شعراء القدس والمقاومة في اليمن"4"
حسن المرتضى
حسن المرتضى

سلسلة شعراء القدس والمقاومة في اليمن نختار فيها نبذة من قصائد شعراء اليمن الذين كتبوا عن القدس والمقاومة

 

 

النكبة.. الحارث بن الفضل الشميري

سِتُّونَ عامًا والدمارُ الدمارْ

             والقتلُ والتشريدُ والإنكسارْ

ستون عامًا مُرَّةً عشتُها

             ممزوجةً بالذُّلِّ والإحتقارْ

ستون عامًا والمرايا بلا

             ضوءٍ تعاني من حصارِ الحصارْ

حتى متى يا موت تبتزّ أحـ

             ـزاني بألوان الهموم الكبارْ؟!

ستون عامًا خيَّمتْ في دمي

             دارت رحاها فوق كل اعتبارْ

دارَ اللجوءُ المُرُّ في غربتي

             دهرًا وما من سائل كيف دارْ

آثاره استلقتْ على نكبتي

             قهرًا، ودارت بي على ألف دارْ

ستون عامًا يا دموعي وما

             زلنا نعاني قسوة الانحدار

ستون عامًا والأشقاء يجـ

             ـترُّون عارًا عاريًا بعد عارْ

ستون عامًا كل أيامها

             مرَّتْ مرور السُّمِّ للانتحار

ستون.. لا ليلي بها طعمهُ

             ليلٌ ولا حتى نهاري نهارْ

 

ستون عامًا نارها كلما

             أطفأتها شبَّت على الفور نارْ

ستون عامًا فحَّمتْ مهجتي

             فقرًا وقومي في الربا والقمارْ

ستون عامًا كل من حولنا

             مَرُّوا وقومي بانتظار القطار

ستون عامًا والسجون التي

             عانقتها أضحت لقلبي مزار

أطماعُ إسرائيل وحشيَّةٌ

             تقضي على مستقبلي باقتدار

كل المآسي مزَّقتني بلا

             رفقٍ ولم أفشل بأي اختبار

أبي أسيرًا مات واستُشهِدتْ

             أمي، معَ من حولها من صغار

كانوا على الإفطار عند الضحى

             حتى تلاشوا في وميض انفجار

من سوء حظِّي أنني لم أكن

             من بينهم وقت اتخاذ القرار

من بعدهم أهديتُ للريح أشـ

             ـلائي، وما استحليتُ طعم الفرار

لأن ثأرًا كامنًا داخلي

             يغلي عليهم، كلما ثرت ثار

 

ستون عامًا والذي طار عن

             أوطانه مستغربًا كيف طار

فاستوطنت أعشاشهُ حيَّةٌ

             حاكت سلامًا شاملًا في إطار

إسقاطِ حق العودة الغير مشـ

             ـروعٍ لمن لم يسجدوا للتتار

ستون عامًا يستخفُّ الصدى

             فيها بأطروحات رأي الحمارْ

ستون عامًا حاورونا وحا

             ورنا بلا معنى لحق الحوارْ

ستون عامًا ظلمها جائرٌ

             لكنْ حذارِ من لظاها حذارْ

يا قدس مهما ضاق بي واقعي

             ذرعـًا ومهما طال بي الانتظار

مفتاح داري لم يزل في يدي

             وعائدٌ مهما استبدَّ الغبارْ

ستون عامـًا يا فلسطينُ والـ

             ـزيتون يشكو الحظر والاحتضار

ستون عامًا ضاعفت حجم أو

             جاعي وقوَّتْ هِمَّتي باختصارْ

   

 

  

لبيكِ يا قدس.. الحارث بن الفضل

لبيكِ يا قدسَنا لبيكَ يا أقصى

             لبيكِ مهما علينا نصركِ استعصى

لبيكِ يا قدسُ إنَّا قادمون غدًا

             بقوةٍ مِن جنودِ الله لا تُحصى

لبيكِ ليس ادِّعاءً إنَّما ثقةٌ

             بِمَن عن النصرِ في قرآنِهِ نَصَّا

وهذه سورةُ الإسراءِ شاهدةٌ

             في مُصْحَفٍ كاملٍ لا يَعْرِفُ النقصَا

٤٦٢٠١٤م

  

