|
يسرقون كل شيء: الفن، التراث، الآثار، الأرض، المال... ولا يمنحون اليمن شيئاً سوى الموت والخراب.
حاولوا سرقةَ وطنٍ بأكمله حين قاموا بشنِّ حربٍ غاشمة، وحاولوا مصادرتَه إلى أجندتهم والتحكّمَ بقراراته، وإبادةَ حضارةٍ مُوغلةٍ في ذاكرة التاريخ.
منذ عقود، تسرقُ السعوديةُ الأغاني والألحانَ اليمنية، وتسرق جهد المغترب اليمني، وتسرق النفط اليمني كي لا تتأثر أسواقها النفطية، وتسرق ولاء المشايخ والوجاهات بعد أن أدرجت أسماءهم في كشوفات اللجنة الخاصة، ليسهُل لهم ابتلاعُ اليمن التي اعتقدوا أنها لقمة سائغة، بينما هي شوكةٌ تقف في الحلق، تقتلُ كلَّ من يحاول ابتلاعها.
سرق محمد عبده لحناً يمنياً شهيراً تغنى به معظم الفنانين اليمنيين القدماء والمعاصرين، هو لحن «شدت خيول العوالق»، ونسبه إلى نفسه، في أغنية «لو كلفتني المحبة».
وسرق عبدالمجيد عبدالله أغنية «رحمن يا رحمن»، التي غناها محمد حمود الحارثي، دون أن يكلف نفسه أخذ إذنٍ من صاحب الأغنية، حتى وإن نسبها للتراث اليمني.
راشد الماجد أيضاً سرق أغنية «يا سلام يا سلام الله»، ونسب كلماتها ولحنها تحت مسمى: فلكلور وتراث سعودي.
أي تراث لدولة عمرها ثمانون عاماً؟!
يسرقون حتى انتصارات المقاتلين اليمنيين في الحد الجنوبي، ويحولون هزائمهم إلى انتصار. ذلك الجندي اليمني الشجاع الذي حمل زميله الجريح على ظهره وأخطأته القناصاتُ العمياء، ادَّعوا أنه ضابط سعودي، متنكراً بزي يمني، يعود بشهيدٍ... والسؤال هو: ما دام ضابطاً سعودياً فلماذا أطلق عليه زملاؤه السعوديون النار؟! حتى الكذب يحتاج إلى ذكاء، لكن فاقد الشيء لا يعطيه، إذ لا يمكن لضابط سعودي مهما بلغت رتبته ووطنيته أن يفعل هكذا، حتى لو ملؤوا يديه ذهباً وفضة، لأنهم يفرون أكثر مما يكرُّون.
وحين قامت فتاةٌ سعودية متهورة بالقفز إلى مسرح سوق عكاظ لتعانق الفنان العراقي ماجد المهندس، قالوا إنها سعودية من أصول يمنية، وكأن اليمن أصبحت شماعة لتعليق كل فضائحهم عليها!!
المرأة اليمنية لم تعش في كبت، فهي ملكة منذ قديم الزمان، وهي الآن وزيرة، وطبيبة، وتاجرة، وإدارية، ونائبة في البرلمان، وعضوة مجلس رئاسة، وتقود سيارتها منذ أربعين عاماً، وليست ممنوعة من قيادة السيارة أو السفر دون ولي أمر، ولا تتعرض للإهانة في الشوارع والمولات من هيئة الأمر بالمعروف، ومن الشباب الذين تنقصهم التربية... المرأة اليمنية التي تحمل جينات الملوك لا ترى شيئاً أعلى من رأسِها، ولا يمكن أن تنحدرَ إلى هذا المستوى. فمثل هذه الحفلات لا تبهر اليمنيين، فقد أقيم أول مسرح وأول سينما في اليمن.
حتى حقوق بث المباريات قامت السعودية بسرقة إشارة «بي إن سبورت» لتبيعها في باقة داخل المملكة وخارجها. الاتحاد الأوروبي لكرة القدم حينها هدد السعودية، وتوعد بأنه سيتخذ الإجراءات الضرورية لمواجهة المسألة، من أجل تطبيق وحماية الحقوق الممنوحة لـ»بي إن سبورتس».
السعودية دولة توسُّعية، قضمت من كلِّ الدول المجاورة لها حدودياً، ووصلت أيديها حتى إلى قارة أفريقيا لتسرق جزيرتي تيران وصنافير المصريتين.
قبل ذلك قامت السعودية بسرقة نجران وجيزان وعسير اليمنية. فالسياسة السعودية تجاه اليمن -خلال المائة السنة الماضية- مليئة بالعدوان والحقد على اليمن أرضاً وإنساناً.
