|
بعد مرور ألف يوم من عمر العدوان على اليمن لن أتحدث عن الصمود الأسطوري لهذا الشعب العظيم والذي لطالما تغنينا به وملأنا أرواحنا من عبق عبيره؛ لأنني أثق تماما أن هذا البلد وهذا الشعب سيكون قِبلة يتجه نحوها كل المحبين للكرامة والحرية، وكما هو قلعة الصمود فسيكون كذلك المدرسة الأولى التي ينهل العالم كله ويتعلم منها كما سيتحدث عنها وعن كيف تصنع البطولات وتسطر المعجزات في زمن أشباه الأحياء الأقرب إلى الأموات .
أدرك تماما أن العالم لايزال غائبا عن الوعي وفي حالة من التسمّر والذهول قد أخذته الدهشة وعجز عن النطق أو الحركة تجاه هكذا بلد وهكذا شعب تفوق بعظمته على كل الصعاب والتحديات، وحيّر الألباب والقلوب عندما حطم كل التوقعات وجاوز كل الممكن وغير الممكن في زمن الآلات والماديات حتى تغيرت تحت وطأة شجاعته واستبساله كل المسميات.
كما أعرف جيداً أنه كما هو قِبلة لكل المتعطشين للكرامة فإنه سيكون المنبع والمصدر الأول في إلهام كل الشعراء والكتاب والباحثين والمؤرخين في العالم من يعشقون القيم والمبادئ وتتوق أنفسهم إلى الكمال الإنساني وتخطي حدود المحال، وسيألفون عنه آلاف الكتب والمجلدات، كما سيكون المادة الأولى التي تدرس في كل المنابر والجامعات عن العزة والإباء وكيف ينتزع الإنسان حياته وكرامته رغما عن كل الأدعياء..
سيكون أكثر من ذلك وستتوارثه الأجيال البشرية حتى آخر الزمان كما توارثت الأجيال السابقة الحديث عنه وعن حضارته العريقة الضاربة في عمق التاريخ عبر آلاف السنين، أما نحن فسيكون لنا الفخر أننا حظينا بشرف المشاركة في صنع كل هذا الانتصار .
أما اليوم ونحن نقف على عتبةٍ أخيرة لمرور الألف يوم من العدوان بكل ما يحمل في طياته من ذكريات بأيامه ولياليه سواءً من مرار أو انتصار لم يقف الدهر قبلا على مثله في آنفه وتاليه، لكننا أصبحنا أكثر إدراكٍ وثقة بأن القادم لن يكون كما مضى وأن ما قبله لن يكون كما بعده خاصة أنه قد سقطت آخر أوراق العدوان ورهاناته فخاب تحالفه وتكالبه وخابت كل مساعيه.
اليوم لم يعد هناك أي جديد بيد المعتدي الآثم الحاقد ، فكل ما بإمكانهم أن يقوموا به مهما بلغ في سطوته ومدى بشاعته فإنه لن يجدي مع شعب اليمن ورجاله العظماء ولن يفيد ، وهم يدركون ذلك جيدا وقد جربوا كل ما أمكنهم مسبقا، وهم الآن في حيرة من أمرهم وتورطهم كيف يخرجون بماء وجوههم من مأزقهم مع اليمن فقد باتوا يدركون جيدا أنهم مهما أسرفوا في جرائمهم بحق شعبه فلن يطأطأ رأسه لبغيهم ولغير الله في الخضوع إنه لن يحيد ..
أما الجبهات فهي أول ما خسروا فيه ، و هيهات أن يفلحوا فيها ولو ليومٍ وحيد .
إذن.. ماذا تبقى لديهم اليوم؟
اللاشيء هو ما بقي لديهم وهو الشيء الوحيد؛ لذلك نجد السياسة الأمريكية المفلسة والفاشلة العاجزة عن أن تخرج من مأزقها والمأزق الذي وضعت فيه عملاءها أو أن ترمم وجهها القبيح فحاولت أن تخفف عنها وعنهم وطأة كل ما يحصل خاصة بعد سقوط أكبر رهاناتها وسقوط كل أوراقها وانغلاق كل الأبواب أمامها وتقطع كل السبل بها و وصولها إلى يقين تام بأن تحقيق أي انتصار في اليمن هو ضرب من الجنون بل هو المستحيل بعينه، بعد كل ذلك، ودليل على يأسها وتخبطها وجدناها تتجه نحو عمل هو أقرب ما نسميه عندنا بـ"التفرطة"، وهي_ فعلا _ بذلك تبدو مثيرة للشفقة والسخرية في نفس الوقت، وهذا ما بدا جليا في موقف "الانتفاضة" الذي دعا إليه السفير الأمريكي لدى حكومة فنادق الرياض وكأنه شيخ مشايخ اليمن، أو التباكي بجانب شظايا الصاروخ اليمني وما تبعه من ادعاءات من قبل السفيرة الأمريكية_نيكي هايلي، والذي نعرف أن وراءه من الزيف والخداع والتآمر ما وراءه متناسية آلاف الصواريخ والمآسي بحق اليمن وشعبه العظيم، لكن السؤال هنا_هل ستجدي هذه التفرطة الأمريكية نفعاً وهل ستستطيع أن تحقق شيئا لم يستطع كل التآمر والتواطؤ العالمي وكل الحصار والعدوان البربري الغاشم طيلة ألف يوم من العدوان من تحقيقه؟
ربما ما علينا إلا أن نراقب نتائج #التفرطة_الأمريكية .
#اليمن_1000_يوم_من_العدوان.
في الأحد 17 ديسمبر-كانون الأول 2017 05:01:02 م