|
القرن الثالث عشر الهجري
..
محاسن الولاية الغراء...أبو بكر بن شهاب الحضرمي
[الطويل]
خُذوا الحذرَ أن تَطَّوَّفُوا بخيامِها
وأنْ تجهروا يومًا بردِّ سلامِها
وإياكمُ أنْ تنعتوها وتعلنوا
محاسنَ يقضي حبُّها باكتتامها
إلى أن يقول:
وقد علمتْ أنْ ليس غيري من الأُلى
بها شُغفوا كفؤًا لعالي مقامها
تجرّعتُ مرَّ الصَّابِ صونًا لعهدها
وحفظ مواثيقِ الهوى وذمامها
محاسنها الغرّاءُ عينُ محاسنِ الــ
ـوصيِّ قريعِ الحربِ حال احتدامها
علي أخي المختارِ ناصرُ دينهِ
وملّته يعسوبها وإمامها
وأعلمُ أهلِ الدينِ بعدَ ابنَ عمّهِ
بأحكامِهِ من حلِّها وحرامها
وأوسعهم حلمًا وأعظمهم تُقىً
وأزهدُهم في جاهها وحطامها
وأوُّلهم -وهو الصبيُّ- إجابةً
إلى دعوةِ الإسلامِ حال قيامها
فكل امرئٍ من سابقي أمةِ الهدى
وإنْ جلّ قدرًا مقتدٍ بغلامها
أبي الحسن الكرّار في كلّ مأقطٍ
مبدّد شوسِ الشركِ نقّافِ هامها
فتىً سَمْتُهُ سَمْتُ النبيّ وما انتقى
مواخاتهِ إلا لعظْمِ مقامها
فَدَتْ نفسُهُ نفسَ الرسولِ بليلةٍ
سرى المصطفى مستخفيًا في ظلامها
تعاهدَ فيها المشركونَ وأجمعوا
على الختْرِ بئسَ العهدُ عهدُ لئامها
على الفتكِ بالذاتِ الشريفةِ عيلةً
على طمسِ أنوارِ الهدى باصطلامها
فبات عليٌ في فراشِ محمدٍ
ليبتاع ما تهذي به في سوامها
لعمريَ هل تدري بأنَّ أمَامَها
على الفرشِ ساقيها حَميمَ حِمامِها
له فتكاتٌ يومَ (بدرِ) بها انثنتْ
صناديدُ (فهْرٍ) همّها في انهزامها
وفيها لعمري جاءَ (جبْريل) شاكرًا
مواساته في كشفِ غمّى غمامها
ولا سيفَ إلا (ذو الفقارِ) ولا فتىً
سوى (المرتضى) جاءتْ بصدقٍ حذامها
وفي (خيبرٍ) هل رحّبتْ نفسُ (مرحبٍ)
بغير شبا قرضابهِ لاخترامها
حصونٌ حصانُ الفرجِ كان بسيفهِ
كما قيل أقواها وفضّ ختامها
رماها إمامُ الرسلِ بالأسَدِ الذي
فرائسه الآسادُ حال اغتلامها
ولولاهُ قادَ الجيشَ ما دُكَّ معقلٌ
ولا أذعنت أبطالها باغتنامها
و(عمرو بن ود) يوم أقحمَ طرفَهُ
مدى هوّةٍ لم يخشَ عقبى ارتطامها
دنا ثم نادى القوم هل من مبارزٍ
ومن لسبنتي عامر وهمامها
تحدّى كماةَ المسلمينَ فلم تجبْ
كأنّ الكماةَ استغرقت في منامها
فناجزهُ من لا يروعُ جنانهُ
إذا اشتبتِ الهيجاءُ لفحَ ضرامها
وعاجلَهُ من ذي الفقارِ بضربةٍ
بها آذنتْ أنفاسَهُ بانصرامها
وكم غيرها من غمّةٍ كانَ عضبُهُ
مبدّدُ غُمّاها وجالي قتامها
به في حنينٍ أيّدَ اللهُ حزبَه
وقد رُوّعت أركانُهُ بانهدامها
تقدَّم إذْ فرَّ الجماهيرُ وانبرى
لسفكِ دمِ الأعدا وشلّ لهامها
سلِ العربَ طرًا عن مواقفِ بأسهِ
تجبْكَ عراقاها ونازحُ شامها
وناشدْ (قريشًا) من أطلّ دماءها
وهدّ ذُرى ساداتها وكرامها
وكسّرَ معبوداتها ثم قادها
إلى دينِ طه المصطفى بخزامها
أجنّتْ له الحقدَ الدفينَ وأظهرت
له الودَّ في إسلامها وسلامها
ولمّا قضى المختارُ نحبًا تنفّست
نفوسٌ كثيرٌ رغبةً في انتقامها
أقامت مليّا ثم قامت ببغيها
طوائفُ تلقى بعدُ شَرَّ أثامها
قد اجتهدت قالوا وهذا اجتهادها
لجمْعِ قوى الإسلامِ أم لانقسامها؟!