ثالِث الْحَسَنَيْنْ.. للشاعر الكبير حسن الشرفي

لك المجد، كل المجد في كل ما جرى

            وفي كل ما يجري فُرَاتًا وكوثرا

وإني لأستحيي وقد جئت شاعرًا

 

      تأخَّر، حَتَّى ما درى كم تأخَّرَا

مضى السابقون الأوَّلون بعِزِّهَا

            فكانوا عقيلًا في الأعالي وجعفرا

وما في جنوب الخالدين لغيرها

            سوى الموت يأتي بالفجاءاتِ أحمرا

رآهُ الذين استنفروا كُلَّ قُبْحِهِمْ

            وجاءوا به من كُلِّ صوب مُجَنْزَرَا

تَمحْوَرَ فيه المفلِسونَ عُرُوْبةً

            فكانوا لِأزْلَام المهاناتِ مِحْوَرَا

فما وجدت غير القياماتِ كُلِّهَا

            وما وجدوا غير العذابِ الْـمُشَفَّرَا

يقولون حزب اللَّـهِ ما هو يا ترى؟

            ومن هو نصر الله في الناس والْقُرَى؟

وَلَـمَّا استدارت في رحاها تشامخت

            ذُرَاها مع الفصحى خطيبًا وَمِنْبَرَا

وما هي إلَّا طلقتانِ «بِسَاعِرٍ»

            يباغتهم مثل التماسيح مُبْحِرَا

فما تنجلي إلَّا وتأتي بمثلها

            مُجَوْقَلَةً تُلْقِي النياشين لِلثَّرَى

وَتَقْرَأ حيفا والجليلُ كِتابَهَا

            حُرُوفًا مع الجوِّ السَّرِيْعِ وأسطُرَا

ويبدأُ ميقات الصلاة جماعةً

 

      لِتَأْتَمَ «رَعْدَ المؤمنين وَخَيْبَرَا»

فلا جنرالات الشتات بوسعهم

            سوى أن يروا فيها الفقار وحيدرا

وما الْتَبَسَ الْـمَعْنَى هنالك فاتحًا

            وفتحًا، لينسى نخوةَ القاع والذرى

تبارك لبنان الكرامات أبجدًا

            لكُلِّ قواميس التّجَلِّيْ وَدَفْتَرا

تبازغ من كل المطالع للفدى

            بأكملَ مِنْ معنى الكمال وأكبرا

تأمَّلْ، تجد عيسى به ومحمدًا

            بمشكاة وحي اللَّـهِ نصرًا مُؤَزَّرَا

وَدَعْكَ من الشذاذ في النار ما دَرَوْا

            بأيِّ رهانٍ باعَ من باعَ أو شرى

تَظَلُّ علامات الرِّبا في وجوههم

            يهوديَّةً ما فكّرت أن تُفَكِّرَا

فكانوا كما شاءوا وما مِنْ مُنازِعٍ

            سُقوطًا مِنَ الخامِ الثقيل مُكَرَّرَا

وَلَاح ثلاثي العمى برؤوسهم

            بِطَاوِلَةِ الشطرنج شيكًا مزوَّرَا

أقول لهم إن الزمان برأسِهِ

            ورجليه في كل الخطى قد تغيَّرا

 

أتى زمنُ المستضعفين وهذه

            طَلَائعُهُ تحدوهُ أقوى وأقْدَرا

أَلَا قَرِّبَا مِنْهَا مرابط عِزِّهَا

            فقد آنَ أن تمضي به متبخترا

وأشهد يا لبنان أنَّكَ دربُها

            إلى الله فيما جئت جيشًا مُظَفَّرَا

فَضَحْتَ الجيوش الخاوياتِ وعندها

            أَطَحْتَ بِكِسرَاهَا البغيضَ وقيصرا

بِكَ اشتعل الياقوت في كُلِّ مفصلٍ

            من الأرض واستشرى حريقًا «مُكَوْفَرَا»

