|
لقد تم تدشين العمل رسميا بمدونة السلوك الوظيفي بحضور ومباركة فخامة رئيس الجمهورية، وهذه المدونة هي التي تحدث السيد قائد الثورة عنها، في عدة خطابات مهمة، وأكد على ذلك بقولة حرفيا أن ” المسؤوليات يجب أن تضبط بمدونات سلوكية وجانب رقابي يساعد على تقوى الله سبحانه وتعالى، وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب والتفريق بين المحسن والمسيء، والملتزم المؤدي مسؤولياته على نحو صحيح، والمفرط أو الخائن في أداء مسؤوليتها وأعماله” ، ومدونة السلوك الوظيفي ، اذا ما تم العمل بها و تطبيقها على الشكل الصحيح ، سوف تساهم بشكل كبير في الحد من الاختلالات الوظيفية والمعاناة الكبيرة التي يعانيها المواطن اليمني في المصالح والمؤسسات الحكومية من كل النواحي، وتلزم المسؤولين الكبار والموظفين من الرئيس وحتى الفراش بضبط أدائهم العملي كل في مجال عمله ومسؤولياته..
إن الوعي في احاديث وخطابات السيد القائد – سلام الله ورضوانه – حول المدونة السلوكية مقتبسة من آيات الله المحكمات التي توضح القيم والأخلاق العليا لسلوكيات وأخلاق وقيم من يستحقون تمكين الله لهم ونصره وعزته في قوله سبحانه وتعالى بمحكم كتابة العزيز ﴿ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ ، الآية الكريمة تبين أن أولى الناس بنصر الله والتمكين والعزة والنصر ، هم المؤمنون الصادقون، الذين أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر . وهنا علامات من ينصر الله ، وبها يعرف، أن من ادعى أنه ينصر الله وينصر دينه، ولم يتصف بهذا الوصف، فهو كاذب فقال تعالى ” الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ” أي: ملكناهم إياها، وجعلناهم المتسلطين عليها، من غير منازع ينازعهم، ولا معارض ” أَقَامُوا الصَّلَاةَ ” في أوقاتها، وحدودها، وأركانها، وشروطها “وَآتُوا الزَّكَاةَ” التي عليهم خصوصا، وعلى رعيتهم عموما، وآتوها أهلها..
ثم تأتي القيم الأخلاقية العليا ” وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ” وهذا يشمل كل معروف حسنه شرعا وعقلا، من حقوق الله، وحقوق الآدميين ” وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ” كل منكر شرعا وعقلا، معروف قبحه، والأمر بالشيء والنهي عنه يدخل فيه ما لا يتم إلا به، فإذا كان المعروف والمنكر يتوقف على تعلم وتعليم، أجبروا الناس على التعلم والتعليم كموجب أخلاقي سامٍ ، وإذا كان يتوقف على تأديب مقدر شرعا، أو غير مقدر، كأنواع التعزير، قاموا بذلك، وإذا كان يتوقف على جعل أناس متصدين له، لزم ذلك، وفي ختام الآية يقول سبحانه ” وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ” أي ان جميع الأمور ، ترجع إلى الله، وقد أخبرنا الله أن العاقبة الأخلاقية الأكبر هي للتقوى في المعاملة والسلوك ، فمن سلطه الله على العباد ، وقام بأمر الله متمسكا بقيم وأخلاق كتاب الله ، كانت له العاقبة الحميدة، والحالة الرشيدة، ومن تسلط عليهم بالجبروت، وأقام فيهم هوى نفسه، فإنه وإن حصل له ملك موقت، فإن عاقبته غير حميدة، فولايته مشؤومة، وعاقبته مذمومة..
ويقول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حديث شريف: “إنما بُعثت لأتممَ مكارمَ الأخلاقِ” ، وفي حديث آخر: ” إنَّ مَثلي ومَثل الأنبياء من قبلي، كمثل رجل بنى بيتًا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون هلّا وُضعت هذه اللبنة، قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين” ، يتضح من قراءةِ الحديثين حضورُ الآخر والاعتراف بالتكاملية البشرية وفق منظومة القيم والأخلاق ، فلم يقل عليه وآله افضل الصلاة والسلام جئتُ بالأخلاق أو بمكارمها، ولكنه قال جئت (لأتمّم) مكارم الأخلاق، وهذا اعترافٌ بالسابقين، وتأكيدٌ على دور الآخر في بناء منظومة الأخلاق والقيم ..
وفي الحديث الثاني اعتبر نفسه عليه وآله أفضل الصلاة والسلام انه مجردَ جزءٍ في سياق منظومة أخلاقية كبيرة ، ولم يؤكد على دوره دون أدوار الآخرين، ومن هنا نجد أن الاقتداء به صلى الله عليه وآله وسلم يكون في سلوكياته وأخلاقه، فنحن الآن أحوج ما نكون لثقافة تعزيز الأخلاق ومعاملات الأخلاق وسلوكيات الأخلاق و الاعتراف بالآخر بالأخلاق، والتأكيد على أن البشر متكاملون بأخلاقهم، وأنه لا أحد قادر ولو كان نبيا أن يُقدم شيئا بمفرده، إلا بتعامله الأخلاقي المتكامل، فالآخر الذي أكد على دوره الأخلاقي نبي، أولى بمن هم دون النبي عقلا ومنزلة أن يؤكدوا على وجودهم الأخلاقي والقيمي بميثاق شرف عام وللجميع..
في الختام، أخلاقنا وقيمنا ومبادؤنا مرتبطة بمعية الله وننطلق أخلاقيا وقيميا من موجهات قيم كتاب الله وأحاديث رسول الله علية أفضل الصلاة والسلام، وموجهات وتوجيهات السيد القائد، ونسأل الله الثبات والعفو والعافية على نهج قرآنه وأنبيائه وأوليائه الصالحين المتقين المؤمنين، الذين يقيمون الصلاة ويأتوا الزكاة ويأمرون بالمعروف وينهوا عن المنكر.
في الجمعة 11 نوفمبر-تشرين الثاني 2022 06:33:00 م