|
ثمة أشياء كثيرة في الواقع المعاش لدى كل فرد من أفراد مجتمعنا تنبئه: أن قضية التغيير إلى الأفضل مازالت تحتاج إلى المزيد من البذل على مستوى الجهد والحركة، حتى تستوي على سوقها محملةً بشتى أصناف المتطلبات التي يحتاجها الناس في مختلف شؤون حياتهم العامة والخاصة، ولعل الشيء اللافت بهذا الخصوص هو: أن هناك مَن لايزال بعيدا كل البعد عن المبادئ والقيم والأفكار التي حملها الطليعيون من مجاهدينا وأحرار شعبنا، والذين أوجدوا في ما اجترحوه من معجزات، وتغلبوا عليه من صعوبات وعقبات النواة التي يجب تمثلها كأساس لتحقيق التغيير الشامل سواء في ما يخص الفرد أم المجتمع، فأنت واجدٌ مثلاً المغرقين في التزام الغش في المعاملات والسلع التجارية في الوقت الذي كان يفترض أن تتجلى الهوية الإيمانية كمظهر عام للواقع كله، وكانعكاس طبيعي لثقافة الإيثار والتضحية في سبيل الله، التي برزت لدى آلاف النماذج العملية خلال ثمان سنوات، كما ستجد شواهد من الخيانة للأمانة وهي تطل عليك من أكثر من نافذة من حولك، بدءا من نافذة المضيعين لحقوق الناس، والمستهترين بحياتهم، والمتلاعبين بقضاياهم ومصيرهم، وصولاً إلى نافذة الذين يجعلون من مناصبهم وسيلة لمضايقة أشخاص بعينهم، لا لشيء إلا أنهم لا يعجبونهم، أو بعبارة أخرى لا يخضعون لهم خضوع عبودية وطاعة مطلقة، وبالتالي فهم مهدورو الكرامة، ليس لهم حقوق، ولا يجب أن يبقى لهم أدنى ذكر أو أثر يشير إلى أنهم قد مروا ذات يوم من هذا المكان أو ذاك.
وهناك شيء آخر لايزال يلح علي ولم أستطع فهمه حتى الساعة، وهو: كيف يمكننا مواجهة النصب والاستغلال الذي لا يطال سوى المستضعفين من أبناء هذا الشعب، كما أن الذين يمارسونه كثر، ولا يقتصر وجودهم على الوظيفة العامة، بل إن فيهم التجار وملاك العقارات السكنية وغيرهم، وإن كان رجال الوظيفة العامة هم في الصدارة لهذا المشهد دون منازع، إذ ستجدهم يقيمون الدنيا عليك ولا يقعدونها حتى تقوم بدفع الضرائب، أو السداد لفاتورتي الماء والكهرباء، واللتين لا يمكن التساهل معك في إبقائهما ليومٍ واحد بعد انقضاء شهر، إذا لم تقم بدفع ما عليك، بينما لو أنك اتجهت للمطالبة بحقوقك فإن أصغر وأكبر مسؤول في البلد سيقولون لك بصوت واحد: اصبر نحن في عدوان! والحقيقة لم أعد أدري هل نحن بالنسبة لهم كشعب في عدوان، وبالتالي فالمطلوب مراعاة ظروفنا، أم أنهم هم الشعب والحكومة وما نحن إلا فضلة لا قيمة لها بمنظورهم؟
وأخيراً، فإن لسان حال الإنقاذ يقول لنا: عليكم دفع كل ما يُطلب منكم من رسوم وضرائب، ما لم فانتظروا الظلام الدامس، والموت عطشاً، فهذه حقوق دولة يجب أداؤها، ولا يجوز لكم مطالبتنا بأي حق من حقوقكم، أو محاسبتنا على أي خلل أو قصور، فنحن وحدنا دون بقية أبناء المجتمع نعاني جراء استمرار العدوان والحصار.
* نقلا عن : لا ميديا
في الإثنين 17 أكتوبر-تشرين الأول 2022 07:05:33 م