|
بالنسبة إلى الأحوال العادية للناس ويوميات البشر المستتبة التي لا يعكرها في الغالب سوى نزلات البرد الموسمية وتقلبات الطقس، فإن الرقم ألف يُعدّ رقماً سحرياً.. «ألف مبروك، ألف سلامة عليك، عقبى لألف عام، الألفية الأولى والثانية والثالثة، ألف ياسين من عيون الحاسدين، ألف أهلاً وسهلاً، ألف ليلة وليلة، ...».
أما حين يكون الرقم ألْف مضروباً في أكثر من نصف مليون غارة جوية، فإنه ولا ريب يغدو رقماً سحرياً بلا حدود ولا منتهى لدلالاته ويغدو مقداره -بحساب الاستثنائية- ألْفَ سنة مما يعدّه الناس في أحوالهم العادية، وهذا تماماً ما هو عليه بالنسبة لـ«لا» و«ألْف لا» الذي يومض برقه اليوم كوسام على صدر صحيفتنا رفضاً وتحدياً وصبراً ومثابرة وأملاً وألماً وكبرياء جراح ثورية يمنية ينزفها القلب والقلم، وترضع الكلمة حليبها الأحمر حرية واستقلالاً وبطولات وملاحم فارقة.
الـ«1000» رقم أليف ومخيف يستشرف به مخيالُ العِلم مستقبلاً بشرياً على سطح المريخ، ويؤرخ به المنجمون لنهاية الحياة على كوكب الأرض بتعاقب ألْفِيَّات التاريخ، وكلما انقضت ألفية رَحَّلوا توقعاتهم الخائبة إلى ألفية تالية، واستمرت الأرض بالدوران، واستمرت الأحياء تتزاوج وتتناسل على سطحها إلى ميقات يوم غير معلوم لمخيال العِلم والتنجيم البشري على السواء.
في الأول من تشرين الآخر/ نوفمبر 2015 بدأت «لا» -الصحيفة- خطوتها الأولى على طريق الألف ميل كأسبوعية تُواصِل قراءها كل أحد، وفي الـ18 من آذار/ مارس 2019 أصبحت قهوة صباحهم اليومية وعصفوراً ينْقِّر مع شروق شمس كل يوم على نوافذهم أغاني من مقامات الصبر والصمود والعهد والوعد والعرق والدم والجراح المكابرة ولعلعات البنادق في خنادق النصر الحتمي؛ وصولاً إلى نهار المحال الذي كان، وأصبح ممكناً مبيناً بسواعد رجال الرجال، من «أَلِفِ لا» الشعب الرافض الثائر، إلى «العدد الألْف»، من صوت الثورة الأمين -بحول الله- على الأهداف والطموحات الشعبية الثورية كفاحاً من خندق الكلمة المقروءة المحاذية للحفا الحرة الظافرة، وأنفاس الشهيد، وأنين الأشلاء تحت رَدْم الأكواخ والمنازل المتناثرة بامتداد مليون غارة ومجزرة.
«لا» حرفان لا تحبل بهما إلَّا البراكين، ولا تنحدر حممهما إلَّا في مجرى الثورة، ولا تحتمل قامتيهما الباسقة إلَّا تربة الحرية والاستقلال، ولهذا كانت «لا» الصحيفة لِدةَ المخاض اليمني العظيم في أنصع حقبه الوطنية حيث سهيل الكرامة يبزغ من هامات الأحرار والشمس تتقد من بؤبؤ عيونهم الحنونة والحارقة وهي تستشرف تخوم الخلاص للمستضعفين والحالمين في فضائها الأبعد ولا تكبح الأنانية والمحاذير جماحها عند حدود العشيرة والمذهب وخارطة القُطر بل تعبر مفارز الجغرافيا لمدارات قيمية ينفسح معها الوطن ليصبح أمةً، وتصبح الأمة انفساحاً أممياً إنسانياً وكرامة آدمية كونية.
لا نقول إننا في «لا» قد بلغنا برسالتنا الإعلامية فضاء المشروع الرحب، لكننا حرصنا قدر المستطاع على أن نكون منصة باليستية فيه وأن تتدرج مديات رسالتنا -ما أمكن- من المدى القصير إلى المتوسط إلى البعيد، بما يغطي بنك أهدافنا الكبيرة، فإذا كنا قد نجحنا -بتوقيت العدد ألف ونحو سبعة أعوام- بأن نضاهي صاروخ «زلزال» فقد أحرزنا شرفاً عظيماً ندين بفضله لله، وليعذرنا القارئ إن أخفقنا -خلال سنوات الرحلة الصحفية- في أن نكون «بدر 1».
نهدف لأن نغطي فضاء الوطن الصغير كصحيفة ورقية وفضاء الوطن الكبير والأمة إلكترونياً، إذ أنه تنقصنا المادة الإعلامية التي تستهدف شرائح هذين الفضاءين على تعددهما، وإنما ينقصنا على المستوى الأول تحرير الجغرافيا المحتلة، وعلى المستوى الآخر يحول بيننا وبين ما نهدف إليه شحة الكادر كمَّاً وكيفاً، ورغم كل هذه المعثرات فقد أمكننا حتى الآن -كطاقم تحريري وفني صغير أن نبحر بمركبنا الورقي في محيطها المختلج بتحديات العدوان والحصار واحتلال أجزاء من بلدنا، بحيث باتت «لا» في غضون ألف عدد مدعم بصفحات وملاحق متخصصة، اسماً يَسرُّ الصديق ويغيظ العدو، ووجهة لعيون الكثير من القرَّاء المنتمين لحقول اهتمامات شتى سياسية ورياضية، أدبية واجتماعية، فنية وتقنية، تغطيها الصحيفة بمختلف فنون التحرير خبراً وتقريراً واستطلاعاً وحواراً وتحقيقاً ومقالات تحليلية ورأي وأعمدة لكُتّاب من أبرز نجوم المشهد الصحفي في اليمن، بالإضافة لعدد من الكُتّاب العرب الذين يحرصون على نشر بعض نتاجاتهم في «لا» كوسيط صحفي لحضور مميز في الشارع اليمني.
