|
إن أي قراءة نقدية لأي فن يجب أن تركز على النواحي الجمالية الفنية وكذلك العيوب فهذه المهمة المنوطة بالنقد فهو يقوم مقام الحجام من ناحية ومن ناحية أخرى يقوم مقام المشرف على وزارة إعلام الشعر لأن وزير الإعلام هو الشاعر، والناقد هو الرقيب وهو أيضا شارح لمتن الشعر أو متذوق على هامش الشعر ولكن العمل أشواق متوقدة عمل آخر فهو عمل شعري يتوجه إلى شريحة أوسع ليس من القراء فقط بل من المستمعين لأن أكثره يكون إنشاديا لذلك فالتركيز النقدي يتجه في أكثره نحو العمل المقروء ويخف توجه النقاد نحو الشعر الإنشادي وربما تكون هذه الدراسة النقدية من أول الدراسات التي تتوجه نحو الشعر الإنشادي، فاليمن غزيرة بالشعراء الذين توجهوا لكتابة الشعر الإنشادي خصوصا جابر رزق وأبناء شرف الدين والإرياني وغيرهم لكن جابر رزق كان يخترع اللحن الإنشادي وهو بذلك يقدم فنا آخر بجوار كلمات الإنشاد بل يضيف اللحن المخترع وهذا ما جعل كثيرا من المنشدين يتسابقون على ما كتبه جابر رزق أو آل شرف الدين وهذا الديوان أشواق متوقدة يعتبر أول عمل من نوعه في عصرنا الحالي حيث يعتبر الأستاذ عبدالحفيظ الخزان أكثر شاعر معاصر أنشد له المنشدون المعاصرون في اليمن ومكتوب في الفهرس بداخله أمام كل قصيدة اسم المنشد الذي قام بإنشادها ولكن نتمنى أن يضيف الأستاذ عبدالحفيظ اسم الملحن فليس بالضرورة من قام بأداء العمل هو من قام بإنشاده حفاظا على الحقوق الأدبية للملحن خصوصا وأن اللحن هو المعادل الموضوعي للقصيدة.
فعلى صعيد المقارنة بين هذا الديوان وديوان جابر رزق فجابر ركز على اختراع ألحان وأوزان جديدة وكذلك سائر معاصريه وهذا ما لا نجده في هذا الديوان ونجده في دواوين أخرى مثل قصيدة القدس كربلاء ولكن في هذا الديوان معظم قصائده تركز على الوزن العمودي في الفصيح بينما جابر رزق وغيره من معاصريه كانوا يضيفون الألحان في الغالب في الشعر الحميني وبعضها في الفصيح غير أن اختلاف الخزان هو أن المواضيع التي تناولها تتساوى معهم في تناول الإلهيات والنبويات وكذلك المدائح في الأئمة ولكنه تفرد في تناول أحزان أعلام الهدى في قصائد مفردة لكل علم وكذلك تناوله لقضايا العصر كغزة وغيرها من قضايا الأمة بالإضافة إلى التركيز على الإنشاد الموجه نحو الطفل خصوصا ونحو الأم ونحو المدرسة ونحو المعلمة وحب العلم والتركيز على قضايا إسلامية كرمضان وليلة القدر وغيرها وأما على الصعيد المحلي فمن قصائده التي ذاع صيتها وهي كافي علي كافي وهي قصيدة بالعامية ولم تدخل الديوان كون الأستاذ جمع قصائده الفصيحة فقط وكذلك قصيدة كونداليزا وهي أيضا اشتهرت ولكنه قد نشرها في ديوان سابق والملاحظ أن أكثر القصائد هي ألبوم كامل وأتمنى في الطبعات اللاحقة أن يتم إضافة هذه الملاحظات وإضافة القصائد الأخرى وكذلك أن تضاف القصائد الشعبية مثل كافي علي كافي ومن الملاحظ ان الشاعر عبدالحفيظ الخزان لا يهتم بالزامل فهو من أسرع الأعمال ذيوعا في مجتمعنا الذي يهتم القريبة منه كون القصائد الفصيحة قد تكون أصعب على المستمع بينما الزامل أقرب إلى المستمع اليمني ويبدو أن الخزان يريد أن يدخل كل بيت عربي وليس البيوت اليمنية فقط ومن الملاحظ أن بعض القصائد في مطلعها تقويس وهذا يدل على البيت المقوس ليس للشاعر وكان ينبغي أن يذكر اسم الشاعر حفاظا على الحقوق الأدبية.
والمتأمل في أسماء المنشدين فهم من أكبر قامات الإنشاد في اليمن عبدالعظيم عزالدين وأسامة الأمير وصلاح طلحة وعبدالسلام القحوم وغيرهم وأما عبدالعظيم عزالدين والأستاذ عبدالحفيظ فقد كونا ثنائيا رائعا ربما لم يتم تسجيل مثل هذا الثنائي الإبداعي قط في الساحة الإنشادية اليمنية سواهما بهذا التأثير والعمق وهذا يدل على أن الخزان يعتبر مرجع الشعر الإنشادي في اليمن وشهرة الخزان منذ أكثر من عشرين عاما وهو باع طويل ومتماسك ومعلوم أن شعر الإنشاد من أصعب مجالات الشعر ويحتاج إلى ريشة ماهرة في إيصال المعنى إلى جميع المستمعين كونه يناقش قضية عامة لذلك فالشاعر بدون صوت منشد أو بدون جريدة نشر أو موقع إلكتروني ربما يكون تأثيره محدودا ولكن الشاعر يستطيع أن يوصل رسالته إلى الأمة خصوصا إذا كانت قصائده تحمل الهم الوطني والهم الديني والهم الإنساني ككل، فإن الجريدة والمنشد أو الموقع الإلكتروني الذي حل محل الجرائد حاليا يسهل عليه المهمة ويساهمان معه في تنوير العقول في مواجهة الحملة الضارية التي تهدف إلى الهدم من داخل الإنسان فمهمة الشاعر والمنشد القيام بحملة مضادة لهذا الهدم بالبناء للعقول ومهمة الشاعر والمنشد تفوق المهمة المنوطة بالعلماء فالعلماء منابرهم محدودة على مريديهم وعلى الكتب والفتاوى التي ينشرونها وهي لا تصل بالتأكيد إلى كل بيت بعكس الشاعر والمنشد فهما يستطيعان إيصال الرسالة إلى كل منزل وإلى كل أذن.
في الختام ليعذرني بقية المنشدين الذين قاموا بتلحين وأداء قصائد أستاذ الجيل عبدالحفيظ الخزان فإن أسماءهم جميعا مذكورة في فهرس الديوان.
وهذه الدراسة النقدية هي مجرد وقفة أولية ولي وقفة أخرى مع تحليل بعض النصوص ما لها وما عليها خصوصا أن هناك الكثير من الأخطاء المطبعية، وأن لهذا الديوان من الأهمية لكونه بمثابة جغرافيا تحليلية لمواضيع الأمة والإنسانية.
* نقلا عن : المسيرة نت
في الإثنين 13 فبراير-شباط 2023 07:59:04 م