|
كنت في كل مرة أغض الطرف عن الموضوع وأخترع له تبريرات من رأسي، وأحياناً أخرى كنت أحاول أن أخدع نفسي بأنني أتخيل وأتوهم أشياء غير موجودة، عادة هذا يحدث للإنسان أمام الأحداث الصادمة، فيتهرب من حقيقة وجودها.
لقد طال الأمر وتعبت هروباً من الحقيقة، لذلك لا بد من الوقوف والاعتراف بالواقع، والبدء بالبحث عن السر الغامض وراء الأمر الذي يحدث.
لماذا بعد أي خطاب لسيد الثورة تظهر التصرفات العجيبة والقرارات العوجاء، ويقوم بعض المسؤولين بتطبيق عكس ما طرحه السيد في الخطاب من موجهات؟
لو حدث الأمر مرة أو مرتين لقلنا إنها صدفة وتجاوزناه، لكنه يتكرر بشكل مثير للريبة.
على سبيل المثال.. في إطلالة سيد الثورة (يحفظه الله) بمناسبة استقبال شهر رمضان من العام الهجري المنصرم.. أكد على ضرورة التخفيف من معاناة المواطنين والعمل على ضبط أسعار المنتجات الغذائية، موجهاً الحديث لكافة التجار والمسؤولين المعنيين بالأمر.
في اليوم التالي نذهب إلى البقالة لنتفاجأ بأن كل شيء قد ارتفع سعره وبنسبة ليست بسيطة، من زبادي وحليب وفاصوليا ومختلف الاحتياجات..!
وكأن الأمر متعمد من قبل التجار والمسؤولين في الصناعة والتجارة، الانتظار حتى يتحدث السيد القائد عن الموضوع ثم يتم رفع الأسعار، عناد يعني.
وبالتأكيد بعد أن ارتفعت الأسعار نسي الناس كل النقاط والموجهات الهامة التي طرحها سيد الثورة، وذهبوا لإبداء سخطهم تجاه الدولة بكلها والوضع بشكل عام، وهذه نتيجة طبيعية.
طبعاً، قبل ذلك مر الشعب اليمني بمناسبة اليوم الوطني للصمود، وأطل علينا السيد القائد يوم 25 مارس 2022 في خطاب ثوري أرعب قوى العدوان، ووضع للشعب اليمني -مسؤولين ومواطنين- أسس وثوابت الصمود والثبات للاستمرار في مواجهة العدو.
وبعدها بيومين أي في تاريخ 28 مارس، تضج وسائل الإعلام ومواقع التواصل بخبر ارتفاع سعر الغاز المنزلي في صنعاء.
نعم، فشركة الغاز الموقرة لم تحتفظ بمفاجأتها للشعب قليلاً، بل فضلت أن تعلنها بعد خطاب قائد الثورة مباشرة.
وهكذا بعد كل خطاب لعلم الهدى يظهر ما يحرف الأنظار عنه، ويوجه الأقلام والأفواه لمواضيع أخرى؛ غالباً ما تكون مثيرة للسخط والبلبلة.
أما قبل أيام فكانت نثرة عجيبة فعلاً.. تخيلوا أن قائد الثورة يلقي كلمته بمناسبة ثورة 21 أيلول/سبتمبر التصحيحية المجيدة، وأصحاب وزارة النقل يعلنون عزمهم على إنشاء مترو أنفاق في صنعاء.
طبعاً، ليس عيباً أن نفكر بإنشاء مترو، لكن العيب أن نفكر بإنشاء مترو بينما مشروع بسيط مثل جسر مذبح مايزال معلقاً كالمرأة الحانقة، التي لم يرجعها زوجها ولم يطلقها، وهذا المشروع بدأوا به وتوقفوا في منتصفه، فلم يتم إنجازه ولا إلغاؤه.
المهم إلى الآن والعالم يزبج على وزارة النقل وهيئة النقل البري، من الداخل والخارج، وبغض النظر عن سخافة الموضوع، وكيف جعلوا من أنفسهم محط سخرية للعالم؛ لماذا يا جماعة لم يعلنوا هذا الإعلان إلا ذلك اليوم تحديداً؟
أوليس حرف الأنظار عن خطابات القائد العلم باستمرار شيئاً غريباً، ويستحق البحث عن السر؟
* نقلا عن : لا ميديا
في الإثنين 26 سبتمبر-أيلول 2022 07:29:06 م