الاستقامة في وسط «أعوج»!
عبدالفتاح حيدرة
عبدالفتاح حيدرة
الأحداث الغريبة هذه الأيام تؤكد أن السياسي الذي اخترع عملية تشكيل الأحزاب السياسية، كان مهموما مع نفسه يبحث عن حل لمشاكله، ينظر إلى قدميه، فاكتشف أن لديه حذاء يمين وحذاء يسار، فقام بإطلاق تلك التسمية على الأحزاب السياسية، وعليها أطر حقوقها وواجباتها، بينما كل سياسات البشرية تقول بأنه لا حقوق بدون واجبات، والدفاع عن الحقوق إحدى ركائز الواجبات، ومن لا يقوم بأداء واجباته ولا يدافع عن حقوقه، لا يستحق أن يدافع عنه الآخرون، القيام بالواجبات هو أساس عمران الدول والشعوب والأمم الحرة والمستقلة، ثم يليه أداء الحقوق في الطابق الأول، فإن غاب الأساس وهي الواجبات،لم يعد هناك وجود لأي طابق أعلى فوقها، إلا في أوهام الجاهلين والعاجزين والمغفلين، القابلين للخداع من الفاشلين والفاسدين، أو رجال السياسة الانتهازيين، أو رجال يقبضون ثمن أقوالهم.
يا سادة يا كرام في عمليات الابتزاز (السياسي الإعلامي) هناك فارق بين وجود المؤامرة وبين نظرية المؤامرة، فوجود المؤامرة أمر لا يمكن إنكاره على مدار التاريخ البشري، والوقائع التي تؤكد وجود المؤامرة لا حصر لها، سواء على مستوى الأفراد أو الأنظمة أو الدول، بل من ثوابت العلاقات الدولية أن تعتبر الآخر عدوا لك إلى أن يثبت العكس، لكن الفارق بين وجود المؤامرة وبين نظرية المؤامرة، هو أن نظرية المؤامرة تعني أن تقوم أنت بتفسير كل شيء انطلاقا من وجود مؤامرة ضدك، كأن تفسر فشلك وفسادك وتخلفك اعتمادا على وجود قوى خفية تسبب ذلك.
العلة والمأساة التي نحن مصابون بها، أننا لا نبحث في الأسباب الحقيقية لما آلت إليه أحوالنا، ولا نحدد دورنا في المشكلة، بما لا يمنعنا من تحديد دور الآخر، ولا نلتمس المشكلة إلا عندما تصاب بها الطبقة العليا أو تُهان الطبقة السفلى، متناسين تماما أن المشكلة الحقيقية هي أن الطبقة الوسطى طبقة غير ثورية أساسا، بل انتهازية كليا، ترفض دوما القيام بواجباتها أو تقديم أقل التضحيات لكونها ليست متضررة بشكل مباشرة، وتبحث دوما عن حقوقها، كما أن تناقضاتها مع منظومات الفساد والفشل ليست تناقضات جوهرية، بل هي ثانوية يمكن التفاوض فيها، لأن مصالحها متطابقة مع مصالح منظومة الفساد والفشل بشكل كامل، وهذا حال لا يمكن أن تكون فيه (مستقيما)، وأنت تعلم علم اليقين أن المتحكم فيك وبك هي طبقات (عوجاء).
 

* نقلا عن : لا ميديا


في الأحد 08 يناير-كانون الثاني 2023 06:49:36 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=6812