أليس لها في قتلِ (عمّارَ) عبرةٌ
ومزدجرٌ عن غيّها واجترامها
أليس بـ(خمٍّ) عزمةُ اللهِ أُمضيتْ
إلى الناسِ إنذارًا بمنعِ اختصامها
بها قامَ خيرُ المرسلين مبلّغًا
عَنِ اللهِ أمرًا جازمًا بالتزامها
ألستُ بكم أولى ومن كنتُ صادعٌ
بمن هو مولاها وحبلُ اعتصامها
هو العروةُ الوثقى التي كلّ من بها
تمسّكَ لا يعروهُ خوفُ انفصامها
أَمَا حُبُّهُ الإيمانُ نصّا وبُغْضُهُ
جليُّ أَمَاراتِ النِّفاقِ وشامها؟
أَمَا حُبُّهُ حُبُّ النبيِّ محمدٍ؟
بلى، وهما والله أزكى أنامها
صغارُ معالي المرتضى تملأ الفضا
فقسْ أيّ حدٍ جامعٍ لضخامها
تزاحمْنَ في فكري إذا رمتُ نظمَها
فتحجمُ أقلامي لفرطِ ازدحامها
أأنعتُهُ بالعلمِ وهو عبابُهُ
فسائلْهُ عن أمواجهِ والتطامها
أو الكرّ والإقدامِ وهو هزبرُهُ الــ
غضوبُ فما العبسيُّ وابن كدامها
أو الجود وهو السُّحبُ منهلّة أو الـ
بلاغة وهو المرتقي في سنامها
هو الحَبْرُ قوّامُ الليالي تحنّثًا
وفي وقداتِ القيظِ خدنُ صيامها
شمائلُ مطبوعٌ عليها كأنها
سجايا أخيهِ المصطفى بتمامها
حنانيك مولى المؤمنينِ وسيّد الــ
منيبين والسّاقي بدار سلامها
أبثّكَ شكوى لوعةٍ وصبابةٍ
يهيّجها بالليلِ سجْعُ يمامها
فلي قلبُ متبولٍ ونفسٌ تدلّهتْ
بحبك يا مولاي قبل فطامها
ودادٌ تمشِّى في جميع جوارحي
وخامرها حتى سرى في عظامها
هو الحبُ صدقًا لا الغلوّ الذي به
يفوهُ معاذَ اللهِ بعض طغامها
ولا كاذبُ الحبِ ادّعتهُ طوائفٌ
تشوبُ قلاها بانتحال وئامها
تخالُ الهدى والحقّ فيما تأوّلت
غرورًا وترميني سفاهًا بذامها
وتنبزني بالرفضِ والزيغِ إن صبا
إليك فؤادي في غضونِ كلامها
تلومُ ويأبى اللهُ والدينُ والحجا
وحرمةُ آبائي استماعَ ملامها
فإني على علمٍ وصدقِ بصيرةٍ
من الأمرِ لم أنقدْ بغير زمامها
ألا ليت شعري والتمنّي محببٌ
إلى النفسِ تبريدًا لحرّ أوامها
متى تنقضي أيام سجني وغربتي
وتنحلّ روحي من عقال اغتمامها
وهل لي إلى ساحِ الغريّين زورةٌ
لاستافَ رَيَّا رِنْدِهَا وبِشَامها
إذا جئتها حرّمت ظهر مطيتي
وحرّرتها من رحلها وخطامها
وأخلعُ نعلي في طواها كرامةً
لساكنها الثّاوي أريضَ أكامها
إذا شاهدتْ عيناي أنوار قبّةٍ
بها مركزُ الأسرارِ قطبُ انتظامها
سجدتُ إليها سجدةً الشّكرِ خاشعًا
وعفّرتُ وجهي من شذيّ رغامها
هنالك ذات المرتضى ومقرُّها
وجنّةُ مأواها وحسنُ مقامها
وثمّة يحيا من مواتِ القلوبِ ما
سقتهُ شآبيبُ الرضا بانثجامها
يفيضون من تلك المشاعرِ مالئي الــ
حقائبِ من جمّ الهباتِ جسامها
وإني على نأيِ الديارِ وبينها
وصدعِ الليالي شعبنا واحتكامها
منوطٌ بها ملحوظُ عين ولائها
قريبٌ إليها مرتوٍ من مدامها
أَمَتَّ إليها بالنبوّةِ واقتفى
سبيل هداها صادعًا باحترامها
إليكَ أبا الريحانتين مديحةٌ
بعلياك تعلو لا بحسن انسجامها
مقصرةً عن عشرِ معشارِ واجبِ الـ
ثناءِ وإن أدّت مزيدَ اهتمامها
إذا لم تصبْ ريّا فنغبةُ طائرٍ
وطلٍّ إذا لم يَهْمِ وَبْلُ رِذامها
ونفثةُ مصدورٍ تخفّفُ بعض ما
تراكم في أحنائه من جمامها
مؤمّلة زلفى لديك وحظوة
ومعذرةً عن عيّها واحتشامها
وأزكى صلاة بالجلال تنزّلت
من المنظر الأعلى وأذكى سلامها
على المصطفى والمرتضى ما ترنمت
على عذبات البانِ وَرْقُ حَمَامها
وفاطمة الطهر التي المجدُ كله
محيطٌ بها من خلفها وأمامها
وسبطي رسول الله ريحانتيه والــــ
أئمة من أعقابه وفئامها
وأصحابه الموفين إيمان عهده
وبيعته في بدئها واختتامها
..
بغضُ عليٍ عنوان كفر... محمد بن علي الشوكاني
[السريع]
إنَّ امْرَءًا عَادَى إمامَ الهُدَى
مَنْ جاءَ فِيهِ كُلُّ مَعْنىً صَحيحْ
وقال فيه الْمُصْطَفَى: بُغْضُهُ
عُنْوانُ كُفْرٍ ونِفاقٍ صَريحْ
لَيْسَ بِأهْلٍ للتَّوَليِّ وَلا
للذَّبِّ عَنْ عِرْضٍ مَريضٍ جَرِيحْ
والحَقُّ لا يَخْفَى عَلَى عالِمٍ
يَمْرَحُ في مِضْمارِ عِلْمٍ فَسيحْ
لِكنَّها الأَهْواءُ مَنْ لَمْ يكُنْ
ذا نِصْفَةٍ يَهْوِي بِها أو يُطيحْ
* نقلا عن : المسيرة نت
في السبت 25 فبراير-شباط 2023 06:20:10 م