|
منذ فجر انبلاج ثورة الحادي والعشرين من أيلول/ سبتمبر المجيدة، وما أعقبها من أحداث وتحولات، وصولاً إلى لحظة البدء بشن الحرب العدوانية على هذا الشعب وثورته، والمنافقون والمرتزقة العملاء الرخاص لم يدعوا وسيلةً قد تسهم في تراجع المد الثوري، أو تساعد على خلق التشويش والارتباك لدى عامة أبناء المجتمع إلا واستعملوها، كما لم يدخروا جهداً في سبيل استعادة اليمنيين إلى مربع الوصاية والضعف والتمزق وانعدام الوزن إلا بذلوه، ولم يتركوا أسلوباً أو لوناً خطابياً أو فنياً إلا وجربوه، ومع ذلك كانت كل خططهم ووسائلهم وجهودهم وأساليبهم تبوء بالفشل، فيعودون مهزومين منكسرين صاغرين أذلاء من كل ساحة أو ميدان للمواجهة في ظل المعركة الشاملة، وفي المقابل كان الشعب يزداد وعياً بأهمية الدور المسند إليه القيام به، وطبيعة المرحلة التي عليه التحمل للمسؤولية إزاءها، وقدسية المعركة التي يخوضها، فملأ بجحافله ساحات العزة، وانتصر بتفاعله وتفانيه وإخلاصه، وقوة عزمه وإرادته التي هي حصيلة إيمانه بربه، والتزامه بكتابه، واتباعه لرسله وأنبيائه، وانطلاقته لمواجهة أعداء دينه ورسالته، على كل قوى الكفر والإجرام والعمالة والنفاق، وهكذا على مدى الثمان السنوات من عمر العدوان لم يستطع العدو بكل قواه وإمكاناته ومختلف تشكيلاته وأذرعته تحقيق أيً من أهدافه الظاهرة والخفية.
صحيحٌ أن الأعداء لم ييأسوا بعد على الرغم من فشل كل محاولاتهم، وسقوط كل رهاناتهم، ولعل أملهم في تحقيق شيء مما يسعون لتحقيقه اليوم على أرض الواقع مبنيٌ على تراجع الخطاب التعبوي، ووجود خلل وضعف وثغرات في المنظومة الإعلامية، والجبهة الثقافية، الأمر الذي جعلهم يسارعون لاستغلال كل ذلك لصالحهم، عاملين على تقديم ثقافة بديلة عن ثقافة الصمود والمواجهة، ليقينهم أن بداية الطريق لفرض واقع جديد، وتغيير معادلة ما هو: إلا الجانب الفكري والثقافي، والذي لم يكونوا يخشون شيئاً كما كانوا ولايزالون يخشونه، ولاسيما إذا ما قُدم للناس بمفهومه الصحيح، ودلالاته الإيمانية النابعة من صميم رسالة إلهية، والمؤكدة بانطلاقة ثورية ضميرها القرآن، وروحها وقلبها ودمها علويٌ حسيني.
وليس هناك من خدمة يحصل عليها العدو أعظم من تلك التي يقدمها له أولئك الذين يقومون بإسقاط المعاني الكبيرة لتوجهنا على سفاسف الأمور، ويسندون إلى ناقصي الوعي، وعديمي المعرفة بالنهج والواقع مهمة إيصالها إلى الناس، والعمل على فرضها عليهم، وإلزامهم بها، وبالذات في هذه المرحلة، وقد شاهدت وعايشت وسمعت ولمست أكثر من شاهد ومثال على ذلك، أجد نفسي خجولةً من ذكرها هنا، والتي تأتي مسألة التعرض للنساء في الشوارع، والطرقات، والأماكن العامة بالسب والشتم والتحقير والإهانة في مقدمتها، لا لشيء إلا لكون لون العباءة أو الطرحة التي ترتديهما تلك النسوة لم تكن تحمل اللون الأسود! فهل هذا من الدين والخلق؟ وهل هؤلاء يمثلون المسيرة والثورة؟ وهل مثل هكذا أسلوب سيكسب الناس إلى صفنا، ويقنعهم بتوجهنا، أم سينفرهم منا، ويدفعهم لكراهيتنا، والوقوف ضدنا؟
* نقلا عن : لا ميديا
في الأربعاء 25 يناير-كانون الثاني 2023 06:30:23 م