16 م