في العام 1923 نفذ جيش بني سعود مجزرة كبيرة بحق 2900 حاج يمني. قتلوا كل هذا العدد لكي يسرقوهم فقط! وتقول المصادر التاريخية: إن الحجاج اليمنيين بينما كانوا يجتازون وادي تنومة كانت قد ترصّدتهم مجموعات تكفيرية من جيش عبدالعزيز بن سعود من رؤوس الجبال المطلة على الوادي، بقيادة الوهابــــــي سلطان بن بجاد العتيبي، فانقضُّوا عليهم بوحشية منقطعة النظير، وهم عزلٌ من السلاح، فتقرّبوا إلى الله -بزعمهم- بقتل هؤلاء الحجاج اليمنيين جميعاً رجالاً ونساء؛ لأنهم بحسب عقيدتهم كفارٌ مباحو الدماء والأعراض، وبلغ بهؤلاء القتلة أن هنَّأ بعضُهم البعضَ بكثرة من قُتِل من الحجاج، وبعد ذلك سطوا على دوابهم وقافلتهم التي كانت تحمل الحبوب والدقيق والسمن واحتياجاتهم التموينية التي كانت هي السبب في سيلان لعاب هؤلاء اللصوص. إنها جيناتُ اللصوص وقطاع الطرق ونُهاب القوافل، حتى وإن أصبحوا يعيشون في قصور وأبراج زجاجية.
منذ أزمنة وهم يحقدون على اليمنيين، فقد كان أهل نجد والحجاز يحدقون إلى أقدام اليمنيين ويتأملون أحذيتهم وملابسهم وخناجرهم، لأنهم كانوا حفاةً عراة، بينما اليمنيون كانوا أصحاب حضارة وصناعة وزراعة، ويرتدون البُرُودَ اليمانية التي كانوا ينسجونها، والسيوفَ اليمانية التي كانوا يصنعونها منذ آلاف السنين.
ولأن اليمنيين أصحابُ زراعة فقد عرض الملك عبدالعزيز بن سعود في أربعينيات القرن الماضي على إمام اليمن يحيى حميد الدين، أن يأخذ القاز الذي كان يستخدم لإضاءة الفوانيس حينها، مقابل أن يعطيه قمحاً وشعيراً. وهي سياسة النفط مقابل الغذاء. فرد عليه إمام اليمن بالقول: «حياكم الله. الشابع يرقد من مغرب». ومع ذلك لم يرد الإمامُ الوفدَ السعودي خائباً، بل أبلغه موافقتَه على منح السعودية خمسةً وستين ألف قدحٍ من الذرة كقرض لمساعدة الشعب السعودي.
حتى الدعاة السعوديون يحذون حذو سابقيهم في السرقة. فها هو عايض القرني، اللص الأشهر بين كل الدعاة، يسرق كتاب الشاعر المصري سمير فرَّاج «شعراء قتلهم شعرهم»، وغيَّر عنوانه إلى: «قصائد قتلت أصحابها»، وقبل ذلك سرق كتابه الشهير «لا تحزن» من كتاب «لا تيأس» للكاتبة سلوى العضيدان، ورفعت عليه دعوى في المحكمة، ودفع عايض القرني ثلاثمائة وثلاثين ألف ريال سعودي كتعويض لسلوى العضيدان. كما غرَّمته المحكمة مائة وعشرة آلاف ريال سعودي، كتعويض لورثة الأديب السوري عبدالرحمن رأفت باشا، بعد أن رفعوا قضية ضد القرني لاتهامه بالسطو على كتاب والدهم «صور من حياة الصحابة».
سرقوا كل شيء. حتى النبي الأعظم محمد بن عبدالله سرقوه، وقالوا إنه سعودي! يا لهذا الغباء!!
هل كانت أسرةُ بني سعود حاضرةً في تلك الفترة حتى يقال إنه سعودي؟!
هدموا بيتَه ومسجده، وأقاموا مكانه برجاً عملاقاً، وهناك من يقول إنهم قاموا ببناء حمامات عامة في ذلك المكان الطاهر. هدموا البيت الذي عاش فيه الرسول الكريم لأكثر من ثمانية وعشرين عاماً، وتلقَّى الوحي فيه وولد فيه أبناؤه. كان يقع في زقاق الحجر بمكة المكرمة، وأُهمل لعقود طويلة، قبل أن يُحوّل مكتبة، ومع مرور الوقت صارت المنطقة المحيطة به سوقاً للماشية. تعرض بيتُ النبي لحملةٍ كبيرة من رجال الدين لهدمه، فهُدم، ومع التوسعات تحول إلى دورات مياه للوضوء.
وبدلاً من أن يقوموا بتسوير تراث تلك الحقبة وحمايته وجعله متحفاً ومزاراً، قاموا بهدمه بحجة توسعة الحرم المكي؛ لكنهم هدموه خوفاً من أن يتحول إلى مزار شركي، حسب زعم فقهائهم. وكان بإمكانهم أيضاً أن يقوموا بتوسعة الحرم والحفاظ على تراث النبي وأهل بيته وأصحابه، والحقبة التي عاش فيها. حتى شهداء أُحُد وموتى البقيع نقلوهم من أماكنهم؛ لتتم سرقة ودفن كل شيء متعلق بتلك الفترة.
* نقلا عن : لا ميديا
في الثلاثاء 20 سبتمبر-أيلول 2022 07:53:11 م