قلت سابقاً إن الصحافة في اليمن لم تعد «مهنة المتاعب» بالنسبة للأحرار، بل مهنة الموت والمجازفة بالحياة والتخفِّي الدائم عن عيون عملاء الإحداثيات والطيران التجسسي والأقمار الاصطناعية المحملقة في كل زقاق وعقبان الـ»إف 16» و»الرافال» التي تتصيد أهدافها في مقرات العمل والمنازل والمقاهي الشعبية، وفي صدارتهم الصحفيون والإعلاميون، كمطلوبين لم يتحرج ناطق العدوان العسيري وخلفه تركي المالكي في التصريح علناً بأنهم ضمن بنك أهداف التحالف.
كما يقاتل رجال جيشنا حفاةً، يقاتل صحفيونا الأحرار حفاة من معظم شروط ووسائط ومدخلات العمل الصحفي والإعلامي منذ بدء العدوان وطيلة أعوامه الثمانية ويتخطّف تحالف القراصنة ورق الكتابة في عرض البحر الأحمر كما يتخطّف سُفن الوقود والدواء.
لا نقول إننا بقامات الحفاة بذلاً ووفاءً.. يكفينا فقط أن نقول إننا كنا ظلاً لقاماتهم الباسقة ووميضاً على بطولاتهم لم يفلح في أن يكون ضوءاً يحيط بميادينها الرحبة وأبطالها الملحميين، ولايزال معظمها في العتمة بطموح أن يُضاء ويُدوَّن ويوثق على أيدي الصحافة المعاصرة لملاحم الحفاة في مواجهة أعتى عدوان عرفته البشرية.
إنها جرّدة محارب يتزوّدُ بوقود الوثب إلى الأمام
«لا» الغرق زهواً بحطام المكاسب مهما كبرت.
إلى الأمام إذن، و:
يا كل شوطٍ تطاول لن نقول متى
ننهي ولا كم قطعنا فيك أمتارا.
دَيْن مستدام
لـ«حكيم لا» الزميل الأستاذ خالد حسان.
لـ«دينامو لا» الزميل الأستاذ عبدالله الحسام.
لـ«مدفعجي لا 21 أيلول السياسي»، الزميل الأستاذ علي عطروس.
لـ«مايسترو مستديرة لا الرياضي» الرفيق الزميل طلال سفيان.
لـ«مهندس ربيع لا» الفني الزميل الجميـل فـؤاد المصباحـي.
لـ«القلق دائماً» الزميل شائف العين الذي ما عاد شفناش.
لـ«ماكينة لا» الذي تنبض تروسه حباً ووطنية على مدار العام الزميل الحبيب محمد عبدالوهاب.
لـ«الملك الضليل والرزين» الزميل الشاعر نشوان دماج.
لـ«هتلر لا» الباحث عن رايخ وحرب عالمية ثالثة الزميل النازي غازي المفلحي.
لـ«بنان الماء» الجارية مداداً من نعومة أظافرها الزميلة بشرى الغيلي.
لـ«الكاهن الرقمي» الصديق عبدالرحمن صدقي.
لـ«معماري لا» الزميل البديع سليم الخطيب.
لـ«عادل إمام لا» الزميل محمد الحميقاني.
لـ«ضيف لا» الدائم ومضيافها الإلكتروني الزميل نبيل الضيفي.
لـ«عاقل لا» المثقف والأنيق الزميل خالد عبدالكريم.
لـ«ساعة لا» الذي يعمل بصمت وبلا تكّات الزميل فائز عبده.
لـ«موسوعة لا» ونديم ديوان العرب الزميل وليد مانع دماج.
لـ«ليلة قدر لا» الذي يتنزل كل عام مرة واحدة فيغمرها بالندى والضوء الزميل عادل بشر.
لـ«عاصفة الشغب والشغف والجنون» الزميل مارش الحسام.
لـ«البردوني الصغير وصنّاجة الثورة» الزميل الشاعر مجاهد الصريمي.
لـ«زائر الظل في لا» الذي يتيح لنا شرفة لاستراحة محارب الزميل هاني جعمان.
لـ«الحبيبين» ياسر القباطي ورشاد عبدالفتاح اللذين يستدرجان قلمي إلى غير ميدانه كل أربعاء...!
لـ«البروليتاري الأسمر» والمثقف غير النخبوي الزميل جمال ناصر.
لـ«نحلة لا» الأحمر الأهلاوي أبيض القلب الزميل عبدالكريم نهشل.
لكل من ترجلوا عن قطار «لا» على اختلاف محطاته لأسباب قهرية أو سأماً، تاركين وردة على صدر «لا» أو جُرحاً...
لكل الزملاء أعلاه:
أنا مدين لكم بـ«ألف عدد».
وآلاف الصفحات البيضاء وِدَّاً، والسوداء مِدَادَاً.
أنا مدين لكم بكل الحب والعرفان.
وبالله التوفيق
* نقلا عن : لا ميديا
في الأحد 02 أكتوبر-تشرين الأول 2022 06:35:45 م