|
لن يطول الوقت كثيرا لكي يكتشف الجميع، شرقا وغربا، أهمية القمة الاخيرة لمنظمة شنغهاي، وما نتج عنها من قرارات او توصيات، وذلك على كافة الاصعدة التي تهم العالم حاليا، او على صعيد التحديات المهولة التي تنتظره مستقبلا، والتي يمكن اختصارها بـ:
- زيادة التعاون في مجالَي الدفاع والأمن بين دول المنظمة.
- عقد تدريبات عسكرية مشتركة لمكافحة الإرهاب ضمن مهمات سلام، من أجل زيادة مستوى التفاعل في مكافحة التشكيلات المسلحة للمنظمات الإرهابية الدولية، وتحسين أساليب مكافحة الإرهاب.
- الامتثال لاتفاقية حظر التطوير والإنتاج والتخزين والاستخدام للأسلحة الكيميائية، وإلى تدميرها مع أهمية تدمير جميع المخزونات المعلنة من الأسلحة الكيميائية في أسرع وقت ممكن.
- تنفيذ خطة العمل الخاصة ببرنامج إيران النووي ، وذلك وفقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، 2231، مع دعوة كل المشاركين إلى الوفاء بصرامة بالتزاماتهم من أجل التنفيذ الشامل والفعال للاتفاقية.
- معارضة استخدام قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الأعمال العسكرية، ودعم إطلاق اتفاقية دولية شاملة تحت رعاية الأمم المتحدة لمكافحة استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لأغراض إجرامية.
- وضع قائمة واحدة للمنظمات الإرهابية والانفصالية والمتطرفة.
من جهة اخرى، وحيث كان لزعماء القمة الرئيسيين مواقف لافتة على مستوى ما يعيشه العالم حاليا، كان لكلمة الرئيس الايراني اهمية استثنائية، اولا، كون ايران اكملت متطلبات وشروط انخراطها الكامل في المنظمة الدولية "شنغهاي"، وبالتالي اصبحت عضوا فاعلا ومؤثرا، وثانيا، وهذا هو لب الموضوع الذي سنتطرق اليه هنا، مضمون ما اشار اليه الرئيس الايراني عما يمكن لايران ان تقدمه للمنظمة من نقاط قوة، قد تكون هي النقاط الاكثر ضرورة واهمية، والتي تحتاجها المنظمة في استراتيجية المواجهة العالمية التي اختارت ان تقودها ضد الحلف الغربي بقيادة الولايات المتحدة الاميركية.
اولا، لناحية اشارة الرئيس الايراني الى ان "الأحادية الأميركية تسعى إلى إبقاء دول العالم في حالة من التخلف"، فهو من خلال ذلك، وضع الاصبع على الجرح فيما خص خطورة الاستراتيجية الاميريكة على دول العالم، فيما لو استطاعت واشنطن ان تكون قطبا احاديا دون منازع، الامر الذي يفرض مواجهة هذا التحدي الوجودي، والعمل كهدف رئيسي للمنظمة، لكسر هذه الاحادية الاميركية واعتبار ذلك هدفا استراتيجيا لا يجب التساهل أمامه.
ثانيا: لناحية اهمية النقل والطاقة كأمرين مهمين لمجموعة الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي، ولكل العالم اليوم على خلفية الحرب في اوكرانيا، فان ايران قادرة ومن موقعها الجغرافي او من موقعها كمصدر رئيسي من مصادر الطاقة في العالم، ان تلعب دورا رئيسيا في إدارة وتنسيق مناورة النقل والطاقة لدول المنظمة ولحاجات شعوبها وحكوماتها. وفي هذا المجال، وخاصة مجال النقل، فان إيران تولي اهتماماً خاصاً واستعدادا لتفعيل كل الممرات التجارية بين شرق أوراسيا وغربها، وتقدم ما تملكه من امكانيات برية او بحرية وموانىء في خدمة دول المنظمة.
من بين النقاط الحساسة التي تطرق اليها الرئيس الايراني ايضا، والتي تضيء على ناحية مهمة من استراتيجية الغرب ازاء منطقة غرب اسيا والخليح ودول اسيا الوسطى، حيث ذاقت هذه المنطقة خلال السنوات الماضية طعم التدخل الأجنبي على اوسع مجالاته، بدءا من الغزو الاميركي لافغانستان واحتلالها لعشرات السنوات، وتداعيات هذا الاحتلال على كل دول المنطقة المحيطة بافغانستان، في ايران وفي باكستان وفي بعض دول آسيا الوسطى، وصولا الى القوقاز، مع ما رافق ذلك من مؤامرات اميريكة لزعزعة الامن في كل هذه الدول المذكورة، وحيث كان لايران نصيب غير بسيط من هذه المؤامرات ومحاولات التدخل الاميركي المشبوه، والتي تواكبت مع ضغوط اقتصادية وعقوبات وحصار خانق، فان طهران والتي استطاعت مواجهة كل هذه المحاولات الاميركية، هي جاهزة اليوم لتقديم خبراتها الواسعة لدول المنظمة، لمواجهة هذه الحرب الناعمة التي تعمل واشنطن حاليا لاستهداف اغلب دول المنظمة عبرها.
اما في موضوع ما يجري اليوم في القوقاز، وبالتحديد بين اذربيجان وارمينيا، فإن ايران ـ بحسب الرئيس رئيسي ـ تعارض أي تغيير في ترسيم الحدود بمنطقة القوقاز، وتعتبر انه على الأطراف الاحتكام للقوانين الدولية والطرق السلمية، كما وتعتبر انه بالاضافة الى ان استقرار واستتباب الأمن في القوقاز وأفغانستان، هو امر مهم جداً بالنسبة إلى إيران، فهو أيضًا أمر حيوي لكل دول المنظمة، والتي تشكل منطقة القوقاز لها، منطقة تاثير واهتمام استراتيجي في مواجهة الغرب الاطلسي ومخططاته تجاه تلك المنطقة الحساسة، بهدف التاثير السلبي على كل من روسيا وايران بدرجة اولى.
انطلاقا من النقاط التي ركز عليها الرئيس الايراني في كلمته بختام قمة شنغهاي، حول ما يمكن ان تقدمه ايران للمنظمة في المجالات المذكورة، تبقى نقاط القوة الاهم التي لم يذكرها الرئيس الايراني، والتي لايران القدرة على تقديمها للمنظمة في هذه المواجهة الدولية، التي كما يبدو انطلقت مع انتهاء أعمال القمة الاخيرة في مدينة سمرقند التاريخية بأوزبكستان، هي اولا، قدرات ايران العسكرية، والتي شكلت وتشكل، تحديا كبيرا لواشنطن ولحلفائها وخاصة لـ"اسرائيل"، وثانيا، موقف ايران التاريخي، كخصم عنيد لسياسة واشنطن في المنطقة، حيث استطاعت ان تضع حدا لاغلب المخططات الاميركية المشبوهة في إخضاع دول المنطقة، الموقف الذي اكثر ما تحتاجه دول منظمة شنغهاي اليوم، بمواجهة الحرب الاطلسية العالمية على أغلب دول الشرق والمنطقة.
* نقلا عن :موقع العهد الإخباري
في الأحد 18 سبتمبر-أيلول 2022 12:31:47 ص