” لغة الضاد “
محمد أحمد الشامي
محمد أحمد الشامي
 

أنا وأنتِ وهذا الضاد والألفُ

نسعى، نطير.. من الآفاق نغترفُ

لأنكِ النور والأنوار في ظلمٍ

وما تبدَّى على موج الدجى أسفُ

كالشمس أنتِ حواليها اللغات هفت

تطوفُ سبعاً من التطواف تلتقفُ

إاليَّ توحي فتغدو الروح مشرقةً

من وحي إالهامها الدفّاق أرتشفُ

هي الحبيبة والأكوان تعرفها

من ذا بمحبوبتي من ليس يعترفُ

أنتم تحبونها مثلي ، فنحن إذن

عشاقها كيف بعد العشق نختلفُ

وجودها صلةٌ ظلت تؤلفنا

ونحن في ظلها كالضوء نأتلفُ

ما عاد يجمعنا دينٌ ولا لغةٌ

ولا سلامٌ على أرجائه نقفُ

واليوم نازعني في حبها غجرٌ

هانوا كرامتها يا بئس ما اقترفوا

كيف انتهى اللفظ في أسمى حداثتهِ

قل: ربما صادروا الألفاظ أو نسفوا

أصاب أعراضنا تيهٌ فمزقنا

حتى مضينا بهذا التيه نلتحفُ

* * *

من ذا يعيدُ إلى العينين ضوءهما

من ذا يداوي مريضاً بالعمى دنفُ

إذ أطفأوا بعدها الأنوار من مقلي

كي لا أعبِّر عما كاد ينكشفُ

حتى أموت بغيضٍ صار يقتلني

هذي الحقيقةُ بدءٌ ما لهُ طرفُ

تسعٌ من السنوات الداء أحملهُ

والداء أثقلُ إن لم ينتهِ الشضفُ

أنا ضحيةُ حربٍ كلَّها عبثٌ

قد دمَّرتْ كلَّ شيئٍ حالما قصفوا

وكم أراقوا دماء الأبرياء بلا

حقِّ فهل شرْعن العدوانَ منحرفُ

أنا الضحيةُ كلٌّ قد يجيُّرني

على سواه وفي النصفين منتصفُ

يا رمز أمتنا يا تاج عزتنا

من بعضنا البعض صار البعض ينحرفُ

يا نبع نهضتنا يا فخر وحدتنا

بين الخلائق أنتِ العز والشرفُ

إليكِ تسعى لغاتُ الأرض خاضعةً

لأن في راحتيكِ القدس والنجفُ

عشرون حرفاً ويتلوها ثمانيةٌ

كأنها في فضاءات المدى تحفُ

* * *

أنتِ الحياة لذا تبقين خالدةً

لأنكِ الملْكُ والأملاك والترفُ

كم أنتِ فاتنةٌ باللفظ شامخةً

وكل مفردةٍ بالحسن تتّصفُ

تصوّرين لما لا عقل يدركهُ

كما تعرّي رؤى المخطوف من خطفوا

فيكِ الجمالُ وفيك الفنُّ متصلٌ

كما تسكَّبُ في أرحامها النطفُ

لانكِ الأبجدُ الزاهي روائعهُ

لأنكِ القبْلُ قبل القبل والخلفُ

فيكِ المعاني التي ما زال تسكرنا

من محتواها وفيها الدرُّ والصدفُ

لأنكِ اللفظ في أنقى طراوتهِ

تُؤسلبين سطوراً مِلْؤها الشغفُ

وكم لهجْتُ بسرِّ الحرف مبتهلاً

فيغصنُ الفوزُ في الإبحار ، والوِزَفُ

لأنكِ اللغةُ العظمى تقطّعنا

تلك الخلافات ، بالإسلام تعتسفُ

ما زلتِ رائعةً تسعين يانعةً

إليكِ يصبو شعورُ الناس واللهفُ

كل الحروف هنا تدعو لخالقنا

لكِ السموَّ ومنكِ الكل يغترفُ

قل إنها لغةُ القرآن أنزلها

ربي فكيف تناسى فضلها الخلفُ

أتيت من صرفٍ أهفو إلى فرصٍ

صفر الرؤى وعلا رصف العمى صرفُ

لقيتني في شديد البرد معترياً

من لي بدفءٍ ففي محرابكِ اعتكفوا

أصافح الريح أطويها إلى هدفٍ

أمضي لهُ او سيمضي نحويَ الهدفُ.


في الجمعة 23 ديسمبر-كانون الأول 2022 01:09:51 ص

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=6651