|
أنصَحُ النظامَ السعوديّ أَلَّا يُفَوِّت على نفسه أَو يضيع من بين يديه فرص صناعة وتحقيق السلام.
أنصحُه أن يكُفَّ عن مراوغاته ومماطلاته الدائمة والمُستمرّة وأن يتعاطى ولو لمرة واحدة مع هذه الفرص بكل جدية وصدق.
أنصحُه أن لا يغلُبَ عليه طبعُه وتركَبَه حماقاته ككل مرة ويستمرَّ في إهدار هذه الفرص وتضييعها أَو حتى الاستهتار والاستخفاف بها.
فكم من إمبراطورياتٍ وممالك ودول أسقطتها في غمضة عين حماقة وغطرسة حكامها!
أنصحُه اليوم أن يرميَ بكل ثقله وإمْكَاناته باتّجاه الدفع بعجلة السلام نحو الأمام ليس؛ مِن أجل اليمن فحسب ولكن؛ مِن أجل السعوديّة أَيْـضاً.
فقد تكون هذه الفرصة هي الأخيرة،
من يدري؟
الاستمرارُ في استعداء (الحوثي) أَو شيطنته أَو محاولة تأليب أَو تحريض الرأي العام العالمي عليه لن يصنع له سلاماً أَو يحقّق له أمنا.
عليه أن يدرك هذا جيِّدًا.
ليس في صالحه الاستمرار في محاولاته البائسة للنيل من الحوثي أَو السعي عبثاً إلى اجتثاثه أَو على الأقل العمل على إقصائه أَو إخراجه من المشهد.
ليس في صالحه أَيْـضاً الاستمرار بالاستخفاف بالحوثي أَو الاستهتار به أَو التقليل من شأنه وشأن قوته وقدرته على المواجهة.
فقوة الحوثي ليست بالدرجة الأَسَاس في طائراته المسيرة أَو صواريخه البالستية أَو أي شيء من هذا القبيل حتى يعتقد ذلك الأحمق أن بمقدوره وبما يمتلكه من إمْكَانياتٍ ودعم أمريكي وبريطاني وعالمي غير مسبوق السيطرة على الوضع في أي لحظة وتحجيم الحوثي أَو حشره في أية زاويةٍ ضيقةٍ يريدها.
قوة (الحوثي) الحقيقية يا أغبياء هي ببساطةٍ شديدةٍ في المشروع الذي يحمله!
المشروع الذي استكثرتم على أنفسكم مُجَـرّد النظر إليه ناهيك عن محاولة استيعابه وفهمه.
المشروع الذي لم تتقبلوا ولو للحظة واحدة فكرة القبول به أَو حتى وجوده أصلاً!
المشروع الذي حكمتم عليه مقدماً بالإعدام ومن دون أن تحاكموه أَو حتى تمنحوه فرصة الدفاع عن نفسه!
المشروع الذي ظننتم أنكم قادرون عليه وعلى اجتثاثه وسحقه بمُجَـرّد أن تخلعوا عليه زوراً وبهتاناً بعض صفات وأوصاف الفئات المارقة والضالة كالمجوسية والرافضية وغيرها!
استهدفتموه،
فلم يزده استهدافكم له ومحاولات القضاء عليه إلَّا (منعةً) وَ(متانةً) وَ(قوةً)!
طعنتم وشككتم فيه، فلم تفلح معه كُـلّ محاولات طعنكم أَو تشكيكم أَو تشهيركم به شيئاً على امتداد أكثر من عقدٍ ونصف العقد من الزمان.
افتعلتم في طريقة كُـلّ أنواع العوائق والحواجز والعقبات لعلكم تحاصرونه وتطوقونه،
فلم يزده ذلك إلَّا توسعاً وانتشارا ومقدرةً على اختراق وتجاوز كُـلّ الحدود!
ألصقتم به تُهم الانغلاق والانكفاء على المذهب الواحد والأيديولوجية الواحدة والمنطقة الواحدة والسلالة والعرق الواحد،
فخرج عليكم يثبت لكم وللعالم أجمع أنه أكثر احتواء وانفتاحاً على كُـلّ ألوان الطيف الديني والسياسي والاجتماعي والثقافي!
هذا ببساطة هو مشروع الحوثي وسلاحه الذي عجزتم عن مواجهته وفشلتم في سحقه ووأده كما كنتم تحلمون!
المشروع الذي استطاع اليوم -ورغم ما انفقتم- تجيش معظم الشعب اليمني ضدكم.. وهو القادر كذلك غداً على الوصول والتغلغل في أوساط شعبكم السعوديّ وغيره من الشعوب العربية والإسلامية وتجييشهم جميعاً ضدكم أَيْـضاً.
فهل علمتم أين يكمن سر قوة الحوثي؟!
لذلك أنصحكم أن تعيدوا حساباتكم وتغيروا من نظرتكم المزدرية والمعادية لهذا المشروع الصاعد والقادم بقوة.. الآن وقبل فوات الأوان.
أنصحكم أن تسالموه وتتصالحوا معه كي لا يأتي عليكم يوم وقد تسلل من حَيثُ لا تدرون ووصل إلى قصوركم وتغلغل في أوساط شعبكم!
عندها فقط لن يجديكم نفعاً البكاء كالنساء على ضياع ملكٍ لم تحافظوا عليه كالرجال.
أنصحكم وللمرة الأخيرة التوقف والكف عن الاستمرار بالمجازفة بحياة هذه الجرة التي بأيديكم، فليس في كُـلّ مرة تسلم الجرة أَو كما يقولون.
أنصحكم.. وإني لكم لمن الناصحين.
في الثلاثاء 27 ديسمبر-كانون الأول 2022 07:55:48 م