وسوف تراها في غدٍ من شبابهِ

            وقد لَبِسَتْهُ بالشظايا مُزَرَّرَا

هنا زمَنَ المستضعفين لَمَحْتُه

            بلبنانَ فجرًا كالعناقيد أشقرا

فَسَبِّحْ بحمد الله، للنصر شاءها

            مع الفتح من كُلِّ المخاطِرِ أخطرَا

غدًا في عظيم الشأنِ تكشفُ سِرَّهَا

            متى هَلَّلَ الأرْزُ المفدى وكَبَّرَا

أُحِبُّكَ يا لبنان، والله شاهدٌ

            لِأَنَّك أنْتَ الكُلُّ عِزًّا ومَفْخَرَا

لَكَ المجد، كُلَّ المجد، والعار كُلُّهُ

            لِـمَنْ نَكَصُوْا عَنْهَا سِلَاحًا وَعَسْكَرَا

وَمَرْحَى لفتيان الميادين وَثَّقُوْا

            عُرَاهَا مَعَ الآتي رُسُوْخًا مُشَجَّرَا

ففي كُلِّ شِبْرٍ للبُطولَاتِ بَيْدَرٌ

      يعانق في عشق السَّنابِلِ بَيْدَرَا

وَهُمْ في مزادات النَّخاسَاتِ مَا غَدَوْا

      سِوَى مَتْجَرٍ للفُحْشِ يرتادَ مَتْجَرَا

يقولون ماذا عنك في عقر دَارِهِمْ

      سِوَى أنَّهُمْ قد صيروا الحقَّ مُنْكَرَا؟

يقولون ماذا عن شبابك يومها

      غَدَاةَ جنوب الله للبطش شَمَّرَا؟

أَلَا قُلْ لَهُمْ إن الدوائر لم تَزَلْ

            تَدُوْرُ، ويبقى الجبنُ فيكم مُدَوَّرَا

غدًا، وهو رأي العين والقلب قادمٌ

            تَرَوْنَ حليف السوءِ في الظهر خنجرا

وَمَا مِنْ مَجَالٍ لِلنِّكَايَاتِ عِنْدَنَا

            وَلَا لِلتَّشَفِّيْ مُخْطِئًا أو مُبَرَّرَا

لِأنَّ لنا أخلاقَنَا وانتصارنا

            هَمَى مِنْ غمام النبل ماءً مُطَهَّرَا

أبينا التي فيها المذلَّةَ مِثْلَمَا

            أبَاهَا الحسين السِّبْطُ حَتَّى تَعَفَّرَا

وَهَا هُوَ «نَصْرُ اللَّـهِ» بُوْرِك حِزْبُهُ

            وَجَلَّ جلالُ الحقِّ فيه مُعَطَّرَا

وتدرون يأ أعراب كُلِّ هزيمةٍ

            بأنَّ لِحِزْب اللَّـهِ شأنًا مُعَمَّرَا

مِنَ الآن، مِنْ «آبِ» التقاويم كُلِّهَا

            يَظَلُّ قُرونًا للجهادِ وأعصُرَا

سألت متى جاد الزمانُ بمثله

            مِنَ «الطَّفِّ» حتى اليوم في سائر الورى؟

وَفَتَّشتُ في كُلِّ المعاجمِ علَّني

            أرى واحِدًا، لكنه قال لن ترى

أنا جوهرُ الحق المبين، ولم يكن

            به عَرَضٌ، أو كان في الأرضِ جوهَرَا

أقول له، ها قد وضعت أساسها

            على صخرةِ الأقصى ولن تتحيَّرَا

سيأتي دَمٌ ما في الشرايين مِثْلُه

            دَمًا مُشْمِسًا في كُلِّ أفقٍ تَجَذَّرا

فجاء بهم مُستقتلين كأنَّهُم

            حرائقُ إعصارٍ عِنِ الهولِ كشَّرَا

ويسألني الأحفاد، ما هي خيلُه؟

            فآتي بها فيهم مِنَ الأرضِ ضُمَّرَا

وإن غَدًا يا مطلع الشَّمسِ بيننا

            وَلَا عاش عن ميدانِها مَنْ تقهقرا

صنعاء 22/8/2006م 

 

