|
حالة الهستيريا التي أصابت الإدارة الأمريكية وبقية منظومة العدوان على اليمن، على خلفية الموقف اليمني المتمسك بحقوق اليمنيين، المتمثلة في رفع الحصار وصرف رواتب الموظفين كافة دون استثناءات، تجعلنا أمام منسوب مرتفع وغير مسبوق في السعار الكلامي لم نشهده على الإطلاق.
ومع زيادة منسوب التصريحات، لا تعترف أمريكا بأي حق لليمنيين في المرتبات وفي رفع الحصار، بل ترفض مطلقا التجاوب مع تلك المطالب المحقة والمشروعة والعادلة، وتعتبرها شروطا مستحيلة، وتسعى من خلال الكم الهائل والكثيف من الأكاذيب والمغالطات والدجل – الذي تطلقه في الهواء يوميا – إلى سلب اليمنيين هذا الحق، وبإمضاء الهدنة التي تُفصِّلُها بمقاييسها وبما يخدم مصالحها، ولا يعطي اليمنيين خمسة في المائة من حقوقهم، وعلاوة على ذلك تهدد اليمن بتصعيد الحرب إذا لم يقدم لها المفاوضون توقيعاتهم على بياض الهدنة التي تتصورها.
انتهت الهدنة في الثاني من أكتوبر، ولم يعلن عن هدنة جديدة لأن أمريكا رفضت بشكل مطلق التجاوب مع مطالب اليمنيين في رفع الحصار وصرف المرتبات، واعتبرت ذلك شروطا مستحيلة ومرفوضة، طرحت الإدارة الأمريكية هدنة تزعم أنها موسعة من خلال زيادة عدد سفن الوقود التي ستسمح بوصولها إلى ميناء الحديدة شهريا، ومن خلال زيادة عدد الرحلات الجوية إلى مطار صنعاء، وصرف مرتبات فئات من الموظفين فقط.
أمريكا التي تشن هجوماً حاداً على السعودية ودول أوبك، لأنها خفضت إنتاج مليوني برميل نفط من الحقول التي تملكها هذه الدول، تضع لليمنيين حق الحصول على عشر سفن نفط شهرياً فقط، وحتى العشر لا تصل إلا بعد إجراءات ورشاوى وحجز وقرصنة وتفتيش يستمر ليالي وأياما، والحال كذلك في موضوع الرحلات الجوية التي تريد تحديدها في رحلتين كل أسبوع فقط، وتلك وقاحة لم نشهد لها مثيلا في حياة العالمين جميعا.
أمريكا التي تنهب حقول النفط في سوريا وتدفع أدواتها لنهب النفط والغاز من اليمن، وتربح مليارات الدولارات من وراء الحرب العدوانية على اليمن، تضع قوائم محددة لليمنيين الذين يحق لهم الحصول على رواتبهم وأخرى لا يحق لهم ذلك.
هذا السلوك يُسمّى عَربَدة وَقِحْةٌ، وعودة اللسان الأمريكي إلى النفخ في قربه المثقوبة كل يوم يعني التمادي في العربدة الوقحة، وزوبعة في الهواء المفتوح، وكل ذلك يؤشر إلى أن المراوحة والدوران في المكان نفسه لم ولن يحقق نتيجة للإدارة الأمريكية ومنظومة العدوان.
أجهدت الإدارة الأمريكية مبعوثها ذهابا وإيابا في رحلات مكوكية هي الأطول في تاريخ العالم، لتفرض أجنداتها على الشعب اليمني، تسعى أمريكا إلى هدنة جديدة في الحرب التي تشنها على اليمن، لكنها ترفض مطلقا صرف مرتبات اليمنيين ورفع الحصار عن الموانئ والمطارات، وهذه المعادلة المختلة لن يقبل بها حيوان ناهيك عن الشعب اليمني العظيم الذي يَحمِلُ قيم الإنسان الأصيل في رفض الذل والمهانة.
حشدت الإدارة الأمريكية القنوات السياسية البريطانية الغربية في السياق، وشحنت الفضاء بأكاذيب لا تنتهي، وكل يوم نتابع سلسلة أكاذيب تبتدعها من قواميسها، وتطالعنا صباح مساء بسيل من التصريحات والمؤتمرات والأخبار في سردية لا جديد فيها إلا المجاهرة بما يفيض لدى أمريكا من الوقاحة والعربدة واستنساخ الدجل والزيف والتضليل.
حشدت الإدارة الأمريكية في جلسة مجلس الأمن الأخيرة بشأن اليمن، كل مندوبي الدول الحاضرين في الجلسة وحتى المبعوث الأممي في سياق معركتها الساخنة، وحوّلت مجلس الأمن إلى منصة دعائية إرهابية ضد الشعب اليمني وضد حقوقه المشروعة، وشهدنا اصطفافا مأزوما يبحث عن الهدنة التي فصلتها الإدارة الأمريكية، وللأسف لم نشهد موقفا مع هدنة للشعب اليمني تخفف معاناته، رغم أن الجميع من الأمريكي إلى أصغر مندوب في المجلس كلهم ادعوا أن ما تطرحه الإدارة الأمريكية على الطاولة هو مطالب اليمنيين، فتحولوا إلى ناطقين باسم اليمن وباسم الشعب اليمني.
ثم تناوبت الإدارة الأمريكية مع بريطانيا في استخدام التهديد والوعيد بالحرب، لكن المؤكد أن اليمنيين الذين صمدوا وقاوموا الحرب الإجرامية الأمريكية لن يستسلموا لوقاحة التصريحات والعربدة المأزومة، ولن يتوقفوا عند فصل الثرثرات الإعلامية والسياسية التي تحاول أمريكا وبريطانيا ومنظومة العدوان أن تملأ الفضاء بها لتفرض ما تريد على اليمنيين، ولن ينتظروا من أمريكا وتحالفها خيرا أبدا.
الموقف الوطني اليمني واضح، لا هدنة إلا بصرف مرتبات اليمنيين كافة من ثروات النفط والغاز، ولا هدنة إلا برفع الحصار عن اليمن، بكل ما يقتضيه رفع الحصار من إزالة العوائق وشباك الحصار وغيرها، ولن يستلب الأمريكي حقوق اليمنيين حتى يلج الجمل في سم الخياط.
الهدنة التي تروج لها أمريكا بمنطوق المساومة والتهديد – وبلغة الأطماع والوقاحة المرفوضة شكلا ومضمونا، وبمفردات من الوصائية البغيضة والمنبوذة – ساقطة وليست محلا للنقاش، وهذا ما أوضحه الوفد الوطني وقيادة الشعب اليمني في صنعاء.
أرادت أمريكا الاعتراف بحقوق اليمنيين وصرف مرتباتهم ورفع الحصار عنهم، وإلا فلدى اليمنيين ما يمكنهم بعون الله من انتزاع تلك الحقوق انتزاعا من بين أنياب كل المتشدقين في البيت الأبيض وفي مجلس الأمن وخارجهما..والله المعين.
في الأحد 16 أكتوبر-تشرين الأول 2022 07:18:52 م