|
عزيزي المواطن اليمني.. قبل أن تدخل بقدميك إلى أي مستشفى في هذه البلاد لا سمح الله، عليك أن تعلم شيئاً في غاية الأهمية، وهو أن “الألف ريال” يعتبر أغلى منك ومن روحك بالنسبة لإدارة المستشفى، سواء كان خاصاً أو حكومياً.
هذا ليس نذير شؤم، وإنني أتمنى الصحة والعافية لكل من يقرأ هذا المقال، ولكن أحببت أن أحذر الجميع من باب الاحتياط لا غير.
يعني لا نريد أن ينصدم أحدهم إذا تُرِك للموت على أروقة المستشفى دون تلقي أي علاج أو رعاية طبية؛ بسبب مبلغ بسيط لم يتمكن من سداده للحسابات المالية للمستشفى، فالفلوس قبل كل شيء في قانون هوامير الصحة.
كنت دائماً أقول إن الوضع في المستشفيات باختصار هو “طلبة الله”، ولم يعد في المتاجرين بهذا المجال ذرة من الإنسانية.
طبعاً، من المعروف أن المستشفيات الخاصة لن تضرب لك “إبرة مهدئة” إلا بعد أن تدفع ثمنها مقدماً، فهي في الأخير مشاريع تجارية تم إنشاؤها لغرض الربح والاستثمار ليس إلا.
لكن الأسوأ أن يسيطر هذا الجشع على المستشفيات الحكومية التابعة للدولة، والتي على أساس أنه تم إنشاؤها لتقديم الخدمات الطبية لمواطني هذه الدولة.
الوضع سيئ جداً ومخيف يا جماعة، ودعوني أحك لكم مأساة واحدة من مآس لا تنتهي يصنعها أولئك الجشعون عديمو الإنسانية.
تخيلوا أن زوجة أحد المواطنين كانت ترقد خلال الأيام الأخيرة في مركز القلب التابع لمستشفى الثورة العام، وهي بحاجة ماسة لإجراء عملية “صمامات قلب” وفي أسرع وقت ممكن.
المبلغ المطلوب من زوجها هو “مليون ريال” مقابل إجراء هذه العملية، وبعد عناء وتعب ومشقة بالكاد استطاع زوجها أن يجمع 700 ألف ريال، وكان مستمراً في السعي لتوفير بقية المبلغ.
وبرغم خطورة الحالة وحاجتها الضرورية للعملية، فإن إدارة المستشفى رفضت أن تُجرى العملية لزوجته إلا بعد دفع المبلغ كاملاً، وبكل قسوة ووحشية تركوها دون علاج حتى فاضت روحها إلى بارئها، تاركة خلفها طفلين عليهما مواجهة الحياة دون أم.
نعم ماتت تلك المرأة من أجل “300 ألف ريال”، ماتت من أجل مبلغ تافه كان أغلى منها ومن حياتها في عيون هوامير الصحة عديمي الإنسانية، والكارثة الكبرى أن يحدث هذا داخل مستشفى حكومي..!
وكأن الخدمات الرديئة والرعاية الطبية السيئة في تلك المستشفيات لا تكفي، حتى يزيدوا الأمر سوءاً بالطمع والجشع وابتزاز أهالي المرضى.
على العموم، سمعنا أن هذه المأساة وصلت إلى المعنيين في وزارة الصحة، وأن التحقيقات جارية لاتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المتسببين بوفاة تلك المرأة.
لكن عليهم أن يعلموا أن هذه الكارثة لو حدثت في دولة أخرى لكانت كفيلة بقلع وزارة الصحة بأكملها، وليس المستشفى فقط.
لذلك نتمنى على الأقل أن يأخذوا الأمر بجدية وينفذوا الإجراءات اللازمة بسرعة، وأن يجدوا حلاً حقيقياً لهذه المشكلة المتجذرة منذ عقود في جميع المستشفيات اليمنية حكومية وخاصة.
وإن كان حل هذه المشكلة صعباً ومستحيلاً لهذه الدرجة، فأغلقوا المستشفيات واتركونا نتعالج بالأعشاب الطبيعية، فذلك أجدى وأهون.
* نقلا عن : لا ميديا
في الثلاثاء 15 نوفمبر-تشرين الثاني 2022 08:57:53 م