تحليل العنوان الشعري لدى البردوني والمقالح
حسن المرتضى
حسن المرتضى

اخترت هذا الجانب من الدراسات النقدية لتميزه وعدم طرحه كثيراً كما له من أهمية كبيرة في معرفة مكونات الشاعر فالشيء يعرف من عنوانه، هذا على السائد الأعم الذي يؤمن بالوحدة الموضوعية للشاعر أو الكاتب أو على أقل تقدير بالوحدة النفسية للإبداع سواء شعرياً أو إلى سائر أنواع الكتابة.

 

وأجزم باليقين التام أن الشاعرين الذين أقوم الآن بالدراسة عنها لهما وحدة موضوعية.

وبعيداً عن تعريف الشعر لأننا بصدد كتابة دراسة نقدية عن عناوين الشعر فلا يهمني الآن الخوض في هذه المسألة لأن الخوض فيها بلا طائل وكذلك الخوض فيما رمي الشعر وبراعته وكذلك موطن تأثير الشعر عن معايير الشاعر والشعر.

هو العنوان سواء أعتبر ما أدين شعراً أم نثراً فالمهم الآن هو المعنى الدلالي للعنوان ومن هنا أدخل لأقسم الدلالة على الأشياء إلى زمان ... ومكان.. وأشخاص.. وفيما بين هذه الثلاثة التي لابد لأي دال أن يدل على هذه الثلاثة سواء أجادت مجتمعة أم متفرقة في لفظ معين فإنها قد تزيد في مواطن معينة عليه دلالة المكان على الزمان أو العكس دلالة الشخص مع المكان على الزمان وغير وهوا أهم محور في هذه الدراسة..

الزمان               المكان               الشخص

وسأبدأ قبل الدراسة التفصيل لثلاثة الأبعاد الدلالية للعنوان سأسرد أسماء العناوين محل الدراسة

البردوني:

  1. لعيني أم بلقيس
  2. من أرض بلقيس
  3. مدينة الغد
  4. في طريق الفجر
  5. وجوه دخانية في مرايا الليل
  6. السفر إلى الأيام الخضر
  7. زمان بلا نوعية
  8. ترجمة رملية لأعراس الغبار
  9. كائنات الشوق الآخر
  10.  جواب العصور
  11. رواغ المصابيح
  12. رجعة الحكيم بن زايد
  13. ابن من شاب قرناها
  14. العشق على مرافئ القمر
 

المقالح:

  1. لا بد من صنعاء
  2. مأرب يتكلم
  3. رسالة إلى سيف بن ذي يزن
  4. هوامش يمانية على تغريبة ابن زريق البغدادي
  5. عودة وضاح اليمن
  6. الكتابة بسيف الثائر على بن الفضل
  7. الخروج من دوائر الساعة السليمانية
  8. أوراق الجسد العائد من الموت
  9. أبجدية الروح
  10. كتاب صنعاء
  11. كتاب القرية
  12. كتاب الأصدقاء
  13. كتاب بلقيس وقصائد أخرى لمياه الأحزان
  14. كتاب المدن
  15. كتاب الأم
 

قبل الدخول إلى التفاصيل في الأبعاد الثلاثة نلاحظ عملية الزمان عند البردوني بشكل يحتل الدرجة الأولى ثم يليه المكان ثم يأتي في درجه أقل اهتماما تصل إلى حد عدم الاهتمام بالشخص والتصريح قليل والغالب فيه التكنية والوصف عن الشخص وبالعكس تماماً في ذلك فالأشخاص تصريحاً عند المقالح هي في الدرجة الأولى ثم يأتي المكان بالمساواة مع البردوني في نفس الدرجة بينما يكاد يختفي ويقل الحديث عن الزمان لدى المقالح إلا في عنوانين فقط أوراق الجسد العائد من الموت والخروج من دوائر الساعة السليمانية.

فالزمان عند البردوني يتمثل في الغد وهو المستقبل كذلك مستقبل والنقيضين الليل والأيام وكلمة العموم (زمان) وكذلك كلمتي (أعراس) يستجمع فيها الثلاثة الأبعاد الزمان والمكان والشخص تحتمل كلمة رجعة أيضاً فلا بد من زمن ومكان وشخص عائد.

وتصب هذه الأزمنة كلها في اتجاه استقراء المستقبل وهروباً من الواقع الذي هو (الليل)

وتتواشج مع المكان الملائم لها فهو في طريق الفجر فالطريق المكان للفجر الزمان القادم وكذلك السفر للحالة العبورية بالمكان إلى الأيام الخضر الزمانية الموصوفة بالخضر وكذلك مدينة المكانية تلتقي بالزمان في الغد بينما يتفرد الزمان بلا صفة سابقة في زمان بلا نوعية ويختلط بصورة قاتمة الزمان مع المكان في ترجمة رملية لأعراس الغبار بينما يحلم بالرجوع سواء البعيد أم القريب للشخص مع الزمن رجعة الحكيم بن زايد بينما يحلم ويتماهى الشخص أو الأشخاص الذين يحملون هذا الزمان (كائنات الشوق الآخر ) بل مع المجمل الذي اختصر كل هذه الكائنات وهو جواب العصر (الشخص) أو ما يمكن تشخيصه ليمل في زمان بلا نوعية يناسب هذا الشخص عندما يخفي ويضمر من أمامه رواغ المصابيح فهذا جواب العصور هو ابن من شاب قرناها وقد كانن الزمان له يختلط بالمكان ليعشق على مرافئ القمر.

هذه التراتبية والتسلسلية المتشابكة بين الزمان والمكان والأشخاص هي علاقة طبيعة محتمة وقد لاحظنا ظهور المكان والشخص أبن زايد وأم بلقيس وابن من شاب قرناها والحكيم الرابع ووجوه رملية أرض بلقيس فالزمان والمكان والشخص لا يمكن فصلهما عن بعضهما أما الظاهرة التي لفتت انتباهي ابتداء أول ديوانين للشاعر بحروف الجر من أرض بلقيس ولعيني أم بلقيس واختتام جميع أعماله بديوانيه الذين يتضمن في منهما على حروف الجر.

وهو أن من شاب قرناها والعشق على مرافئ القمر وأما عن التوابع التي لازمت الأبعاد الثلاثة المكان والزمان والأشخاص فهناك الصفات والمصادر جواب الحكيم رجعة ترجمة الشعر الشوق الآخر.

لما لها من دلالة مهمة حيث يتبدد عليه الأسماء والحروف في حين يختفي تماماً الفعل ما يدفعني إلى القول على أن الأصل في العنوان الشعري هو الاسم، والنوع النادر الذي لا حكم له هو البداية بالفعل..

وأستطيع أن أجزم أن البردوني كان يبني بيتاً قوامه 14 طابقاً صعد من خلاله إلى القمر واستطاع أن يمارس العشق هناك بكل قراءه وابتدأه بالطوب بأرض بلقيس أول هذه الحضارات وآخرها أو الطريق لآخر الحضارات والمدن الأفلاطوينة التي ينتظرها الشعراء.

 

* نقلا عن : المسيرة نت 


في الأربعاء 01 فبراير-شباط 2023 10:42:13 م

تجد هذا المقال في الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره
http://cfca-ye.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://cfca-ye.com/articles.php?id=7096