|
يشغلون سماءنا وهدأتنا بين الفينة والأخرى بحضورهم الكريه.. يصبون الموت على رؤوسنا ويمضون في حال سبيلهم.. وكأننا نفايات يجب التخلص منها.. يذهبون ليناموا وربما فقط لينسوا، ثم يعاودون تلك الهواية مرَّاتٍ وكرَّات.. نعم تربوا على ذلك، على أن يبغوا ويفحشوا ويصادروا حقوق غيرهم في الحياة وينسوا.. ولكن.....
ترانا سنستطيع أن ننسى أشلاءنا وهي تتطاير ودماءنا وهي تجري هاربةً منا؟
!
هل سنتمكن من أن نطوي هذه الذكريات الموحلة ببغيهم ونموت كما يموت الزمن موتته الأبدية فلا يعود؟!
هل ترانا سنعفو عمن سرق ابتسامات أطفالنا وجرَّد عجائزنا مما يستحقونه من لحظات طمأنينة يختتمون بها مشاوير حياة وصفها التاريخ ،ربما عن جهل وربما عن دراية، بالسعيدة في أرض لم يجد لها مسمى أكثر من السعيدة موائمةً؟!
هل ترانا سنكتفي بأن ندون أعدادنا ونرتب مواقيتنا وطوابيرنا على باب الموت؟!
أم ترانا سنضيف إلى ذلك الكثير من المراثي الموزونة والمقفاة.. والزوامل المرتعشة رجولتها بالحسرة والقهر.. قهر الرجال حين لا تستطيع إلا أن تموت.. قهر الطفولة حين لا تجد ملاذاً من الانتهاء المبكر عند خط البداية.. أم قهر الأرض وهي ترتوي بدماء لم يعد طهرها سمةً، بقدر ما أصبح لعنةً أبدية ستظل تتشبث بقمصان التاريخ فلا يبرأ من
ها..؟
لا.. لا أظننا مهيأين جيداً للنسيان.. ليس نسيان ذلك الغازي المطلق ليديه العنان في رقابنا وحسب.. وإنما أيضاً نسيان رقابنا الخائنة التي سلمت نفسها رخيصة لتغدو ثقاباً يستعجل الأقدار، ويحاول إقناعنا بأنه لا ضوء لنا سوى الموت..
لا أعتقد أننا مُكيفين لشيء اسمه النسيان.. أيها الموت.. فادنُ أو انأ.. لم يعد ثمة فرق يستحق المفاضلة بين كوننا أحياء وبين كونك الحي الوحيد الذي يتجول مختالاً في تفاصيل راهن إنساني ليس أرخص منه سوى إذعان العالم من حولنا.. وتظاهر عدوٍ غادرٍ بإمعانه في حبنا....
في الثلاثاء 22 سبتمبر-أيلول 2015 10:00:54 م