الْعُرْسُ الثامن.. للشاعر حسن عبد الله الشرفي

في احتفالات حزب الله بأعراس التحرير

حَسَنٌ بقلبك؟ أم هي الأقدار؟

             فيها سَمَاءُ اللَّـهِ والأقمارُ؟

أم أنَّه الزمن الذي وَلَّى، وفيْ

             أعماقهِ الرايات والأنصارُ؟

عَادَتْ بِهِ الْـجُـلَّى وفي قسماتها

      آتٍ تطول بِحُبِّهِ الأعمارُ

لو كنت أدريْ ما سألتك خاشعًا

             وبخافقي من فيضه أنْهَارُ

قال الجنوب، وفي الجنوب لمثلها

             قَومٌ مَصَالِيْتُ الخطى أحرارُ

دَاسُوْا على وجع الجراح وغامروا

             ليكون للشرف الرفيع خيارُ

والأرض تسألهم بمن جِئتم، وفي

             رَجع الصدى يعسوبُها الكرارُ

مِنْ بعد ما ظَنَّ الجميع بِأَنَّهَا

             عَقِمَتْ وشاخ الكوكب الدَّوَّارُ

وتوهم الْـمُـتَذَبْذِبُوْنَ جَلَالَةً

             وفخامةً، أن الكرامة عَارُ

عصبوا بِمنديل الخنوع جِبَاهَهُمْ

             ورضوا بما يرضى به «عَازَارُ»

قَرَّبْتُه مَثَلًا، وكم مَثَلٍ هُنَا

             وَهُنَاك يلهثُ عِجْلُهُ الْـخَوَّارُ

 

لَـمَّا رَأيتُ عروشَهم وكروشَهم

             وَكأنَّهَا للمخزياتِ فَنَارُ

حَسَنٌ بوجهك أم قيامة أُمَّةٍ

             قامت، وأقبل حَشْرُهَا الجبَّارُ؟

قاَلَتْ «بِعِيْتَا الشعب» هذا موعدٌ

             فيه الحسين وجعفر الطَّيَّارُ

وعلى مشارفه صَلَاح الدين فِيْ

             رَايَاتِهِ، والجحفل الْجرَّارُ

دار الزمان، وللزمان قَضِيَّـةٌ

             الصَّمْتُ في ناقوسها إعْصَارُ

وَلِأنَّ حِزْبَ اللَّـهِ في ميدانها

      قد قال، لَا ظُلْمٌ ولا استكبارُ

هَزَّتْ جَنَاحَيْهَا وفي رِئَتَيْهِمَا

             ماَلَا تحيط بعلمه الأَخْبَارُ

اقرأ بَرَاءَتَهَا مِنَ الزَّيْفِ الذيْ

             كَادَت به أَحْلَامُنَا تَنْهَارُ

واقرأْ بَرَاءَتَهَا مِنَ الغسق الذيْ

             وَلَّى، وَوَلَّى نَحْسُهُ السِّمْسَارُ

وَيَظُنُّ طابور الهوانِ بأنَّهُ

             أقوى، وكيف يُصَدَّقُ الصرصار؟

خيشوم «بُوْشٍ» في الترابِ مُمَرَّغٌ

             مِنْ بعد مَا ضاقت بِهِ الأقْطَارُ

 

وَلِأنَّ وَعْدَ اللَّـهِ في ملكوته

             حَقٌّ تَهَامَى غَيْثُهَا المدرارُ

هَا إنَّهَا وَلَدَتْ «نَشَامَاها» كَمَا

             شَاءَتْ وشاء الواحد القَهَّارُ

وعليك يا غَضَبَ المطايا أنْ ترى

             مِنْ أين جاءَ الفارس المغوارُ

وعليك يا غضب النياقِ بِأَن ترى

             من أنت؟ حيث «الْيَنُّ والدُّوْلَارُ»

رَاحَتْ عليك، وفي الخنادقِ غيرها

             وَهنالك الإجْلَالُ والإكْبَارُ

لبنان، يا لبنان أَنْتَ بقيَّةٌ

             فيها العناد الشهم والإصْرَارُ

لو كانت الأشجار مثل «الأَرز» في

             أرض العروبة ما اعتدى مِنْشَارُ

أَوْ أَنَّ كُلَّ جِبَالِهَا «كَاْلمَتْنِ مَا

             رَكَعَتْ، فَذَلَّ السَّرْوَ والصَّبَّارُ

لَكِنَّه لبنان يَا مَنْ لَا يَرَى

             لُبْنانَ، أَهْلٌ للفخارِ وَدَارُ

صنعاء في 25 مايو أيار 2008م 

 

* نقلا عن : المسيرة نت 


في الأربعاء 21 ديسمبر-كانون الأول 2022 01:24:38 ص

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=6624