|
«مدونة السلوك الوظيفي» التي أصدرتها حكومة صنعاء هدفها تحريك منظومة العمل نحو النهضة، وتحسين جودة العمل الوظيفي.
الحقيقة، معظم الدول المتقدمة يوجد فيها مدونة سلوك وظيفي، الهدف منها هو تأهيل العنصر البشري من أجل أداء واجباته الوظيفية بأمانة ونزاهة وموضوعية وحيادية، متجرداً من كل الولاءات الضيقة، وأن يحترم القانون والنظام ويحافظ على المصلحة العامة، لأن العنصر البشري هو الأداة الفاعلة في تنمية أي مجتمع، ولا ترتقي الأمم وتصل إلى أهدافها إلا من خلال تطوير منظومة الموارد البشرية، التي تمتلك الكفاءة والمهارة والتميز حتى تحقق النهضة والتقدم والتنافس بين الأمم.
أصدقكم القول إن النخبة التي أعدت «مدونة السلوك الوظيفي» في صنعاء تفوقت على الكثير من الدول؛ لأنها وضعت الموظف وسط العديد من التعليمات الإلهية والنبوية والقيمية والأخلاقية والقوانين والأنظمة البشرية، وهم يعلمون جيداً أن اليمن مقبل على حركة اقتصادية وعمرانية وتجارية كبيرة، وهناك طفرة قادمة سوف تشهدها اليمن ولا بد من تهيئة الموظف اليمني من الناحية العلمية والمهنية والمعرفية، والثقافية والسلوكية، حتى يواكب التطورات العالمية استعداداً لاستقبال الاستثمارات التجارية والصناعية والسياحية.
قرأت المدونة كاملة، محاولاً الوقوف على حقيقة ما يتم تداوله من قبل وسائل إعلام الأطراف الأخرى التي تصف المدونة بأنها مجرد تعبئة طائفية لإخضاع الموظف المسكين لثقافة محددة.
الحقيقة، بحثت في كل كلمة وحرف وجملة في المدونة، لم أجد أي صبغة طائفية أو عنصرية مطلقاً، المدونة خالية تماماً من الولاءات الضيقة، ومعظم ما جاء فيها يمكن تنفيذه في أي دولة عربية، لأن المدونة غنية بالقيم الدينية والإنسانية، وتشمل الآيات القرآنية وأحاديث النبي محمد عليه الصلاة والسلام ومأخوذة من الدستور والقانون اليمني وتم الاستعانة ببعض التجارب من مدونات دول أخرى، ربما البعض لم يعجبهم ورود بعض أقوال الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الحكم والأخلاق، وهو الخليفة العادل الذي تؤخذ أقواله في الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان.
الحقيقة، لقد فوجئت بما في المدونة من أفكار وإرشادات وتعليمات مهمة تتعلق بالسلوك والأخلاق والقيم، وتحدد مهام الموظف وواجباته، كذلك حمايته وضمان حقوقه، وتحسين سمعة الموظف وزيادة إنتاجه وتطوير مهاراته معرفياً وتقنياً وثقافياً، وفتح المجال للاستفادة من تجارب الغير والحرص على تقليل الأخطاء من خلال الرقابة الذاتية والمحاسبة الإدارية، وهذا لم يكن موجوداً بشكل فعال من قبل الحكومات السابقة.
الهدف من المدونة هو التوجيه والتثقيف والحماية، وتحقيق مسار وظيفي ناجح ومتميز في الأداء والأخلاق والسلوك والتعامل بحب مع بيئة العمل بنظامها الجديد المبني على الإبداع والتميز والرقابة والمساءلة، وتكوين كفاءات وظيفية عالية المستوى، وإعداد قيادات مؤهلة، من خلال استراتيجية وطنية متكاملة، هدفها حماية الموظفين، وتطوير قدراتهم.
الملاحظة الوحيدة هي حول الفقرة التي تقول: «مقاطعة وسائل الإعلام المعادية، والمشبوهة والتحذير منها». هذه الفقرة ليست موفقة، فالمدونة تتحدث عن العمل الوظيفي في مرحلة السلام والبناء والتطور والانفتاح على العالم، وأعداء الأمس قد يصبحون أصدقاء اليوم، وحرية الرأي والتعبير حق أساسي لكل إنسان بحسب المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتعددية والاختلاف، ومتابعة الإعلام المخالف واحترام الآخر كلها مفاهيم إنسانية تراعي حرية الفكر والقول، ومن الصعب تجاوزها وحظرها، خاصةً في البلدان التي تحكمها الديمقراطية وتسعى إلى الانفتاح على العالم وتحقيق التقدم والنهضة.
* نقلا عن : لا ميديا
في الأحد 20 نوفمبر-تشرين الثاني 2022 08:19:24 م