|
هناك مَن أغلق على نفسه أبواب المعرفة، وعاش مستسلماً لأوهامه، منقاداً لنوازعه الشخصية المتضمنة لكل دواعي الشر، ومصغياً لنفسه المريضة في ما تمليه عليه من رغبات، لتكون هي الدافع لكل ما سيقدم عليه من فعلٍ أو قول، فتراه يدعي أن الحق كل الحق في ما جرت عليه العادة، وألفته النفس، ولا شيء غير ذلك، فإذا ما صادف في حياته شيئاً لم يكن مما قد اعتاد عليه أو سمع به من قبل اتجه مباشرةً لرفضه، بعد أن يحكم عليه بالباطل، ويشنع على مَن يقدمون على الإقرار به والتزامه، من ذلك مثلاً: ادعاء أحد هؤلاء المرضى أن صورة الشهيد أبو حرب الملصي في أحد الكتب المدرسية ما هي إلا تعبير عن وجود حس طائفي، وعلامة على وجود نزعة في التحيز إلى فئة بعينها، وجعلها هي صاحبة الحق في تقرير مصير جميع مكونات الشعب اليمني، وليس لأحد الحق في التعبير عن آرائه ومعتقداته، أو ممارسة طقوسه، مادامت تتعارض حسب زعمه مع ما تدين به الفئة التي لم تكن موجودة إلا في مخيلته الموبوءة والسقيمة فحسب.
والآن تعالوا لنقف مع أبو حرب قليلاً لنرى هل في شخصيته وما يعبر عنها بأقواله وأفعاله ما يوحي بوجود حس طائفي؟
قال الشهيد أبو صلاح القوبري (سلام الله عليه) وعلى كل شهدائنا: «إن الشهيد أبو حرب الملصي (رحمه الله) قبيل إعلانه للقرار الحاسم الذي يقضي بالتحاقه بجبهات القتال وميادين الجهاد والاستشهاد، رأى مشاهد الغارات التي استهدفت أسرةً بكاملها، والتي اختلطت أشلاؤها بركام المنزل المستهدف الذي تحول إلى أثرٍ بعد عين، وما إن وقع بصره على تلك الأشلاء وهي تُنتَزعُ من تحت الركام حتى أخذ يجعل كل فردٍ من أفراد تلك الأسرة يحل محل فردٍ من أفراد أسرته هو، فالطاعنةُ بالسن أمهُ، وربة الأسرة أخته، والطفلة ابنته، والطفل كذلك ابنه، حتى إنه خلع عليهم أسماء ذويه واحداً واحدا».
كما أن هناك أكثر من مقطع لأبو حرب يبين لنا ما الذي يعنيه له المجتمع اليمني، إذ لم تغب عن ناظريه لحظةً واحدةً صورة الأب المكلوم على ذويه والمفجوع بفلذات أكباده، صاحب مقولة: «بعيني يا سعودي»، إلى أن أهداه أول انتصار حققه المجاهدون من خلال رسالته التي تضمنت في فحواها قلع عين من عيون السعودية، والعهد على المضي لاقتلاع عينها الأخرى، بالإضافة إلى أنه كان يرى في المرأة اليمنية عرضه وشرفه أينما حلت، ومن أي منطقة كانت.
* نقلا عن : لا ميديا
في الإثنين 31 أكتوبر-تشرين الأول 2022 03:15:24 م