|
في هذه الأيام لا تكاد تجد وسيلةً إعلامية في بلادنا لاسيما المحطات الإذاعية والتلفزية إلا وتحدثت عن عيد جمعة رجب، مخصصةً الكثير من المساحة الزمنية في بثها المباشر لاستضافة العلماء والمثقفين والأكاديميين، بغرض الإضاءة على المناسبة، والاستفادة مما قد تعطيه من إيحاءات ودروس للحاضر، ومعظم تلك التغطيات والبرامج انطلقت استناداً إلى ما أورده سيد الثورة رعاه الله في كلمته، محاولةً ترسيخ مضامين تلك الكلمة الإيمانية في الذهنية العامة، وتعميم ما ورد فيها من توجيهات وإرشادات على الواقع العملي كله، ولكن ما يلحظه المتابع على مجمل ما يُطرح من قبل الضيوف والمذيعين بهذا الخصوص هو التالي:
* عدم قدرة الخطاب الإعلامي والثقافي على مواكبة القيادة الثورية في خطابها النابع من فهم دقيق للواقع، ووعي عميق بحركة الأحداث، ونفاذ بصيرة في إيجاد المعالجات واقتراح الحلول لمختلف المشاكل والأزمات التي يعيشها الجميع، سواءً تلك المتعلقة بشؤون الحياة وظروف المعيشة، أم تلك المختصة بالجانب الفكري والثقافي، وذلك عائدٌ إلى حالة الجمود التي يعيشها الجانب الثقافي، والناتجة عن انصرافه إلى العمل لصالح الحكومة، وإفناء جل وقته بتبرير سلبياتها، وتخريج وفلسفة قصورها وسقطاتها، لتصبح مقبولةً لدى الشارع كما هي، الأمر الذي حرمه الارتقاء إلى مستوى ما تطرحه القيادة الثورية، وحجب عنه الكثير من الآفاق والمجالات التي هي في صميم عمله، ومن سنخ مهامه ومسؤولياته، وأبعده عن روح النهج ورحابته وسعته وشموليته، ليبقى حيث هو دون أن يتقدم خطوة واحدة إلى الأمام، هذا إذا لم يتقهقر إلى الخلف.
* التركيز على المفاهيم المتعلقة بالحق من زاوية التعريف بها كأفكار ومعلومات مجردة يجب الأخذ بها، مع إغفال جانب العمل على تجسيدها واقعاً، وبكلمةٍ أدق: يجهد المثقفون والتوعويون في التخطيط المفاهيمي للحق، متجاوزين بالكلية التخطيط له في بعده العملي، باستثناء التحريك لبعض إيحاءاته في القضايا الصغيرة، والهامشية، والتي في أغلب الأحيان يكون لها مردود عكسي على وعي المجتمع، وآثار سلبية على ذهنية القاعدة الشعبية لتوجهنا الجهادي الثوري، الذي تأمل فيه خلاصها، وتعول عليه في بناء حاضرها ومستقبلها.
* التعامل مع كل كلمات وخطابات سيد الثورة من باب إسقاط واجب فقط لا غير، وبالتالي تبقى الحالة الثقافية في كل عام، ومع كل مناسبة على حالها، دون حصول أي تجدد على مستوى الوعي أو الأساليب أو الممارسة، فلتأت جمعة رجب، ولتأتِ عاشوراء، أو ذكرى الصرخة، وأي محطة أخرى، فلن يكون لها أثر إلا إذا استوعب الجميع: أنها محطات لتزويدنا بما نحتاجه لبناء أنفسنا، وتقويم وإصلاح حياتنا وواقعنا، واكتشاف جوانب الخلل، ومجالات القصور والضعف في أعمالنا، لا وسيلة للهروب من مشاكلنا وعجزنا وفشلنا، كما تفهمها حكومة بن حبتور وملحقاتها من قطاعات وجهات الوضع المزري.
* نقلا عن : لا ميديا
في الأربعاء 01 فبراير-شباط 2023 10:13:11 م